الأردن يلاحق نواباً متورطين في شراء أصوات الناخبين: المال الأسود

المال الأسود في انتخابات الأردن: القضاء يلاحق نواباً متورطين في شراء أصوات الناخبين

26 نوفمبر 2020
مليون أردني تحت خط الفقر والأعداد مرشحة للارتفاع (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -

تفاعلت قضية المال الأسود في انتخابات مجلس النواب الأردني التي جرت في العاشر من الشهر الجاري، بعدما ضبطت الهيئة المستقلة للانتخاب حالات مثبتة لشراء أصوات الناخبين من قبل بعض المرشحين وأنصارهم، ومنهم من فاز لاحقا بالانتخابات.
ويراقب الشارع الأردني باهتمام القرارات القضائية التي ستصدر بحق المتورطين بالمال الأسود، حيث تنظر الجهات المختصة حاليا بعدد كبير من القضايا المحالة إليها من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب في سابقة هي الأولى من نوعها في الأردن.
واستغل مرشحون تدهور الأوضاع المعيشية للأردنيين من أجل الضغط عليهم وشراء أصواتهم مقابل مبالغ مالية. وقالت دراسة حديثة للبنك الدولي، صدرت الشهر الجاري، إن خط الفقر في الأردن يبلغ 68 دينارا (95 دولارا) للفرد شهريا، موضحة أن مليون أردني يعيشون تحت خط الفقر.
إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن الهيئة المستقلة للانتخاب ضبطت بالفعل وتأكدت من وقوع حالات شراء أصوات من قبل مرشحين، منهم أشخاص فازوا بالانتخابات.
وأضاف المومني أن عدد القضايا المضبوطة بشراء الأصوات بلغ 31 قضية حتى الآن من أصل أكثر من 80 قضية تجاوزات انتخابية أحالتها الهيئة المستقلة للقضاء، من بينها بالإضافة إلى المال الأسود، التلاعب بالانتخابات وإقامة المقرات الانتخابية خلافا لأحكام القانون والتشكيك بنزاهة الانتخابات. 
ووفقا للمادة 20 من قانون الانتخابات، يحظر على أي مرشح أن يقدم من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو يعد بتقديمها لشخص طبيعي أو معنوي، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو بواسطة غيره بما في ذلك شراء الأصوات. كما يحظر القانون على أي شخص أن يطلب مثل تلك الهدايا أو التبرعات أو المساعدات أو الوعد بها من أي مرشح.

وقال المومني إن الفصل في تلك القضايا يعود إلى القضاء، حيث جرم القانون التعامل بأي شكل من الأشكال بالمال الأسود للتأثير في العملية الانتخابية وشراء أصوات الناخبين. 
وأشار إلى أن الهيئة المستقلة للانتخاب تلقت معلومات مصورة وموثقة حول قيام مرشحين وأنصارهم بشراء الأصوات وذلك خلال يوم الاقتراع وقبل ذلك بعدة أيام.
وحسب المومني، فإنه إذا حكم على أحد الفائزين بالانتخابات النيابية بتهمة شراء أصوات بعقوبة مدتها تزيد عن سنة تسقط عضويته في مجلس النواب الجديد.
وتنص المادة 59 من قانون الانتخاب رقم (6) لسنة 2016 على أنه "يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات كل من أعطى ناخبا مباشرة أو بصورة غير مباشرة من أجل حمله على الاقتراع على وجه خاص أو للتأثير على غيره للاقتراع".
وأشار المتحدث باسم الهيئة المستقلة للانتخاب إلى أن أصل شروط الترشح التي نص عليها القانون ألا يكون المرشح محكوماً عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يعف عنه حيث تعتبر هذه جريمة غير سياسية.
من جانبه، قال رئيس ديوان التشريع والرأي السابق، نوفان العجارمة، إن المرشحين الفائزين بالانتخابات النيابية الذين تم تحويلهم إلى القضاء من قبل الهيئة المستقلّة للانتخاب سيفقدون عضويتهم بالمجلس النيابي التاسع عشر في حال صدور حكم قضائي بعقوبة أكثر من سنة.
وأكد في تصريحات صحافية أن الإجراءات بحق هؤلاء المرشحين تسير في مسارها القانوني نظرا للمخالفات الجزائية التي لا علاقة لها بالطعن في عضويتهم ومن ذلك إقامة الاحتفالات وخرق أوامر الدفاع.
وبين أنه وبعد صدور حكم قضائي سيفقد من يدان عضويته في المجلس النيابي دون الحاجة إلى تصويت مجلس النواب في حال كانت العقوبة أكثر من سنة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحسب مراقبين، فإن المال السياسي بات سيد الموقف في العديد من الدوائر الانتخابية، حيث يستخدم بعض المرشحين المال لشراء الأصوات وتغيير اتجاهات الناخبين، مشيرين إلى أن هذا المال نشط حتى في الانتخابات التمهيدية التي تجريها بعض العشائر والمناطق لفرز مرشح يمثلها في الانتخابات النيابية.
وقد تمكن البعض من الحصول على غالبية أصوات قاعدته الانتخابية الصغيرة في الانتخابات الداخلية الخاصة بعدد من العشائر والمناطق والتي تجري منذ أسابيع.
ونشطت عملية شراء الأصوات، بحسب شهود عيان، قبل موعد الانتخاب بعدة أيام ويوم الاقتراع، حيث وصل سعر الصوت الواحد في بعض المناطق إلى 200 دولار، وخصص مرشحون مئات الآلاف من الدولارات لهذه الغاية.
ويأتي ذلك في ظل استغلال البعض للأوضاع الاقتصادية المتأزمة في البلاد وشراء الأصوات من أجل العبور إلى البرلمان. وتوقّع البنك الدولي، في تقرير سابق، أن تؤدي حالات الإغلاق المحلية نتيجة فيروس كورونا الجديد، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، واضطرابات التجارة، وتعليق السفر الدولي، وتراجع تحويلات العاملين في الخارج، إلى زيادة معدلات الفقر في المدى القصير بنسبة 11% في الأردن. ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 130 نائبا موزعين على 12 محافظة، وكلها مقسمة إلى دوائر انتخابية باستثناء المحافظات الصغيرة.

المساهمون