ارتفاع حاد للتضخم السنوي في مصر... تخطى 19% مدفوعاً بأسعار الغذاء

ارتفاع حاد للتضخم السنوي في مصر... تخطى 19% مدفوعاً بأسعار الغذاء

08 ديسمبر 2022
ارتفاع الأسعار في الأسواق (Getty)
+ الخط -

قفز معدل التضخم السنوي في مصر إلى 19.2 بالمائة خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من 16.3 بالمائة في أكتوبر/تشرين الأول السابق. وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، الخميس، أن التضخم الشهري في البلاد سجل 2.5 بالمائة في نوفمبر.

يأتي ارتفاع التضخم الحاد، مدفوعا بقيام البنك المركزي المصري بتحريك أسعار صرف الجنيه أمام الدولار، ليبلغ متوسط 24 جنيها لكل دولار واحد، مقارنة مع متوسط 18.5 جنيها في أكتوبر.

وارتفع تضخم أسعار مجموعة الطعام والمشروبات بنسبة 30.9 بالمائة خلال الشهر الماضي على أساس سنوي، بصدارة مجموعة الحبوب التي ارتفعت بنسبة 52.1 بالمائة مقارنة مع نوفمبر 2022.

كما زادت أسعار مجموعة المشروبات الكحولية والسجائر بنسبة 13.8 بالمائة على أساس سنوي، و14.4 بالمائة لمجموعة الملابس والأحذية، والرعاية الصحية 12.4 بالمائة، والنقل والمواصلات 16.6 بالمائة.

وقال سامح حسن مدير مجموعة صافولا، لـ "العربي الجديد"، إن سعر الصرف وتراجع الجنيه، واتباع سياسات التعويم المستمرة للجنيه، طوال السنوات الماضية، أدى إلى زيادة تكلفة السلع ومزاولة الأعمال، ونمو التضخم محلياً، بالإضافة إلى آثار التضخم الذي تفرزه الأسواق الدولية المتأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية.

وشكك خبراء في نسبة الزيادة المسجلة رسمياً لاعتمادها على أسس غير متوافق عليها علميا تتبعها الأجهزة الرسمية والحكومة للتخفيف من الصدمات الاقتصادية التي تمر بها الدولة.

واستشهد خبراء، تحدثوا لـ "العربي الجديد" وفضلوا عدم ذكر أسمائهم، بأن تراجع قيمة العملة وشح الدولار وقيود البنك المركزي على الواردات دفعت الأسعار إلى أعلى، رغم حالة الركود والانكماش في الطلب على السلع، من قبل المستهلكين.

وبين الخبراء أن الجنيه تراجع أمام الدولار، بنسبة 26% منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مع بدء الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، على المرحلة الثالثة من التعويم مقابل قرض قيمته 3 مليارات دولار، مؤكدين أن مرحلة التراجع ستواصل مسارها، بما يعني المزيد من التضخم وغلاء أسعار السلع المحلية والمستوردة، بمعدلات غير معلومة، وغير مسبوقة تتجاوز أجواء التفاؤل التي يبثها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، لأنها لا ترتكز إلى الواقع بالأسواق. 

ويتوقع الخبراء أنفسهم أن يقفز التضخم الأساسي إلى 21.6% في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو المؤشر الذي سيعلنه البنك المركزي الأسبوع المقبل، بما يدفعه إلى زيادة سعر الفائدة ما بين 200 إلى 300 نقطة أساس، قبل نهاية العام الحالي. 

وقال خبراء إن الحكومة تواجه وضعاً اقتصادياً قاسياً، يضاعف من مشاكلها، تخصيص 30.7 مليار دولار من الميزانية العامة للدولة المقدرة بنحو 93 مليار دولار، لخدمة الديون، مع وجود ضغوط خارجية متمثلة في تداعيات وباء كوفيد 19، والحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة الجنيه، بما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية، وجلب المعاناة لعشرات الملايين في بلد يعتمد نحو 72 مليونا منهم على الحصص الغذائية والدعم السلعي.

ويخشى الخبراء أن يرتبط اتفاق الحكومة مع صندوق النقد على برنامج جديد للإصلاح الهيكلي للموازنة العامة، مستهدفا "خطة إصلاح مالي شاملة للأشهر 46 المقبلة" يتضمن خفض شبكات الأمان الاجتماعي، وإصلاحات تعزز النمو، والخصخصة للمنشآت العامة، بما يرفع خدمات الدعم السلعي عن ملايين المصريين، والمزيد من الضغوط على الأسر الفقر، وزيادة معدلات البطالة. 

وذكر تقرير أصدرته ايكومنيست انتليجنس أمس أن التضخم في مصر سيستمر بمعدلات عالية خلال العام المقبل، بنسبة 14% بالمتوسط، بسبب تعديل سعر الصرف وتغيير أنظمة دعم الوقود، بما يبقي أسعار المستهلكين السنوي من رقمين، ويؤدي إلى صعوبات اقتصادية قد تؤجج الأجواء المناهضة للحكومة والاحتجاجات، في مصر والشرق الأوسط.

وأكد التقرير أن الجوانب السلبية للتضخم مرجحة بشدة، بما يعكس مختلف الصدمات العالمية والإقليمية، التي يمكن أن تعمل على تقويض النمو الاقتصادي والاستقرار والتماسك الاجتماعي والأمن.

المساهمون