اقتصاد اليمن ضحية القصف المتبادل بين الحوثيين والإمارات

اقتصاد اليمن ضحية القصف المتبادل بين الحوثيين والإمارات

19 يناير 2022
تصاعد الحرب يفاقم معيشة اليمنيين (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

يعيش اليمن على وقع تصعيد خطير، إثر قصف الحوثيين لأول مرة أبوظبي بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة وردّ الإمارات الفوري بقصف مكثف طاول صنعاء، والذي ستكون له تداعيات جسيمة على الاقتصاد اليمني والجهود الإنسانية الدولية للحدّ من الأزمة الإنسانية في اليمن، حسب مراقبين.
وتسود مخاوف كبيرة، القطاع التجاري في اليمن، إذ تعتبر الإمارات وجهة رئيسية للمستوردين اليمنيين، إضافة إلى استخدام ميناء دبي كنقطة تفتيش ضمن موانئ أخرى في السعودية وجيبوتي، لسفن الشحن التجاري المتجهة إلى اليمن.
 

خنق التجارة
بحسب خبراء اقتصاد، فإنّ اليمن بهذا التصعيد والقصف المتبادل دخل منعطفاً خطيراً ينذر بالمزيد من الأزمات الاقتصادية المتفجرة في البلاد بشكل كبير، بعد سبع سنوات من الصراع الطاحن، الأمر الذي سيشدّد الحصار أكثر على الموانئ التجارية والمطارات، وبالتالي خنق التجارة والنقل، وتأثير ذلك على توفر الوقود والمواد الغذائية في الأسواق وزيادة أسعارها، ومضاعفة الثمن الباهظ الذي يدفعه اليمنيون جراء ما تشهده البلاد من صراع وتوترات وقصف واضطرابات وأزمات اقتصادية ومعيشية طاحنة.

في السياق، يقول الباحث الاقتصادي، نبيل هاشم، لـ"العربي الجديد"، إنّ التوترات والأحداث والمستجدات الراهنة والقصف المتبادل بين الإمارات والحوثيين، سيزيد من حدة الحصار التجاري وعلى الموانئ والمطارات اليمنية، وتفاقم أزمة الوقود المتفجرة حالياً، والتي تعد الأكبر منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن، وبالتالي توسع مستويات الفقر والبطالة والأزمة الإنسانية.
وحسب هاشم، من المتوقع أن تنعكس التوترات الراهنة والقصف المتبادل بين الإمارات والحوثيين على العملة المحلية في اليمن، والتي تتأرجح ما بين 1200 و1350 ريالاً للدولار الواحد، خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى توقعات بعودتها إلى مستويات 1700 ريال للدولار كما كانت نهاية الشهر الماضي، إذا استمرت الاضطرابات والقصف المتبادل.

مزيد من الخسائر
من جانبه، يشدد التاجر عبد الله القادري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أنّ التجار والقطاع الخاص في اليمن لم يعد باستطاعتهم تحمّل المزيد من الأعباء وتشديد إجراءات الاستيراد والتصدير، وتحمّل المزيد من الخسائر نتيجة الحرب وتبعاتها من قصف وحصار، إذ إنّ هناك الكثير من التجار والشركات على وشك الإفلاس، وتجارا آخرين يكافحون لتغطية الفوارق في تكاليف البضائع والسلع المستوردة، في حين، كما يقول، أنّ البلاد تمر بمنعطف خطير قد تتركز تأثيراته بشكل كبير في الجانب الاقتصادي.
ويشكو تجار ومستوردون وشركات الملاحة العاملة في اليمن من خسائر متراكمة لحقت بهم جراء وضعية ميناء الحديدة وتحويل خطوط الملاحة إلى ميناء عدن، وما ترتب على ذلك من أعباء إضافية ومضاعفات اقتصادية ومعيشية ناتجة عن ارتفاع تكاليف النقل، وانعكاس ذلك على ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وتصل غرامات التأخير للسفن التجارية المتجهة إلى اليمن التي تتوقف للتفتيش في عرض البحر مثل ميناء دبي، إلى نحو 25 ألف دولار، تتحملها شركات الملاحة والتجار المستوردون.

ويتخوف يمنيون من أن تؤدي التوترات الراهنة إلى استهداف ميناء الحديدة، أكبر الموانئ التجارية في اليمن والخاضع لسيطرة الحوثيين، والذي يعد نقطة التحول الراهنة في دخول الإمارات على خط الصراع في اليمن، بعد إعلانها انسحابها وإخلاء تواجدها العسكري في اليمن، بعد مشاركتها في التحالف وتمويلها إنشاء عدد من التشكيلات العسكرية المحسوبة عليها.
وتفجرت أزمة الوقود في العاصمة صنعاء ومناطق شمال اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بعد فترة استقرار مبنية على تفاهمات برعاية دولية أدت إلى تخفيف القيود المفروضة على استيراد الوقود عبر ميناء الحديدة.
وكان مراقبون قد أكدوا سابقاً أنّ ذلك يأتي في أعقاب الأزمة التي تفجرت حول ميناء الحديدة، بعد استيلاء الحوثيين على سفينة شحن ترفع علم دولة الإمارات، مؤكدين أنّها سفينة عسكرية عدائية تم الاستيلاء عليها بعد دخولها المياه اليمنية في الحديدة.

تزايد الضغوط المعيشية
يتخوف المراقبون من زيادة الضغوط المعيشية بسبب تداعيات القصف المتبادل، ولا سيما في ظلّ تواصل معاناة المواطنين من غلاء أسعار السلع الضرورية وتهاوي القدرة الشرائية.
وكانت شركة النفط اليمنية الحكومية في عدن أكدت، أنّ الشركة رفعت مجدداً أسعار وقود السيارات بنحو 30 في المائة، تماشياً مع المتغيرات في أسعار الأسواق العالمية للوقود وهبوط العملة المحلية، وسط أزمة خانقة غير مسبوقة في المشتقات النفطية تشهدها البلاد. وأبلغ مسؤول من الشركة "رويترز"، أول من أمس، أنّه بموجب القرار الذي بدأ سريانه اعتباراً من مساء الاثنين، يرتفع سعر غالون البنزين سعة 20 لتراً إلى 17.700 ريال (حوالي 16.5 دولاراً) من 13.200 ريال (13 دولاراً)، بزيادة بمقدار 4500 ريال (حوالي 4.5 دولارات).

وقال إنّ سبب الزيادة هو ارتفاع الأسعار التي يشتري بها التجار والموردون الوقود من الخارج، فضلاً عن صعود أسعار النفط عالمياً، وكذلك تراجع سعر الريال اليمني. وهذه هي أول زيادة تقررها شركة النفط الحكومية في أسعار وقود السيارات في العام الجديد. وتأتي بعد أقل من شهر من قرارها في 23 ديسمبر/كانون الأول تخفيض سعر غالون البنزين إلى 13.200 ريال (حوالي 14 دولاراً) من 18.600 ريال (20 دولاراً).
ويعاني الشارع اليمني من انعدام الوقود في المحطات الحكومية والخاصة في عدن وصنعاء. وكانت شركة النفط الحكومية قد دأبت خلال العام المنصرم على الإعلان في أواخر كلّ شهر عن زيادة جديدة في الأسعار، مما أثار موجة غضب دفعت الناس للخروج في مظاهرات في عدن وعدة محافظات بجنوب البلاد، للاحتجاج على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار العملة وضعف الخدمات.

ترتيبات ما بعد شبوة
الخبير الاقتصادي ونائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق، مطهر العباسي، يذهب بعيداً في هذا الصدد خلال تحليله للمستجدات الراهنة في اليمن، إذ يرى، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أنّ دخول الإمارات على الخط ستكون له تداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي، والذي قد يتم استغلاله في اتجاهات أخرى خصوصاً، وفق حديثه، خصوصاً أنّ الإمارات عينها على الموانئ والحقول النفطية في شبوة.
ونجحت الإمارات مؤخراً بعد ضغوط متواصلة استمرت نحو عامين في تغيير محافظ شبوة السابق، محمد صالح بن عديو، وتعيين عوض الوزير محافظاً جديداً للمحافظة الاستراتيجية النفطية، وسحب ألوية العمالقة العسكرية المدعومة من الإمارات التي كانت متمركزة في الحديدة لفتح جبهة جديدة في مديريات بيحان الثلاث في شبوة، التي كانت تحت سيطرة الحوثيين، وإعلان هذه القوات السيطرة على هذه المناطق الاستراتيجية واستعادتها من قبضة الحوثيين.

ويؤكد العباسي أنّ هناك ترتيبات مع "توتال" الفرنسية لإعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال عبر ميناء بلحاف في شبوة بوضعها الجديد، واستغلال المتغيرات والمستجدات الراهنة والذي قد يؤدي إلى عقد صفقة بين الشركة الفرنسية المستثمرة في مشروع الغاز الطبيعي المسال في اليمن ودولة الإمارات، لإعادة التصدير وتجاهل الحكومة اليمنية التي تقف في موقف سيئ في إدارة الملف الاقتصادي.

ومن المتوقع أن تصل عائدات تصدير الغاز الطبيعي المسال في اليمن إلى 63 مليار دولار خلال الـ15 عاماً القادمة، في حال لم يتم إجراء أي تغيير على الأسعار مع الشركة المصدر "توتال" الفرنسية.

وفجّر استهداف الحوثيين لأول مرة دولة الإمارات، موجة واسعة من ردود الأفعال الدولية المنددة بما قام به الحوثيون من استهداف لمنشآت مدنية في الإمارات، بينما هناك من يرى في اليمن أنّ البنية التحتية والمنشآت المدنية والتجارية والتنموية والصناعية اليمنية مستباحة منذ سبع سنوات بالقصف والإغلاق والحصار.

وأدانت الأمم المتحدة الهجمات التي تعرّض لها مطار أبوظبي ومنطقة المصفح الصناعية المجاورة.

المساهمون