الاستيراد من الصين والهند يهدد "زبيب" اليمن

الاستيراد من الصين والهند يهدد "زبيب" اليمن

21 مايو 2021
إقبال على شراء المكسرات والزبيب في المواسم (Getty)
+ الخط -

يوجه اليمنيون أنظارهم طوال العام إلى بعض السلع والمنتجات والحلويات والمكسرات التي تمثل لهم أولوية يحرصون على شرائها رغم تردي الأوضاع المعيشية وتسببها في إسقاط العديد من الأولويات والاحتياجات.
ويأتي الزبيب (العنب المجفف) في طليعة هذه السلع التي يعمدون إلى شرائها رغم ارتفاع أسعارها بصورة قياسية هذا العام، لتراجع الإنتاج المحلي والذي رافقه غزو الأصناف المستوردة والتي وصلت إلى عمق تقاليد ومنتجات ومزارع وحرف ومصانع اليمنيين.
ويصطف الزبيب الصيني والهندي إلى جانب فاكهة العنب المجففة اليمنية الشهيرة، بحسب ما رصدته "العربي الجديد"، في جولة ميدانية على بعض الأسواق المحلية خصوصاً التاريخية في صنعاء، وهو منظر أصبح مألوفاً بالنسبة للمتسوقين الذين اعتادوا خلال الفترة الماضية، إذ يُشاهد "الزبيب" المستورد وهو ينافس المنتج اليمني الذي تقتات عليه مئات الأسر من مزارعين وتجار وباعة ولا يستغني عنه اليمنيون في مناسباتهم السعيدة.
ويعتبر بائع زبيب وحلويات في صنعاء، عبد الكريم الوراق، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن فاكهة العنب المجففة اليمنية من الزبيب البياض أجود أنواع الزبيب المنتج محلياً، إضافة إلى الأصناف التي تميل إلى اللون الأسود والزبيب الرازقي.

ويقول إن هذه الأصناف اليمنية غالية الثمن لجودتها العالية، مشيراً إلى أن هناك زبيباً خارجياً مستورداً من أكثر من بلد، بالذات الصين التي تأتي في المرتبة الأولى ومن ثم الهند، ثمنه مرتفع بسبب زيادة رسوم الضرائب والجمارك.
وبالرغم من إغراق السوق بالزبيب المستورد وانخفاض القوة الشرائية، إلا أن أسعاره تشهد ارتفاعا متواصلا خصوصاً في المناسبات، إذ يصل سعر الكيلوغرام من هذه الفاكهة المجففة إلى نحو 3 آلاف ريال يمني (الدولار = نحو 600 ريال) للكيلوغرام، فيما تبلغ أسعار بعض الأصناف ما يناهز 7 و10 آلاف ريال للكيلوغرام.
من جانبه، يقول بائع الزبيب، رسام الخولاني، لـ"العربي الجديد"، إن هذه السلعة تختلف جودتها بحسب المنطقة التي تنتجها، فمثلاً "زبيب البياض" الذي تشتهر منطقة خولان جنوب شرقي صنعاء بإنتاجه يعد من الأصناف الراقية التي يحرص اليمنيون على شرائها، وتنتج نفس الأصناف في منطقة "بني حشيش" شرقي العاصمة اليمنية والتي تعد من أهم مناطق زراعة العنب في اليمن.
وهناك "زبيب الروضة" ذائع الصيت في اليمن، لكنه تلاشى أخيراً من الأسواق بسبب ما طاول المنطقة التي تنتجه ويحمل اسمها في صنعاء من تجريف للأراضي الزراعية نتيجة الزحف العمراني الذي تعرضت له هذه المنطقة.
ويتطرق مزارع عنب، مختار الخولاني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن موسم الزبيب لهذا العام قلّ نسبياً مقارنة بموسم إنتاج العام بسبب الأمطار التي أثرت على محصول العنب، إضافة إلى تعرض أشجار هذه الفاكهة للآفات الزراعية التي قضت على نسبة كبيرة من المحصول.
وحسب آخر بيانات مسح ميزانية الأسر في اليمن، صادرة قبل الحرب عن الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي)، فإن الزبيب يتصدر إنفاق الأسر اليمنية بنحو 3 مليارات ريال سنوياً من 5 مليارات ريال إجمالي الإنفاق على الفواكه المجففة والحلويات والمكسرات، إذ لم تؤثر الحرب وتردي الأوضاع المعيشية وما رافقها من تغيّر في أولويات اليمنيين الغذائية والاستهلاكية على حجم الإنفاق بالنظر لإقدام المواطنين على تخفيض حجم الكميات المستهلكة لبعض الأصناف مقارنة بالزيادة المضاعفة في أسعارها مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الحرب.

حسب آخر بيانات مسح ميزانية الأسر في اليمن، صادرة قبل الحرب عن الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي)، فإن الزبيب يتصدر إنفاق الأسر اليمنية بنحو 3 مليارات ريال سنوياً


ويقول المواطن، حسام علي، لـ"العربي الجديد"، إن أسراً يمنية كثيرة تعمدت اتباع بعض الطرق لتوفير الزبيب رغم ارتفاع أسعاره ومنها تخفيض الكمية التي يتم شراؤها بأكثر من النصف.
وللحصول على الزبيب يتم العمل على تجفيف فاكهة العنب بواسطة الشمس أو استخدام آلات تجفيف كهربائية وتحويله إلى منتج يحظى بانتشار كبير في مختلف المدن والمناطق اليمنية، وهناك كميات كان يتم تسويقها وتصديرها إلى الأسواق الخارجية.
ولا يخلو بيت في اليمن من الزبيب لقيمته الغذائية العالية، خصوصاً لأصناف البياض والرازقي والأسود بسبب خصوبة الأرض الزراعية التي تنتجها، حسب مراقبين.
وبالرغم من تبعات الحرب الكارثية على الاقتصاد اليمني وانهيار العملة الوطنية ونفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي، وتأثير ذلك على حركة الاستيراد والتصدير مع إغلاق كثير من المنافذ اليمنية، إلا أن السلع المستوردة بالأخص السلع الاستهلاكية الكمالية استمرت بالتدفق عبر الحدود وإغراق الأسواق اليمنية، مع وصول ذلك إلى مستوى منتجات تقليدية يتميز اليمن بإنتاجها؛ ومنها الزبيب وأصناف أخرى من المكسرات والحلويات مثل الفستق واللوز.

المساهمون