استمع إلى الملخص
- أبدت رئيسة المفوضية الأوروبية استعداد الاتحاد للتفاوض مع ترامب، مشيرة إلى أهمية الحوار المبكر وحماية المصالح المشتركة، مع تحسين العلاقات مع دول أخرى مثل الصين والهند.
- تسعى دول الاتحاد لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في الدفاع والطاقة، وسط توترات مع روسيا، مع دعوة ترامب لزيادة الإنفاق الدفاعي وترقب مقترحاته بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادات للاتحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي، في أول خطاب رئيسي له أمام جمهور عالمي منذ بدء ولايته الثانية في البيت الأبيض، يوم الاثنين الماضي. وعززت هذه الانتقادات مخاوف بروكسل بشأن مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال ترامب من واشنطن، عبر تقنية التصوير المرئي: "لدينا عجز (تجاري) مع الاتحاد الأوروبي يقدر بمئات المليارات من الدولارات، ولا يرضي ذلك أحداً، وسنقوم بعمل ما" لحل هذه المشكلة.
وفي خطابه الذي استمر قرابة ساعة أمام قادة الأعمال والسياسة المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي بمنتجع دافوس في سويسرا، قال ترامب إن بلاده تُعامل "على نحو غير عادل... وسيّئ للغاية" من الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، بسبب قواعد الأعمال والتجارة الخاصة بالتكتل. كما اتهم الرئيس الأميركي الاتحاد الأوروبي بالعزوف عن شراء المنتجات الزراعية والسيارات من بلاده، وأعرب عن استيائه من أن أوروبا لا تشتري كميات كافية من النفط والغاز من أميركا.
وكان ترامب، أثناء حملته الانتخابية، أشار مجدداً إلى خطط فرض رسوم جمركية إضافية تتراوح قيمتها بين 10% و20% على واردات بلاده من الاتحاد الأوروبي، وقال إن من شأن هذه العائدات تعزيز الصناعات المحلية ومعالجة العجز التجاري.
وقد كان هناك خلاف تجاري عنيف بين أميركا والتكتل الأوروبي خلال فترة ولاية ترامب الأولى. وفرض ترامب في عام 2018 رسوماً جمركية على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألومنيوم، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الرد بفرض رسوم جمركية على المنتجات الأميركية الواردة لأسواقه، مثل الدراجات النارية طراز هارلي ديفيدسون، وويسكي البوربون، والملابس الجينز.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في خطابها أمام دافوس، يوم الثلاثاء الماضي، إن التكتل مستعد للتحدث مع ترامب وإن "الأولوية القصوى للاتحاد الأوروبي سوف تكون الانخراط مبكراً ومناقشة المصالح المشتركة والاستعداد للتفاوض". وأضافت فون دير لاين : "سوف نتسم بالبراغماتية، لكننا سنتمسك دوماً بمبادئنا... لحماية مصالحنا، والحفاظ على قيمنا".
وتبنت فون ديرلاين نبرة تصالحية عموماً في خطابها، دون التطرق إلى الرئيس الأميركي مباشرة. ورغم ذلك، شددت رئيسة المفوضية على أن العالم في سبيله لدخول "حقبة جديدة من المنافسة الجيوستراتيجية القوية"، وأن الاتحاد الأوروبي سوف يسعى إلى تحسين العلاقات مع الصين، ودول أخرى مثل الهند، مع احتدام المنافسة العالمية. وأشارت فون ديرلاين أيضاً إلى نتائج محادثات الاتحاد الأوروبي مع الدول الأربع أعضاء تجمع ميركسور (السوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية) البرازيل والأرجنتين وبارغواي وأوروغواي)، إضافة إلى المكسيك وسويسرا، باعتبارها نجاحات حققتها المشاركة الأوروبية.
ترامب يهدد بفرص رسوم جمركية
وكرر الرئيس الأميركي في خطابه أمام دافوس تعهداً سابقاً صدر عنه عقب أدائه اليمين الدستورية، باستهداف الاتحاد الأوروبي بالرسوم الجمركية، مشيراً إلى تصويب مظاهر الخلل التجاري للتكتل مع بلاده، كما سلط الضوء على عجز تجاري بقيمة 350 مليار دولار مع الاتحاد. كانت المفوضية الأوروبية رفضت في وقت سابق ما ردده ترامب بشأن وجود عجز قيمته 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي.
وقال متحدث باسم المفوضية إن هذا العجز لا وجود له، وإن لدى الجانبين نقاط قوة متكاملة، مضيفاً: "لدينا فائض في تجارة السلع، ولدى الولايات المتحدة فائض في تجارة الخدمات". وبحسب بيانات الاتحاد الأوروبي، بلغت قيمة الصادرات السلعية الأمريكية للتكتل 347.1 مليار يورو في عام 2023، مقابل 503.8 مليارات يورو قيمة واردات الولايات المتحدة من الاتحاد.
وأوضح المتحدث أن صادرات الولايات المتحدة من الخدمات للاتحاد الأوروبي بلغت 396.4 مليار يورو في نفس العام، مقابل 292.4 مليار يورو قيمة وارداتها من التكتل. وتكرر الحديث عن المخاوف بشأن التجارة مع أميركا بالنسبة للاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع الأول من ولاية ترامب، الثانية، وقد ظهر في بروكسل شعار مفاده: الاحتفاظ بالهدوء والالتزام بنهج مدروس.
وقالت تيريزا ريبيرا، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي "يفضل تجنب المواجهة"، وذلك في مؤتمر بالعاصمة البلجيكية نظمته الشبكة البحثية "منتدى الاقتصاد الجديد"، مضيفة "يتعين على الاتحاد الأوروبي الحفاظ على هدوء أعصابه."وأضافت ريبيرا: "لا يبدو من الملائم اعتقاد أن أفضل رد يمكن تقديمه على الاستفزازات هو تصعيد الاستفزازات."
وسرعان ما ظهرت قضيتا الدفاع والطاقة بصفتهما مجالين يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحسين العلاقات فيهما مع الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب وتعويض أسباب الخلاف في العلاقات التجارية. وتعهد رئيس وزراء كرواتيا أندريه بلينكوفيتش في تهنئته لترامب ببدء الولاية الجديدة، بتعزيز التعاون بين بلاده وأميركا في المجال العسكري، ومجال الطاقة.
وغرد بلينكوفيتش عبر منصة إكس للتواصل الاجتماعي قائلاً: "نتطلع إلى العمل مع الرئيس ترامب وإدارته من أجل تعزيز شراكتنا الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. سوف نبني على تعاوننا القوي في المجال العسكري ومجال الطاقة". من جانبه، قال رئيس وزراء سلوفينيا روبرت غولوب إنه يريد ترقية مستوى العلاقات الثنائية بين بلاده وأميركا وتعزيز العلاقات مع تولي ترامب منصبه.
وذكر رئيس وزراء بلغاريا السابق، وعضو المعارضة حالياً كيريل بيتكوف، أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض "يجب أن تشكل حافزاً" لدفع جهود الدفاع في أوروبا. وقال بيتكوف إن إمدادات الغاز الطبيعي المسال من أميركا سوف تكون "أكثر تنافسية" في السوق الأوروبية، بما يتوافق مع سياسة ترامب في مجال الطاقة، وبما يقلل من اعتماد القارة على الوقود الأحفوري من روسيا.
ويأتي تحرك الاتحاد الأوروبي لخفض الاعتماد على مصادر الطاقة من روسيا على خلفية التهديد المتزايد بأن حرب الكرملين على أوكرانيا قد تعرض أمن التكتل للخطر. وفي الوقت نفسه، طالب ترامب- الذي يعارض شراء الاتحاد الأوروبي مصادر الطاقة من روسيا فيما تتحمل الولايات المتحدة تكلفة كبيرة للدفاع عن أوروبا في إطار حلف الناتو- الدول الأعضاء في التحالف العسكري إلى زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي لديها، أي أكثر من ضعف الحد الأدنى الحالي، الذي يبلغ 2%.
واستغلت بولندا، باعتبارها الدولة العضو الوحيدة في الناتو التي لها حدود مشتركة مع روسيا وأوكرانيا، عودة ترامب إلى البيت الأبيض لتمارس ضغوطاً على الحلف من أجل اتخاذ مزيد من الخطوات للدفاع عن نفسه.
وقال رئيس وزراء بولندا دونالد توسك، أمام البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء الماضي: "لا تسألوا أميركا عما يمكنها أن تفعل من أجل أمننا. اسألوا أنفسكم ما الذي يمكننا أن نفعله من أجل أمننا"، في ترديد لصدى قول الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي، قبل عقود، والذي قال فيه: "لا تسأل عما يمكن أن يفعله بلدك لك، اسأل ما يمكنك القيام به لبلدك".
ودعا توسك شركاءه الأوروبيين إلى قراءة مطالبة ترامب بأن تستثمر دول حلف الأطلسي 5% من ناتجها المحلي الإجمالي في مجال الدفاع، على أنه "تحدٍ إيجابي... فالحليف وحده هو الذي يمكن أن يتمنى أن يكون حليفه أقوى".
لننظر إلى الإيجابيات
وشددت دول أخرى على ما تراه إيجابيات، إذ قال رئيس جمهورية التشيك بيتر بافيل إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تشكل، قبل كل شيء فرصة، وأضاف أنه يترقب مقترحات الإدارة الأميركية الجديدة بشأن أوكرانيا وكيفية إنهاء الحرب.
وقال بافيل للصحفين خلال زيارة لمونتنيغرو (الجبل الأسود): "لننظر إلى الأمر بإيجابية. ما الذي يمكن أن نستفيده من لحظة الترقب هذه التي أتت بها الإدارة الجديدة، خاصة في ما يتعلق بإنهاء الحرب في أوكرانيا".
وتتصدى أوكرانيا لعدوان روسي شامل على أراضيها منذ قرابة ثلاث سنوات، وذلك بفضل المساعدات العسكرية، وأوجه العون الأخرى التي يقدمها الغرب، خاصة الولايات المتحدة. وقال الرئيس ترامب، قبل بضعة أيام، إنه يأمل في التوصل لوقف إطلاق النار خلال الأشهر الستة الأولى من رئاسته، الثانية. وكان ترامب زعم في وقت سابق أنه سوف ينهي الحرب خلال أربع وعشرين ساعة من عودته إلى البيت الأبيض.
(أسوشييتد برس)