البنك المركزي اليمني يفتح مزاد أدوات الدين المحلي رغم التحذيرات

09 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 21:48 (توقيت القدس)
البنك المركزي اليمني، 23 يونيو 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن البنك المركزي اليمني عن مزادين لأدوات الدين العام المحلي، أحدهما طويل الأجل بسندات خزينة لمدة ثلاث سنوات والآخر قصير الأجل بأذونات الخزانة لمدة سنة، بقيمة 10 مليار و500 مليون ريال يمني، لحل مشكلة السيولة بعيداً عن الطباعة والسحب على المكشوف.
- حذر خبراء من مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة (18-20%) وتأثيرها على الاستثمار الخاص واستقرار سعر الصرف، مما قد يؤدي إلى خسائر للمستثمرين وزيادة الضغوط المالية.
- أثار الإعلان تساؤلات حول جدوى المزادات في ظل التجارب السابقة، حيث ناقش محافظ البنك المركزي ومدراء البنوك الوضع النقدي وشحة السيولة، مؤكدين على أهمية اللقاءات المنتظمة لتحقيق الاستقرار المالي.

أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، عن فتح مزادين من أدوات الدين العام المحلي طويلة الأجل والمتمثلة بسندات خزينة بأجل (3 سنوات) وقصيرة الأجل والمتمثلة بأذونات الخزانة بأجل لفترة تصل إلى سنة واحدة. وبحسب البنك المركزي الحكومي، سيتم قبول عطاءات المشاركين ابتداءً غد الأربعاء، مع تحديد القيمة المبدئية الكلية للمزاد طويل الأجل عند 10 مليار ريال يمني وللمزاد قصير الأجل عند 500 مليون ريال يمني قابلة للزيادة عند الحاجة.

يأتي ذلك وسط تحذيرات خبراء اقتصاد ومصرفين من الإقدام على مثل هذه الخطوة في ظل الوضع الراهن، مع عدم توفر ضمانات شراء السندات، ووضع سعر صرف العملة المحلية المحفوف بالمخاطر، حيث قد تؤدي مزادات الدين العام المحلي إلى عودة انهيار سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.

المصرفي اليمني علي التويتي، تحدث في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد"، بالإشارة إلى أن ذلك يعني اقتراض أموال مقابل فائدة وليست طويلة الأجل وإنما قصيرة، لأن طويلة الأجل قد تصل لفترة 30 أو 20 عاماً، لكن الأهم هنا كما يحذر منه هذا المصرفي قد يكون في عملية شراء السندات التي لن تجد من يشتريها، وكذا في عدم توفير أي ضمانات لعدم انهيار سعر صرف الريال.

وبالرغم من كون هذا التوجه إشارة واضحة إلى بحث البنك المركزي عن خيارات لحل مشكلة السيولة والأزمة المالية بعيداً عن ما اعتاد عليه سابقاً باللجوء للطباعة والسحب على المكشوف؛ غير أنها من وجهة نظر خبراء ومستشارون اقتصاديون ومصرفيون، خطوة لا تخلو من تحديات ومخاطر عديدة، فأسعار الفائدة المرتفعة (18–20%) قد تؤدي إلى ما يعرف بظاهرة مزاحمة الاستثمار الخاص في ظل اتجاه البنوك ورؤوس الأموال إلى الاكتتاب في أدوات الدين باعتبارها مضمونة وعالية العائد، على حساب تمويل النشاط الإنتاجي، كما أن تراكم التزامات خدمة الدين.

للتوضيح أكثر، يشرح التويتي أنه "على سبيل المثال قمت بشراء سند قيمته مليار ريال وبفائدة سنوية 20%، هذا يعني 200 مليون سنوياً، والفائدة ستكون 600 مليون خلال ثلاث سنوات، لكن هذه الفوائد مخاطرها عالية جداً. فسعر الصرف يصل حالياً إلى نحو 1600 ريال مقابل الدولار، ففي حالة الاستقرار سيكون هناك ربح، غير أنه غير مضمون، ففي حالة حصل انهيار إلى 2900 أو 3000 ريال للدولار، ساعتها ستكون خسارة هذا السند نحو 400 مليون ريال يمني". هذا إضافة إلى وجود تحدي آخر يتمثل في مخاطر تراكم خدمة الدين في ظل هذه الظروف، حيث قد تؤدي مثل هذه الخطوة إلى زيادة الضغوط على المالية العامة مستقبلاً إذا لم تقترن هذه السياسة بزيادة فعلية في الإيرادات السيادية، وخاصة في ظل غياب عائدات النفط.

ويتفق الخبير الاقتصادي محمد المفلحي، أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة عدن، في حديث لـ"العربي الجديد"، مع ما طرحه التويتي بخصوص المخاطر والتحديات في شراء السندات وضمانات عدم انهيار العملة، حيث تعتبر مثل هذه التحديات بمثابة فخ قد يكون له تبعات سلبية على الوضع المالي والمصرفي في ظل تفاقم أزمة السيولة إلى مستويات مقلقة.

علاوة على ذلك، تثير تساؤلات حول جدوى هذه المزادات، خاصة في ظل التجارب السابقة التي شهدتها البلاد بعد الحرب، حيث لم تتمكن البنوك من استعادة استثماراتها في أذون الخزانة والسندات الحكومية، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان الثقة في الاستثمار في هذه الأدوات مرة أخرى في ظل ما يعانيه البلد من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وكان محافظ البنك المركزي في عدن قد عقد اجتماع في هذا الخصوص مع مدراء البنوك العاملة في اليمن لمناقشة الوضع النقدي الحالي وشحة السيولة بالعملة الوطنية وأسبابها والحلول المحتملة ووضع بعض التوصيات والمقترحات للحل، حيث تم الاتفاق على أهمية عقد مثل هذه اللقاءات بشكل منتظم للوقوف على الوضع المصرفي والنقدي لتدارس المقترحات والتوصيات بما يساعد في تحقيق الاستقرار وتطوير القطاع المصرفي اليمني.

المساهمون