الإيرانيون يخزنون السلع... ومخاوف إسرائيلية من استنزاف طويل

15 يونيو 2025
مبنى مدمر بغارة إسرائيلية على طهران، 13 يونيو 2025 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تشهد الأسواق الإيرانية قلقاً بسبب التوترات مع إسرائيل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الدولار والذهب، بينما تؤكد وزارة الزراعة الإيرانية توفر السلع الأساسية واستقرار السوق.
- دعا وزير الجهاد الزراعي الإيراني المواطنين إلى عدم القلق، مشيراً إلى أن الإنتاج الزراعي يسير بشكل جيد، وأكد الرئيس الإيراني على أهمية الوحدة الوطنية وتجنب الشائعات.
- تتوقع صحيفة كالكاليست الإسرائيلية سيناريوهين: إما انتعاش اقتصادي في حال نجاح الضربات، أو حرب استنزاف طويلة تؤدي إلى زيادة الإنفاق العسكري وتفاقم الأوضاع الاقتصادية.

تسيطر المخاوف على الأسواق الإيرانية والمستهلكين من اندلاع حرب واسعة مع إسرائيل، حيث شهدت محطات الوقود والمخابز في بعض المناطق إقبالاً متزايداً، أمس، لتخرج وزارة الزراعة وتعلن توفر السلع في المتاجر ومنافذ التوزيع، مشيرة إلى أن المخزونات الاستراتيجية كافية، في محاولة لتهدئة الخائفين من مقبل الأيام.

ولم تظهر تداعيات الهجمات الإسرائيلية، التي بدأت فجر الجمعة الماضي، فوراً في الأسواق الإيرانية، نظراً لأن الأسواق كانت مغلقة وهو يوم عطلة رسمية، إلا أنه مع بدء السوق الموازي للعملات نشاطه الجزئي، أمس السبت، رغم أنه عطلة أيضاً، بدأت تظهر تدريجياً الآثار الاقتصادية للمواجهة العسكرية، إذ ارتفع سعر صرف الدولار، وازدادت أسعار الذهب، وسط توقعات بأن استمرار التصعيد من شأنه أن يزيد من تعقيد الأوضاع المعيشية ويزعزع استقرار الأسواق أكثر.

وقال المتعامل في سوق الصرف غلام رضا، لـ"العربي الجديد"، إن سعر الدولار سجل قفزات، أمس، إلى 960 ألف ريال (96 ألف تومان)، بزيادة قدرها 130 ألف ريال مقارنة بيوم الخميس الماضي. وأشار رضا إلى أن أسعار الذهب سجلت ارتفاعاً أيضاً متأثرةً بصعود الدولار، إذ يلجأ المواطنون عادة في مثل هذه الظروف إلى شراء المعدن النفيس كونه خياراً آمناً للحفاظ على قيمة مدخراتهم.

في المقابل، أكد وزير الجهاد الزراعي الإيراني، غلامرضا نوري قزلجه، في تصريحات، أمس، أن تأمين السلع الأساسية في البلاد "مستمر بوتيرته الاعتيادية، ولا توجد أي مشكلة في هذا الجانب"، مشيراً إلى أن إنتاج المحاصيل وتوفير السلع الرئيسية يسيران كما في السابق.

وأضاف الوزير، وفقاً لوكالة تسنيم المحافظة، أنه "بالنظر إلى الظروف الراهنة، تم تكثيف الجهود والتعاون بين المنتجين والمورّدين، وجميع الفاعلين في سوق المواد الغذائية والسلع الأساسية يعملون بكل جدية لتنظيم السوق"، مشدداً على أن السلع الضرورية متوافرة بكثرة في الأسواق والمتاجر ومراكز التوزيع، وأن المخزونات الاستراتيجية كافية.

وأوضح أن الحكومة ووزارة الجهاد الزراعي تتابعان عن كثب أوضاع السوق، وتديران عمليات التوريد وتنظيم السوق من خلال اجتماعات تنسيقية لمواكبة التطورات والبحث عن الحلول المناسبة. كما أشار إلى اتخاذ قرارات لتسريع عملية الإفراج عن السلع من الجمارك والموانئ، وتسهيل تسجيل الطلبات وتوفير العملة للموردين وتسوية مستحقاتهم المالية، موضحاً أن صرف مستحقات المزارعين ومنتجي القمح وتوزيع السلع يتم تحت إشراف تام من الوزارة والجهات الرقابية، "ولا توجد أية معوقات في هذا الشأن".

ودعا وزير الجهاد الزراعي الإيراني المواطنين إلى عدم القلق بشأن وفرة السلع الأساسية، قائلاً: "لحسن الحظ نحن في موسم الإنتاج الزراعي والمنتجون والمورّدون يبذلون جهوداً كبيرة، لذلك ليست هناك حاجة لتخزين أو شراء السلع بشكل مسبق".

وفي رسالة إلى الشعب الإيراني، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أول من أمس الجمعة، إلى الحفاظ على وحدة وتماسك الصف الوطني، وتجنب الانجرار وراء "الشائعات والأخبار غير الصحيحة التي سيعمل العدو على بثها ضمن حربه النفسية، والثقة بالمسؤولين والتعاون معهم لتخطي هذه المرحلة بقوة أكبر". كما طمأن المواطنين بأن "الحكومة الإيرانية ستواصل تقديم الخدمات للشعب بكامل إمكاناتها ولن يُسمح بحدوث أي خلل في سير الحياة اليومية".

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شنّ فجر الجمعة عدواناً واسعاً استهدف مواقع نووية وعسكرية وأحياء سكنية في إيران، ما أدى إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين ونحو 80 مواطناً إيرانياً، فيما ردت إيران مساء الجمعة بهجمات صاروخية واسعة على إسرائيل.

مخاوف إسرائيلية من استنزاف طويل الأمد

في الجهة المقابلة، ذكرت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية في تقرير لها أن الحرب مع إيران تحمل واحداً من سيناريوهين لإسرائيل: إما انتعاش جميع المؤشرات في حال نجاح الضربات الإسرائيلية في إزالة التهديد الإيراني أو حرب استنزاف من شأنها أن تزيد من الإنفاق الأمني ​​وتدفع إسرائيل إلى نقطة انهيار خطيرة.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن السيناريو الأول هو السيناريو المتفائل، في ضوء أداء الجيش الإسرائيلي والموساد، ودعم الولايات المتحدة، والموافقة الضمنية من معظم الدول الغربية على ضرب إيران، لافتة إلى أنه إذا زال التهديد الإيراني، فسيبدأ عهد جديد يُنعش جميع المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية للاقتصاد الإسرائيلي، وعلى رأسها النمو من خلال الاستثمارات وتوقعات انخفاض العجز والدين، وتحسين شبه فوري في التصنيف الائتماني لإسرائيل، خاصة أن زوال هذا التهديد يأتي بعد زوال تهديدات حماس في غزة وحزب الله اللبناني ونظام الأسد في سورية.

لكنها حذرت من سيناريو آخر، يتمثل في حرب استنزاف طويلة الأمد أشبه بالحرب الإيرانية العراقية، وتتطلب إنفاقاً عسكرياً طويل الأمد، وفي مثل هذا السيناريو، لن تنخفض علاوة المخاطر، ولن ينخفض ​​العجز والدين، بل ستتعقد قدرة إسرائيل على الاقتراض من الأسواق الدولية، وسيتطلب خفضاً أكبر في الإنفاق المدني، وهو ما يُشكل تهديداً حقيقياً على المدى الطويل، خاصةً أن مستوى الإنفاق المدني في إسرائيل أقل بالفعل من متوسط ​​دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة تتراوح بين 3% و4%، وأشارت إلى أن زيادة الإنفاق على الحرب ستقود إلى زيادات ضريبية، وقد يدفع هذا الاقتصاد إلى نقطة هشة وخطيرة.

المساهمون