الإسكوا وتقاريرها الاقتصادية

الإسكوا وتقاريرها الاقتصادية

06 يناير 2022
ريما خلف واحدة من 3 أردنيين تعاقبوا على منصب الأمين العام للإسكوا (الأناضول)
+ الخط -

ما زال كثيرون يتذكرون أنّ ثلاثة أردنيين تعاقبوا على منصب الأمين العام لمنظمة الإسكوا (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا)، وهم الراحل سعيد النابلسي، وتيسير عبد الجابر، وريما خلف. 

وتضم "الإسكوا" حالياً في عضويتها 20 دولة عربية في غرب آسيا وشمال أفريقيا وشرقها وغربها، هي كل الدول العربية بما فيها فلسطين، باستثناء جيبوتي على القرن الأفريقي، وجزر القمر في المحيط الهندي.

وكنت بصدد وضع دراسة عن اقتصاديات دول غرب آسيا، فعُدت أدراجي إلى التقارير التي وضعتها المنظمة عن الاقتصادات العربية من 2020 إلى 2022، أو تغطية 3 سنوات. ووجدت أن المنظمة تجري مسوحاتٍ وتضع دراسات جيدة المستوى، وكذلك تبني توقعاتٍ عن تطور مؤشرات الاقتصاد الكلية، وتعيد احتسابها حسب ما يستجدّ من ظروف.

وفي تقرير أصدرته في يونيو/ حزيران من العام المنصرم، تنبأت "الإسكوا" بأن معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي في دولها سيبلغ 4.3% بالأرقام الحقيقية للعام 2021، وهو تقريباً يساوي توقعات النمو لدول مجلس التعاون التي تعتقد دراسات "الإسكوا" أنه سيبلغ 4.7%.

لكن أكثر دولتين عربيتين حققتا معدلات نمو هُما مصر والمغرب، فمصر البالغ معدل نموها عام 2020 نحو 3% سيزيد على 7%، ولربما يقارب حدود 8% خلال عام 2021، وهذا أعلى رقم سيسجل في الوطن العربي.

أما المغرب، فقد تراجع اقتصاده ليصبح معدله -3.2% عام 2020، ولكن ليحقق قفزة كبيرة خلال عام 2021 ويتجاوز حاجز 6.3%.

أما الدول التي ما زالت تعاني من أزمات سياسية وأمنية داخلية، فإن الحديث عن معدلات النمو فيها، في تقديري، يصبح محدود القيمة، فلو تراجع النمو عام 2020 في اليمن وليبيا والسودان ولبنان وسورية إلى معدلات سالبة بنسبة كبيرة، فإن أي نقصٍ في معدل التراجع سوف يسجل رقماً إيجابياً في العام الذي يليه.

أما الجزائر وتونس، فإن معدلات النمو فيهما متواضعة، بسبب حالة عدم الاستقرار في تشكيل الحكومة، وعدم الاتفاق بين المعارضة والحكم. كما أن الشكوى من حكم العسكر صارت تؤرق فرص النمو في الدولتين وتعيقها، وإن كان الوضع في الجزائر أكثر قابلية للحل بسبب ارتفاع اسعار النفط، ولكن الجزائر التي تعتمد في دخلها حكومياً على عائدات الغاز الطبيعي المباع بعقود طويلة الأجل لن يحقق فوائض أعلى إذا ارتفعت أسعاره.

وفي الأردن، هبط معدّل النمو في الناتج الإجمالي الحقيقي بنسبة -2% عام 2020، ثم عاد وارتفع إلى حدوده 2% عام 2021، وهو رقم أحسن، ولكنه ليس كافياً على الإطلاق لكي يواجه مشكلة البطالة المتفاقمة في الأردن، والبالغة 23.5%، والتي تصل إلى حوالي 35% بين صفوف الشباب، وحوالي 82% في صفوف الإناث خرّيجات الجامعات.

وفي عام 2022 الذي دخلنا فيه قبل أيام، فإن توقعات النمو في تقارير "الإسكوا"، وتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تتحدث عن تراجع في معدل النمو العالمي وفي معدل النمو لدول مجموعة "الإسكوا". ويتوقع أن يبلغ 3.5% في الوطن العربي، وسيبلغ نحو 6% على المستوى العالمي، حيث سيتركز معظم النمو في الدول الغنية والصناعية أكثر بكثير مما سيحصل في الدول النامية أو متوسطة الدخل.

موقف
التحديثات الحية

ولذلك، لن يكون نمط النمو رحيماً بالدول الأكثر فقراً، والتي تعاني من تراجع مؤشّرات الأهداف الألفية التي اتفق عليها في قمة الأمم المتحدة عام 2000، وأعيد النظر فيها عام 2015. والذي يبدو أن دولاً كثيرة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية سوف تعاني الأمرّين من ارتفاع نسب الفقر، والجوع، ووفيات الأطفال، وانتشار الأوبئة، والحرمان من الأساسيات.

وفي تقرير للبنك الدولي ومنظمة التنمية الدولية (أيدا)، فإن العالم الذي تمكّن من تخفيض نسب الجوع على مدى 25 سنة، عاد فيه الفقر في زمن كورونا ليرتفع.
وبحسب التقرير، يعيش نصف فقراء العالم الذين يعانون من فقر مدقع في عشر دول أفريقية، ويتوزع الباقون في دول أخرى مثل اليمن، وفي دول أميركا اللاتينية، مثل فنزويلا ونيكارغوا على سبيل المثال. وبالطبع، في دول مثل بنغلاديش وميانمار، ولربما كوريا الشمالية، هنالك مواقع فقر طاغ.

ولا تزال السياسة مسؤولة، إلى حد كبير، عن تفشّي الفقر والجوع واستغلال الفئات المهمشة في العالم، إما بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية، أو الحروب، أو الفساد، أو عدم الاهتمام. ونحن في الدول العربية بحاجة إلى أن نبدأ بالتفكير الجاد في مواجهة هذه الآفات داخل بلداننا. والأدهى أننا نمر الآن في مرحلة انتقالية من حال إلى حال، ومن وضعٍ تعودنا عليه إلى وضعٍ لا ندري كنهه، بسبب قلة تأثيرنا على مجريات الأحداث التي يصنعها الآخرون، ونحن عاجزون عن السيطرة عليها.

أريد إعادة التأكيد على ضرورة متابعة تقارير "الإسكوا" والمنشور عدد منها على صفحات الإنترنت، لما فيها من فوائد للباحثين والمحللين.

المساهمون