اقتصاد فرنسا تحت اختبار الأزمة السياسية: دين عام متفاقم ونمو محدود
استمع إلى الملخص
- ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات إلى 3.48%، متجاوزة نظيرتها الإيطالية لأول مرة منذ سنوات، وسط مخاوف من خفض وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، مما يزيد الضغوط على الدين العام البالغ 3.3 تريليونات يورو.
- رغم التحديات، يتوقع مصرف فرنسا المركزي نموًا بنسبة 0.3% في الربع الثالث، مدعومًا بقطاعي الطيران والمعدات، مع تحسن في البناء، رغم ارتفاع مؤشر "اللايقين" الاقتصادي.
تواجه فرنسا لحظة فارقة يتداخل فيها الاضطراب السياسي مع ضغوط مالية واقتصادية متنامية، بعد سقوط حكومة رئيس الوزراء فرنسوا بايرو إثر حجب الثقة في البرلمان. وبينما انعكس ذلك مباشرة على ثقة المستثمرين وارتفاع تكاليف الاقتراض، كشفت بيانات رسمية عن تراجع حاد في الإنتاج الصناعي، في وقتٍ تحاول فيه التقديرات الاقتصادية للمصرف المركزي طمأنة الأسواق بوجود نمو محدود رغم التصعيد السياسي. المشهد الذي ترسمه تقارير فرانس برس وأسوشييتد برس وبلومبيرغ يعكس مزيجاً معقداً من القلق والمرونة داخل ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
وخلاصة هذه التقارير أنه بين ارتفاع عوائد السندات وتراجع الإنتاج الصناعي، تقف فرنسا عند مفترق طرق اقتصادي حساس، في وقتٍ تحاول مؤسساتها المالية إظهار قدرة على الصمود بوجه أزمة سياسية متصاعدة. ومع انتظار قرار وكالة فيتش بشأن التصنيف الائتماني، يبدو أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية الموازنة بين استعادة ثقة المستثمرين ودفع عجلة النمو، دون الانزلاق نحو أزمة مالية أعمق قد تتجاوز حدود فرنسا إلى منطقة اليورو بأكملها.
الدين العام وتكاليف الاقتراض في فرنسا
وفق تقرير فرانس برس، تخطت تكاليف الاقتراض الفرنسية نظيرتها الإيطالية لأول مرة منذ سنوات، حيث ارتفع عائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات إلى 3.48% مقارنة مع 3.47% للإيطالية، قبل أن يتراجع إلى 3.41% عند إغلاق بورصة باريس. ويعكس ذلك قلق الأسواق من الاستقرار السياسي بعد سقوط حكومة بايرو، لاسيما أن الدين العام بلغ نحو 3.3 تريليونات يورو، أي 114% من الناتج المحلي الإجمالي. وتترقب الأسواق تقييم وكالة فيتش يوم الجمعة المقبل، وسط مخاوف من خفض التصنيف الحالي (-AA) مع نظرة سلبية، ما قد يزيد الضغوط على تكاليف خدمة الدين.
تراجع الإنتاج الصناعي
في موازاة ذلك، نقلت أسوشييتد برس عن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية أن الإنتاج الصناعي الفرنسي تراجع بنسبة 1.1% في يوليو، في أكبر انخفاض خلال ثلاثة أشهر، بعد قفزة نسبتها 3.7% في يونيو. وسُجّل التراجع الأبرز في معدات النقل (-10.7%) وخاصة قطاع الطيران والفضاء، بينما انخفض إنتاج الآلات والسلع المعدنية بنسبة 2.2%، والمنتجات الغذائية والمشروبات بنسبة 1.3%. هذا التراجع الصناعي يزيد المخاوف من دخول الاقتصاد في تباطؤ إضافي بعد الأزمة السياسية.
مؤشرات النمو والصمود
لكن رغم هذه التحديات، أشار تقرير بلومبيرغ إلى أن مصرف فرنسا المركزي يتوقع استمرار النمو عند 0.3% في الربع الثالث من العام، بدعم من قطاعي الطيران والمعدات، مع نمو معتدل في الخدمات وتحسّن غير متوقع في البناء. وأظهر مسح شمل 8500 شركة أن التوقعات لم تتجه نحو انكماش، رغم القلق المتصاعد من الإضرابات والاضطرابات السياسية. ومع ذلك، ارتفع مؤشر "اللايقين" الاقتصادي إلى مستويات مماثلة لما بعد إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون الانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران الماضي.