استمع إلى الملخص
- يبيع الجزائريون العملة الأجنبية في السوق السوداء بعد العودة، محققين أرباحاً تصل إلى 10 آلاف دينار جزائري لكل 100 يورو، مما يشجع العائلات على القيام بهذه الرحلة.
- يتوافد التونسيون إلى الجزائر لشراء المواد التموينية بسبب انخفاض أسعارها، وتستمر الحركة الحدودية بسبب الفارق في سعر الصرف بين السوق الرسمية والسوق السوداء.
تشهد المعابر الحدودية بين الجزائر وتونس منذ أيام ازدحاماً لافتاً، حيث يبدأ، في الفترة الأخيرة قبل نهاية السنة، قدوم الجزائريين لخروج مؤقت إلى تونس، ولو لساعات، ثم العودة مباشرة إلى الجزائر، لأجل ختم جواز السفر، خروجاً ودخولاً، مبرراً لاستهلاك المنحة السياحية السنوية.
ويعمد الآلاف من الجزائريين الى استغلال الفرصة قبل نهاية السنة للحصول على المنحة السياحية المقدرة بأقل من 100 يورو (تمنح مرة واحدة في السنة لكل مسافر)، أي ما يعادل 15 ألف دينار جزائري، حيث يتم شراء هذا المبلغ البسيط من العملة الأجنبية (اليورو) من البنك، بسعر الصرف الرسمي، مع الختم على الجواز من قبل البنك، لكنه يستدعي بعد ذلك ختم الخروج من البلاد على الجواز، وهو ما يدفع بهؤلاء الى التوجه الى المعابر البرية مع تونس تحديداً لكونها قريبة والطرق إليها سريعة، لاستيفاء هذا الإجراء، بهدف الاستفادة أيضاً العام المقبل.
وبعد ختم الخروج على الجواز في المعبر، يعود هؤلاء مباشرة إلى المعبر للدخول إلى الجزائر، ومن ثم يقومون بإعادة بيع هذا المبلغ البسيط من العملة الأجنبية في السوق السوداء، 100 يورو مقابل 25 ألف دينار، ما يوفر لهم ربحاً يقدر بعشرة آلاف دينار، ما يعني أن رب عائلة يمكنه مع أربعة أفراد آخرين من عائلته الحصول على المنحة السياحية من البنك بسعر، وإعادة بيع العملة بعد العودة وتحقيق ربح بـ50 ألف دينار، وهو مبلغ محترم يعادل أجرة عامل أو موظف إداري في الجزائر.
وعلى غير العادة قبل أزمة كورونا، بات ملاحظاً في هذه الفترة، التي تسبق نهاية العام، وجود ازدحام في المعابر الحدودية التي كانت تشهد مثل هذا الازدحام والحركة في فترة عطلة الصيف وعطلة الربيع، حيث تتوافد أعداد من الجزائريين إلى المعابر الحدودية، ثم يغادرون لساعات أو نصف يوم، يزورون المدن التونسية القريبة مثل طبرقة وقلعة سنان وغيرها، ويعودون في نفس اليوم، لاستيفاء إجراء ختم الخروج المرتبط بالمنحة السياحية.
ومن بين العوامل التي تشكل هذا الازدحام أيضاً، توافد أعداد كبيرة من التونسيين، خاصة من سكان المناطق الحدودية التونسية الذين أصبحوا يتوجهون إلى المدن والبلدات الجزائرية القريبة للتزود بالمواد التموينية، سواء بسبب سعرها المنخفض مقارنة مع سعرها في تونس كالزيت والقهوة، أو لندرتها في المحال التونسية كالسكر وغيرها.
وقال أحد الجمركيين العاملين في معبر ملولة الحدودي بين الجزائر وتونس، والذي تحفظ على ذكر اسمه، لـ" العربي الجديد"، إن" ظاهرة توافد الجزائريين لختم الخروج بسبب المنحة السياحية باتت تتكرر في كل عام، خاصة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن انتبه لذلك البعض، وأصبحنا نلاحظ، مع نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول، توافد كبير للجزائريين، حتى للعائلات، الذين يدخلون إلى تونس ويعودون في نفس اليوم، لا لغرض إلا لختم الجواز".
ولا تتوفر السلطات في الجزائر على أية آلية لوقف هذه الظاهرة، اذ ليس هناك ما يمنع خروج المواطنين وعودتهم في وقت قصير في إطار حرية التنقل، لكن الظاهرة ستستمر طالما أن فارق سعر الصرف في الجزائر كبير بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، وهو ما يغري المواطنين بذلك، رغم أن القانون الجزائري يمنع المتاجرة بالعملة او المضاربة بها.