استمع إلى الملخص
- أشار أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي إلى مخاطر الاقتراض من البنك المركزي لسد العجز وتأثيره السلبي على مكافحة التضخم، مع انتقادات لتخصيص الجزء الأكبر من الموازنة للأجور ونفقات التسيير.
- يتوقع الشكندالي أن يؤدي توجيه تمويلات البنك المركزي لسداد الديون الخارجية إلى صعوبات اقتصادية، مما يعيق تحقيق نسبة النمو المستهدفة 3.2%.
أقرت غرفتا البرلمان في تونس مشروع قانون موازنة 2025 بعد التصديق على كامل المشروع من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للأقاليم والجهات مع إحالة بعض الفصول الخلافية للنظر فيها في إطار جلسة توافقية ستُعقد غداً الجمعة. وصدّق المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان)، مساء أمس الأربعاء على مشروع موازنة تونس 2025 بموافقة 65 صوتًا، كذلك حظي المشروع ذاته الاثنين الماضي بتصديق مجلس نواب الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) بالتصويت عليه من قبل 87 نائباً.
ووفق الدستور التونسي يعرض قانون الموازنة على الغرفتين البرلمانيتين للنقاش والتصديق عليها، على أن يُعاد النظر في الفصول الخلافية، في إطار جلسة مشتركة بين البرلمانين قبل تاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول من كل سنة الذي حدد كآخر أجل دستوري للتصويت على قانون الموازنة. وتبلغ نفقات موازنة 2025 نحو 78.2 مليار دينار (حوالى 25 مليار دولار) بزيادة بلغت نحو 2.5 مليار دينار عن النتائج المتوقعة لموازنة 2024، من بينها نحو 9.4 مليارات دولار من القروض الداخلية والخارجية.
وتشير وثيقة مشروع قانون موازنة 2025 المُصدَّق عليها من الغرفتين إلى أن حجم القروض الداخلية سيتضاعف ليصل إلى 7.08 مليارات دولار من 3.57 مليارات دولار العام الماضي، بينما سيتراجع حجم القروض الخارجية إلى 1.98 مليار دولار في 2025 مقارنة بـ 5.32 مليارات دولار في 2024. بينما يتوقع أن يصل العجز المالي إلى 3.18 مليارات دولار العام المقبل. كذلك وافقت الغرفتان البرلمانيتان على مقترح تقدمت به وزارة المالية، ينص على الترخيص للبنك المركزي بمنح تسهيلات لصالح الخزينة العامة للبلاد بقيمة 2.2 مليار دولار، تمنح بفائدة صفرية وتسدد على 15 سنة، منها 3 سنوات فترة سماح.
حلول مكلفة لسد عجز موازنة 2025
من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، إن "الدولة تلجأ مرة أخرى إلى الحلول السهلة والمكلفة، وهو الاقتراض المباشر من البنك المركزي بالمبلغ نفسه، وهو 7 مليارات دينار بعد تصديق البرلمان على مقترح إضافة فصل في قانون المالية لسنة 2025 الاثنين الماضي". وأكد الشكندالي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "في ظل عدم القدرة على تعبئة الموارد الخارجية من العملة الصعبة عبر الاقتراض، تلجأ الحكومة للعام الثاني على التوالي إلى الاقتراض من البنك المركزي".
واعتبر الخبير الاقتصادي أن "هذا الصنف من التمويلات يشكل خطراً على مسار مكافحة التضخم، نظراً لتوجيه الحكومة للقسط الأكبر من موارد الموازنة نحو سداد الأجور ونفقات التسيير مقابل تخصيص 5.4 مليارات دينار فقط للتنمية من مجموع موازنة تقدر بنحو 78.2 مليار دينار". وانتقد الشكندالي "إصرار البنك المركزي التونسي على تثبيت سعر الفائدة عند مستوى 8% بهدف كبح القروض الاستهلاكية والحد من السيولة النقدية في السوق مقابل الموافقة على منح تسهيلات لفائدة خزينة الدولة بمبالغ ضخمة تزيد مخاطر تضخم الكتلة النقدية المتداولة".
ورجح الشكندالي أن "يتسبب توجيه جزء من تمويلات رصيد البنك المركزي نحو سداد أقساط الديون الخارجية في إضعاف مخزونات العملة الصعبة وصعوبات في توفير النقد الأجنبي لتمويل واردات الغذاء والمواد الأساسية ونصف المصنعة الضرورية لعملية الإنتاج"، حيث "سينتج من هذه العوامل ركود اقتصادي جديد ولن تتمكن تونس من بلوغ نسبة النمو المنتظرة والمقدرة بنحو 3.2%" بحسب الخبير الاقتصادي.
وحقق الاقتصاد التونسي نمواً بنسبة 1% في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وفق بيانات رسمية نشرها معهد الإحصاء الحكومي الشهر الماضي. ونما الاقتصاد التونسي في الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 0.8% مقارنة بالربع الثاني، بينما نما بنسبة 1.8% بحساب الانزلاق السنوي. وأرجع المعهد تحسن مؤشرات النمو إلى انتعاش أنشطة القطاع الزراعي بعد سنوات من التراجع بسبب تداعيات التغير المناخي.
(الدولار= 3.17 دنانير تونسية)