افتتاح ورشة جديدة لإصلاح السفن في الدار البيضاء لتعزيز الروابط مع أفريقيا والعالم
استمع إلى الملخص
- أشاد الخبراء الدوليون بالمشروع كخطوة لتعزيز موقع المغرب كفاعل رئيسي في الاقتصاد البحري العالمي، مما يساهم في تحديث البنى التحتية وتحويل الموانئ إلى مراكز اقتصادية وتجارية متكاملة.
- يركز المشروع على ميناء للصيد الساحلي، ورشة لإصلاح السفن، ومحطة للرحلات البحرية، مما يعزز السيادة البحرية ويطور السياحة، ويجعل المغرب منصة لوجستية إقليمية وقارّية.
دشّن المغرب، يوم الخميس 18 سبتمبر/ أيلول، ورشة جديدة لإصلاح السفن بالدار البيضاء، في إطار برنامج ضخم لإعادة هيكلة وتطوير المركب المينائي للعاصمة الاقتصادية بهدف تعزيز مكانة المغرب في السوق العالمية للصناعات البحرية، سواء في مجال بناء السفن أو إصلاحها.
المشروع الذي أشرف على تدشينه العاهل المغربي محمد السادس، رصدت له الرباط غلافاً مالياً يُناهز 2.5 مليار درهم (250 مليون دولار) ويتضمن حوضاً جافاً بطول 240 متراً وعرض 40 متراً وعمق 8.10 أمتار، لإصلاح السفن التي يصل طولها إلى 220 متراً إلى جانب منصة لرفع السفن بقدرة 9700 طن، وحوض إضافي مجهز برافعة بسعة 450 طناً، فضلاً عن تهيئة 21 هكتاراً من الأراضي وأرصفة إصلاح بطول 660 متراً.
إشادة الخبراء
وقال الخبير المغربي الأميركي والأستاذ بجامعة نيو إنغلند الأميركية إن هذ المشروع يرتقي بالمغرب إلى موقع "فاعل لا محيد عنه" في الاقتصاد والتجارة البحرية العالمية. وأوضح في تصريح لوكالة الأنباء المغربية أن المملكة أحسنت استغلال واجهاتها البحرية لبناء اقتصاد مستدام وتعزيز روابطها مع أفريقيا والعالم. وقال الخبير الجيوسياسي الفرنسي أيمريك شوبراد للوكالة ذاتها إن المغرب "أضحى فاعلاً عالمياً بارزاً في الاقتصاد البحري"، مشيراً إلى أن ميناء الدار البيضاء يرسخ مكانته كقطب اقتصادي وتجاري ومالي للقارة الأفريقية. وأضاف أن المشاريع الجديدة لا تعكس فقط تحديث البنى التحتية، بل تحول الموانئ المغربية إلى مراكز متكاملة تساهم في جل المبادلات الخارجية. وفي نفس السياق أشار السفير البريطاني السابق بالمغرب توماس رايلي في حديثه لوكالة الأنباء المغربية إلى أن مثل هذه المشاريع تعزز موقع المغرب كـ"جسر يربط أوروبا بأفريقيا". وأوضح أن تعزيز الموانئ الأطلسية إلى جانب ميناء طنجة المتوسط والناظور غرب المتوسط له أبعاد اقتصادية وتجارية وجيوسياسية متكاملة.
دينامية وطنية
وقال وزير التجهيز والماء المغربية نزار بركة للصحافيين، على هامش التدشين، إن المشروع يقوم على ثلاث ركائز: ميناء مخصص للصيد الساحلي والتقليدي لتحسين ظروف العاملين وورشة لإصلاح وبناء السفن لتعزيز السيادة البحرية، ومحطة للرحلات البحرية. مؤكداً أن هذه المشاريع تواكب الرؤية الملكية لبناء أسطول مغربي قوي.
كذلك أبرزت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري في المغرب زكية الدريوش، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، أن الميناء الجديد يشكل "رافعة استراتيجية" لتثمين الصيد التقليدي، عبر توفير أسواق من الجيل الجديد وتجهيزات لوجستية للصيادين، بما يعزز الجودة والسلامة البحرية. بينما أوضحت وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور في تصريحات للصحافيين أن المحطة البحرية الجديدة، صممت لاستقبال سفن يصل طولها إلى 350 متراً، وأنها ستجعل الدار البيضاء محوراً للرحلات البحرية بين أوروبا وجزر الكناري وأميركا، ما يعزز العرض السياحي للمغرب.
صناعة بحرية وطنية
وقال المدير العام للوكالة الوطنية للموانئ مصطفى فارس لوكالة الأنباء المغربية إن الورشة الجديدة "لبنة أساسية" لبناء صناعة وطنية تنافسية في مجال إصلاح وبناء السفن. ومن جهته، شدد مدير البنيات التحتية بالوكالة محمد جاجا على أن المشروع يستلهم الرؤية الملكية الرامية إلى بلوغ مستويات التميز التي عرفتها الصناعات الوطنية في الطيران والسيارات.
الاستثمار في الموانئ
واستثمر المغرب خلال العقدين الماضيين بشكل متسارع في البنية التحتية المينائية، في إطار رؤيته الاستراتيجية. فقد دُشّن ميناء طنجة المتوسط عام 2007، والذي بات أكبر ميناء للحاويات في البحر الأبيض المتوسط بطاقة تفوق تسعة ملايين حاوية سنوياً، ويتصل بأكثر من 180 ميناء عالمياً، ويستقبل 7 ملايين مسافر و700 ألف شاحنة ومليون سيارة سنوياً، ويشكل منصة صناعية لأكثر من 1200 شركة عالمية، بحجم أعمال سنوي يبلغ 12 مليار يورو.
ووفق وكالة الأنباء المغربية فقد تجاوزت الاستثمارات المغربية في قطاع الموانئ عشرات المليارات من الدراهم، ما جعل من المملكة منصة لوجستية إقليمية وقارّية، وعزز إدماجها في سلاسل التجارة العالمية، ورسخ موقعها كبوابة لأفريقيا نحو أوروبا.