ارتفاع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى 4.7%

17 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 12:21 (توقيت القدس)
اتساع دائرة البطالة في بريطانيا والعالم (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ارتفع معدل البطالة في بريطانيا إلى 4.7% بسبب تأثيرات ميزانية حكومة حزب العمال، مما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم، مع انخفاض عدد الموظفين المسجلين على جداول الرواتب.

- يواجه بنك إنكلترا ضغوطًا لخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، مع توقعات بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام، رغم تباطؤ سوق العمل.

- أظهرت بعض المؤشرات مرونة في سوق العمل، مثل التحسن في الأجور وزيادة الداخلين الجدد، لكن الضغوط على الشركات قد تزيد التوترات الاقتصادية.

في تطور لافت يعكس التحديات التي يواجهها الاقتصاد البريطاني في مرحلة ما بعد الجائحة والتغيرات السياسية، ارتفع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى 4.7%، اليوم الخميس، وهو الأعلى منذ أربع سنوات، وفقًا لأحدث بيانات "هيئة الإحصاءات الوطنية" (ONS). يسلط هذا الارتفاع الضوء على هشاشة سوق العمل في ظل مجموعة من العوامل الضاغطة، أبرزها تبعات أول ميزانية لحكومة حزب العمال الجديدة، التي رافقتها زيادات ضريبية كبيرة ورفع في الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.

وتأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة لبنك إنكلترا، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن خفض أسعار الفائدة لضبط التوازن بين دعم الاقتصاد وكبح التضخم. وارتفع معدل البطالة إلى 4.7% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو/أيار، مقارنة بـ4.6% في الفترة السابقة. وأظهرت بيانات ضريبية منفصلة أن عدد الموظفين المسجلين على جداول الرواتب انخفض بأكثر من 41 ألفًا في يونيو/حزيران، وهو تراجع أسوأ من الانخفاض المتوقع البالغ 35 ألفًا، بحسب الاقتصاديين، وفقًا لـ"بلومبيرغ".

وبينما تُظهر الإحصاءات استمرار التأثير السلبي لرفع الحد الأدنى للأجور وزيادة ضريبة الرواتب بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (35 مليار دولار)، التي فرضتها حكومة حزب العمال في إبريل/نيسان، إلا أنها تشير أيضًا إلى أن التأثير على الوظائف قد لا يكون بالحدة التي كان يُعتقد سابقًا. فقد تم تعديل أرقام انخفاض الرواتب في مايو/أيار من 109 آلاف إلى 25 ألفًا فقط، وهو تغيير عزته الهيئة إلى "سمات خاصة" بدورة إعداد التقارير في ذلك الشهر.

وتذبذب الجنيه الإسترليني بعد صدور البيانات، حيث انخفض في البداية قبل أن يعاود الارتفاع بعد إعلان التعديلات. وبقيت التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من بنك إنكلترا شبه ثابتة، إذ لا يزال المتداولون يتوقعون خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام، مقارنة بـ51 نقطة يوم الأربعاء. وأظهر تقرير الوظائف تباطؤًا واسع النطاق في سوق العمل، ما يعزز مبررات إجراء مزيد من خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. وكان محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي قد أشار سابقًا إلى تدهور سوق العمل باعتباره عاملا رئيسيا في توجه البنك نحو تخفيف السياسة النقدية، فيما يراهن المتداولون على احتمال يفوق 80% لخفض ربع نقطة في الشهر المقبل، نقلاً عن "بلومبيرغ".

وبحسب "بلومبيرغ"، قال بول دايلز، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة لدى Capital Economics، إن تأثير ميزانية حزب العمال الأولى على الوظائف "لم يكن بالقدر الذي كنا نتخوف منه". وأضاف: "مع ذلك، فإن تراجع التوظيف وتباطؤ نمو الأجور يعني أن بنك إنكلترا سيواصل خفض أسعار الفائدة، على الرغم من بيانات التضخم القوية التي صدرت أمس". ولا تزال جداول الرواتب أقل بـ185 ألف وظيفة مقارنة بما كانت عليه في أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن تعلن وزيرة المالية رايتشل ريفز تغييرات الميزانية التي زادت تكاليف التوظيف على الشركات. وهذا الرقم يُعد تحسنًا مقارنة بتقديرات الهيئة الشهر الماضي، التي أشارت إلى انخفاض بـ276 ألف وظيفة.

وتراكمت الأدلة على التداعيات الاقتصادية لميزانية ريفز الأولى في البيانات الأخيرة. فقد أُشير إلى الضرائب المرتفعة باعتبارها أحد العوامل وراء الانكماش المتتالي في الناتج المحلي الإجمالي خلال إبريل/نيسان ومايو/أيار، كما حُمِّلت جزئيًا مسؤولية ارتفاع التضخم إلى 3.6% في بيانات يونيو/حزيران التي صدرت يوم الأربعاء. ورغم تحذيرات "مكتب الميزانية البريطاني" من أن المزيد من الضرائب قد يعيق النمو، فإن ريفيز قد تُضطر إلى فرض زيادات ضريبية إضافية في الخريف. وكانت قد صرحت العام الماضي بأن الميزانية التي تضمنت زيادات ضريبية "مرة واحدة فقط" كانت ضرورية لسد فجوة مالية خلّفتها حكومة المحافظين السابقة.

بدوره، قال سانجاي راجا، الاقتصادي في "دويتشه بنك" – المملكة المتحد، لـ"بلومبيرغ": رغم الارتفاع المفاجئ في التضخم، فإن التراخي في سوق العمل يجب أن يمنح بنك إنكلترا سببًا لمواصلة تخفيف السياسة النقدية بشكل تدريجي". وأضاف: "النهج التدريجي والحذر يبدو مناسبًا في الوقت الحالي، ولا نعتقد أن الظروف تستدعي خفضًا أسرع للفائدة في الوقت الراهن. السوق يتراخى، ولكن ليس بالسرعة التي أشارت إليها البيانات غير المعدلة".
وقد أثارت التعديلات الكبيرة في البيانات شكوكًا حول حجم التراجع الفعلي في التوظيف، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير السرد حول حالة سوق العمل في وقت حساس، حيث يحاول بنك إنكلترا تحديد مدى إمكانية خفض الفائدة أكثر.

أبرز ما كشفه تقرير الوظائف:

1.    انخفض نمو الأجور (باستثناء المكافآت) إلى 5% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو، مقارنة بـ5.3% سابقًا، وهو لا يزال أعلى قليلاً من التوقعات البالغة 4.9%.

2.    تراجعت الوظائف الشاغرة في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو بمقدار 56 ألفًا لتصل إلى 727 ألفًا، ما يجعلها تنخفض أكثر عن مستويات ما قبل الجائحة.

3.    سُجِّل انخفاض حاد في عدد الأشخاص غير النشطين اقتصاديًا (أي غير العاملين وغير الباحثين عن عمل)، حيث انتقل 139 ألف شخص إلى سوق العمل مقارنة بالربع السابق، ما خفّض عدد غير النشطين إلى 9.1 ملايين شخص. وكانت النسبة الأكبر من هذا الانخفاض نتيجة تراجع عدد الأشخاص الذين "يرعون شؤون المنزل".

4.    بعد احتساب التضخم، ارتفع الأجر الحقيقي المنتظم بنسبة 1.8%، وهو الارتفاع الثاني والعشرون على التوالي، لكنه يُعد الأبطأ منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نتيجة لتسارع التضخم وتباطؤ نمو الأجور في الفترة الأخيرة.

إن التباين في أرقام التوظيف والمراجعات الكبيرة التي طرأت على بيانات الرواتب يعكسان حالة من الغموض والتقلب في سوق العمل البريطاني، ما يصعّب على صناع القرار، وعلى رأسهم بنك إنكلترا، صياغة سياسة نقدية مستقرة. وبينما تشير بعض المؤشرات إلى أن تأثير ميزانية حكومة العمال لم يكن كارثيًا كما خشي البعض، فإن استمرار انخفاض عدد الوظائف وارتفاع معدل البطالة يُظهر أن الضغوط على الشركات، وخاصة الصغيرة منها، لا تزال قائمة.

في المقابل، فإن التحسن الطفيف في الأجور الحقيقية، رغم تباطؤه، والزيادة في أعداد الداخلين إلى سوق العمل من فئات غير نشطة سابقًا، يدلان على مرونة نسبية في بنية سوق العمل البريطاني. غير أن هذه المرونة قد لا تكون كافية لتعويض الأثر طويل الأمد للسياسات المالية المتشددة، خاصة إذا ما تم اعتماد زيادات ضريبية إضافية في الخريف كما يُرجح.

ومع دخول الاقتصاد البريطاني في مرحلة دقيقة من التباطؤ والبحث عن توازن ما بين ضبط الإنفاق العام وتحفيز النمو، يبقى مصير أسعار الفائدة رهن تفاعل عناصر عدة: اتجاهات التضخم، قدرة سوق العمل على امتصاص الصدمات، ومدى فعالية السياسة المالية في تحقيق الاستقرار دون خنق النشاط الاقتصادي. وما لم تتمكن الحكومة من التوفيق بين احتياجات السوق وتحقيق العدالة الضريبية، فقد تشهد البلاد مزيدًا من التوترات الاقتصادية والاجتماعية في الفترة المقبلة، مع تزايد المخاوف من تباطؤ أشمل وأعمق في الاقتصاد البريطاني.

المساهمون