استمع إلى الملخص
- تدخلت الحكومة الأميركية بزيادة المراقبة وتشجيع الإنتاج وتسهيل الاستيراد، بينما ساهمت تركيا في تخفيف الأزمة جزئيًا، لكن السوق لا تزال تعاني من تقلبات.
- الأزمة أدت إلى تهريب البيض وزيادة السرقات، وارتفعت واردات البيض لتحقيق الاستقرار، لكن وزارة الزراعة حذرت من احتمال ارتفاع الأسعار بنسبة 20% إضافية في 2025.
تشهد الولايات المتحدة حالياً أزمة حادة في توفر بيض المائدة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعاره بمختلف أنحاء البلاد، ودفع السلطات المسؤولة نحو البحث عن سبل لاحتواء الأزمة عبر تكثيف الاستيراد من الخارج وزيادة المعروض في الأسواق. بدأت الأزمة مع تفشي إنفلونزا الطيور، الذي أثر بشدة بإنتاج البيض، بعد أن جرى إعدام الملايين من الطيور المصابة أو المشتبه في إصابتها بالفيروس. ولم يكن هذا التفشي الأول من نوعه، لكنه كان من أكثرها تدميرًا، حيث تسبب في نقص حاد بالإمدادات المتاحة في الأسواق.
وإلى جانب تفشي المرض، تفاقمت الأزمة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، إذ إن أسعار الأعلاف والطاقة والعمالة شهدت زيادات ملحوظة في الفترة الأخيرة، حتى وجد المزارعون ومربو الدواجن أنفسهم في وضع صعب، يتعين عليهم فيه التعامل مع هذه التكاليف المرتفعة في ظل انخفاض العرض، ما يزيد من الضغوط المالية على القطاع. أيضاً، لعبت سلاسل التوريد دورًا في تعقيد الوضع، حيث أدت مشكلات النقل والتوزيع إلى تأخر وصول البيض إلى الأسواق في بعض المناطق. وأثرت هذه التحديات بشكل مباشر في توفر البيض بالمتاجر الكبرى، مما دفع بعض المحلات إلى فرض حدود على الكميات التي يمكن للمستهلكين شراؤها في محاولة للحد من النقص.
وإلى جانب العوامل الإنتاجية، كان للمضاربة التجارية دور في الأزمة، حيث أقدم بعض التجار والموزعون على تخزين كميات كبيرة من البيض، مما أدى إلى تفاقم النقص ورفع الأسعار بشكل غير مبرر في بعض الأحيان. وساهمت هذه الظاهرة في زيادة استياء المستهلكين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع أضعاف الأسعار التي اعتادوا عليها، فيما أطلق عليه اسم "تضخم البيض"، أو Eggflation.
وقالت بربهان. ع، وهي مواطنة عربية مقيمة في ولاية ماريلاند الأميركية منذ أكثر من ثماني سنوات، إن الأسعار قفزت بصورة غير متوقعة. وقالت لـ"العربي الجديد" إنها اشترت من متجر كوستكو كرتونتي بيض، في كل واحدة 24 بيضة، وهو الحد الأقصى المسموح بشرائه حالياً، بسعر 8 دولارات للكرتونة، وكان سعر الواحدة قبل شهرين 5 دولارات فقط. وأشارت إلى أن سعر الكرتونة خارج كوستكو يتجاوز 12 دولاراً.
وبات المستهلكون في الولايات المتحدة يبحثون عن بدائل بسبب هذه الأزمة، مثل اللجوء إلى بدائل البيض في الطهي أو تقليل استهلاكهم له. وفي الوقت نفسه، تأثرت قطاعات أخرى مثل المخابز والمطاعم التي تعتمد بشكل أساسي على البيض، مما أجبر بعضها على تعديل وصفاتها أو رفع أسعار منتجاتها للتكيف مع الواقع الجديد.
وتدخلت الحكومة الأميركية لمواجهة هذه الأزمة من خلال اتخاذ بعض الإجراءات، مثل زيادة المراقبة على الأسواق، وتشجيع المزارعين على تعويض النقص عبر زيادة الإنتاج، بالإضافة إلى تسهيل عمليات الاستيراد من الخارج. ورغم هذه الجهود، لا تزال السوق تعاني من تقلبات في الأسعار وعدم استقرار في العرض، ما جعل حل الأزمة مسألة معقدة، تتطلب وقتًا وتنسيقًا مستمرًّا بين الجهات المعنية.
وفي محاولة لحل أزمة البيض في أميركا، بدأت تركيا في إرسال أكثر من 15 ألف طن متري من البيض إلى الولايات المتحدة. وستستمر الشحنات، التي بدأت في فبراير/ شباط الجاري، حتى شهر يوليو/ تموز، وفقًا لما صرح به رئيس اتحاد منتجي البيض المركزي إبراهيم أفين، لوكالة رويترز.
وتعادل هذه الشحنة واسعة النطاق إرسال 700 حاوية من البيض. وكانت تركيا خيارًا طبيعيًّا، حيث تعد واحدة من أكبر 10 دول مصدرة للبيض في العالم. ومن المتوقع أن تحقق هذه الاتفاقية نحو 26 مليون دولار من عائدات التصدير لتركيا.
وجرى توثيق أول حالة إصابة بإنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة في ولاية تكساس في مارس/ آذار 2024، ومنذ ذلك الحين انتشر المرض إلى 17 ولاية مختلفة. ومن المتوقع أن تساهم واردات البيض من تركيا في تخفيف ارتفاع أسعار البيض، الذي أثر بشكل خاص على كبار تجار التجزئة مثل كوستكو وولمارت، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 60%، وفقًا لتقرير E-Noticies. ومع ذلك، من المتوقع أن يستغرق انخفاض الأسعار بعض الوقت، حيث سيشعر المستهلكون بالتأثير بعد تعديل مستويات المخزون في المتاجر.
أزمة البيض في أميركا: تداعيات غير متوقعة
وأدت الأزمة الحالية إلى عواقب غير متوقعة، من بينها ارتفاع حالات تهريب البيض عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ومع انخفاض أسعار البيض بشكل ملحوظ في المكسيك، حاول بعض المستهلكين إدخاله إلى الولايات المتحدة، مما دفع هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) إلى الإبلاغ عن زيادة بنسبة 29% في عمليات مصادرة البيض بين أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وفبراير/ شباط 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
كما أصبحت السرقات مصدر قلق متزايد، حيث شهدت ولاية بنسلفانيا في الأول من فبراير 2025 حادثة سرقة أكثر من 100 ألف بيضة عضوية تقدر قيمتها بنحو 40 ألف دولار من إحدى المزارع. وفي ظل تصاعد التكاليف، قامت سلسلة المطاعم الشهيرة "وافِل هاوس" بإضافة رسوم إضافية بقيمة 0.50 دولار على طلبات البيض للتعويض عن ارتفاع الأسعار.
وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، تعيد بعض الولايات النظر في سياساتها التنظيمية، ومن بين هذه الإجراءات تعليق ولاية نيفادا مؤقتًا لمتطلبات تربية الدجاج في الأقفاص الحرة بهدف زيادة المعروض من البيض. وإلى جانب ذلك، زادت الولايات المتحدة وارداتها من البيض لتحقيق استقرار السوق، ومع معاناة الإنتاج المحلي، ارتفعت الواردات بنسبة 38% في ديسمبر/كانون الأول 2024 مقارنة بالشهر السابق.
وحذرت وزارة الزراعة الأميركية (USDA) من أن أسعار البيض قد ترتفع بنسبة 20% إضافية خلال عام 2025، حيث لا يزال تأثير تفشي إنفلونزا الطيور يؤثر في القطاع. ورغم الجهود المبذولة لتحقيق استقرار السوق، يُتوقع أن يواجه المستهلكون والشركات في الولايات المتحدة استمرار ارتفاع الأسعار وانخفاض توافر البيض خلال الأشهر المقبلة.