التجار يتفادون شراء النفط الروسي رغم العروض الرخيصة

التجار يرفضون شراء النفط الروسي رغم العروض الرخيصة

03 مارس 2022
غلاء الوقود صداع جديد لاقتصادات العالم التي تعاني من التضخم (Getty)
+ الخط -

رغم أنّ خامات النفط الروسية تعرض في الأسواق حالياً بحسومات تراوح بين 15 و18 دولاراً للبرميل عن سعر خام برنت، فإنّ بيوت الوساطة التي تتاجر في النفط والمصافي العالمية تتفادى التعاقد على صفقات نفط روسية.

وقالت نشرة "ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس" في تحليل مساء الثلاثاء، إنّ المصافي حول العالم توقف معظمها عن شراء النفط الروسي. وعلى الرغم أنه لم يتم بعد حظر التجارة مع روسيا في الطاقة، إلا أن الحظر المالي المشدد وطرد العديد من البنوك التجارية الروسية الكبرى من نظام الحوالات المالية الدولية "سويفت" يقلق التجار.
وتجد شركات الوساطة النفطية والمصارف الاستثمارية صعوبة في التعامل مع الشركات النفطية الروسية بسبب التعقيدات الخاصة بفتح خطابات الاعتمادات المستندية لدى البنوك الغربية وخدمات التسوية المالية للصفقات، وحتى شركات المصافي الصينية المستقلة تتفادى شراء الخامات الروسية.
من جانبهم، قال محللون في مصرف "آي أن جي" الهولندي في مذكرة للعملاء: "رغم أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها استثنوا صادرات الطاقة الروسية من الحظر الاقتصادي، فإنّ السوق النفطية قلقة من التعامل مع الشركات الروسية، كذلك أنّ تجار النفط فقدوا شهية التعاقد على صفقات نفط روسية".
وحسب نشرة "ستاندرد آند بورز"، أوقفت مصافٍ عديدة شراء الخامات الروسية، من بينها مصافي "بريم" في السويد، ومصافي "نسلة أو أي جي" في فنلندا، ومصفاة "أوليري إنيرجي" الأميركية بولاية تكساس.

كذلك تراقب مصافٍ أخرى مسار الحظر قبل التعاقد على شحنات روسية جديدة، من بينها مصفاة "أو أم في" في النمسا، ومصفاة "أم أو أل" في هنغاريا.
من جانبها، قالت مصفاة "هيلينك بتروليوم" في اليونان إنّها تستورد حصة 15% من الخامات الروسية، وستسبدلها بخامات من الدول العربية.
ورغم أنّ الصين التي تتحالف مع روسيا لن تشارك في الحظر المالي والاقتصادي ضد روسيا، إلّا أنّ شركات مصافٍ مستقلة في الصين قالت إنها تجد صعوبة في التعاقد على صفقات نفط روسية بسبب التعقيدات التي يضعها الحظر في تسوية الصفقات وخطابات الاعتماد في البنوك.

وتنتج روسيا نحو 11.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام، وتصدّر للأسواق العالمية نحو 7 ملايين برميل قبل حرب أوكرانيا.
لكن في الوقت الراهن، تصدر للأسواق العالمية كميات تراوح بين 4 إلى 5 ملايين برميل يومياً من النفط الخام، وكميات تراوح بين مليونين إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً من المنتجات المكررة. وتحتاج روسيا في الوقت الراهن بشدة إلى الحصول على العملات الصعبة حتى تتمكن من إنقاذ بنوكها من الإفلاس وتقلل مخاطر الحظر على نصف احتياطياتها من النقد الأجنبي.
وقال تاجر وساطة نفطية في ميناء نيويورك لـ"رويترز" أمس الأربعاء: "التجار لا يشترون حالياً النفط الروسي، قد ترى بعض السفن المحملة بالخامات الروسية في الميناء، ولكنها صفقات قديمة جرى التعاقد عليها قبل الغزو".

وأضاف: "قد لا يكون هنالك شحنات جديدة، لا أحد حالياً يرغب في شراء النفط الروسي والمساهمة في تمويل الحرب الروسية ضد أوكرانيا".
من جانبها قالت رئيسة شركة "آي أس أيه آي" للوساطة النفطية في نيويورك، سارة إميرسون، إنّها ليست مندهشة من "تفادي بيوت الوساطة النفطية والمصافي شراء الخامات الروسية، فهنالك ضبابية في الحظر المالي على المؤسسات المالية الروسية".
وفي الواقع، لا تزال إدارة "سويفت" تنتظر قائمة المصارف والمؤسسات المالية الروسية التي يشملها الطرد من تعاملاتها. ويتخوف تجار النفط كذلك من عمليات إفلاس تضرب المصارف التي يتعاملون معها في روسيا.

ورغم أنّ هنالك نحو 63 مصرفاً أجنبياً في روسيا يمكن التعامل معها، إلا أنّ السلطات المالية في موسكو تشدد من قيود خروج الدولارات والنقد الأجنبي من البلاد.

وكان السيناتور الأميركي، أيد ماركي، قد انتقد استيراد النفط الروسي. وقدر ماركي قيمة الصفقات النفطية التي استوردتها الولايات المتحدة في عام 2021 بنحو 17.4 مليار دولار.
ويأتي تفادي شراء النفط الروسي على الرغم من أنّ أسعار خام برنت قفزت إلى نحو 111 دولاراً للبرميل أمس الأربعاء، لأول مرة وسط النقص الكبير في الإمدادات النفطية التي دفعت الولايات المتحدة إلى إعلان طرح كميات جديدة من خامات احتياطات المخزون الاستراتيجي.

وحسب وكالة "فرانس برس"، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، في أول خطاب له حول حال الاتحاد أمام الكونغرس مساء الثلاثاء، أنّ الولايات المتحدة ستطرح في الأسواق 30 مليون برميل نفط من احتياطها الاستراتيجي بهدف تهدئة المخاوف الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال بايدن إنّ "الولايات المتّحدة عملت مع 30 دولة أخرى لضخّ 60 مليون برميل نفط من الاحتياطيات حول العالم.

وفي ذات التشديد المالي وعزل روسيا من أسواق العالم، قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إنّهم لا يستبعدون حظر النفط الروسي إذا واصلت روسيا غزوها لأوكرانيا.

ودعا نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني بالبيت الأبيض، بهارات رامامورتي، شركات النفط والغاز الأميركية إلى زيادة الإنتاج، في ظل ارتفاع الأسعار للغاية.
ويتواصل الغضب الدولي العارم ضد الضربات العسكرية الروسية التي استهدفت السكان في مدن أوكرانيا، وباتت ترتفع دعوات أوروبية تطالب بعزل كامل المؤسسات المالية الروسية من نظام الحوالات المالية العالمية بين البنوك "سويفت".

المساهمون