ارتفاع اليوان السريع يرعب الصين ومصارفها تتسابق لبيعه وشراء الدولار

ارتفاع اليوان السريع يرعب الصين ومصارفها تتسابق لبيعه وشراء الدولار

07 يناير 2021
ارتفاع اليوان السريع يضعف الصادرات الصينية
+ الخط -

تسابقت المصارف التجارية الصينية الكبرى لبيع العملة الصينية، اليوان، وشراء الدولار الأميركي بعد ارتفاعه بقوة في أسواق الصرف في تعاملات الأيام الأولى من العام الجديد.

وارتفعت العملة الصينية إلى أعلى مستوياتها في تعاملات الثلاثاء، إذ بلغ سعر صرفها 6.476 يوان مقابل الدولار. وقال مصرفيون إن هذا الارتفاع القوي في سعر صرف اليوان يفوق كثيراً توقعات الخبراء التي قدرت ارتفاعه إلى 6.5 يوان مقابل الدولار بنهاية العام 2021.

وكسب اليوان 7.0% مقابل الدولار خلال العام الماضي. ويرى مصرفيون أن اليوان بهذا السعر المرتفع بلغ المستوى الخطر الذي سبق أن دفع السلطات النقدية الصينية إلى التدخل في سوق الصرف وخفض سعره مقابل الدولار.

ولا يزال اليوان الصيني محكوم بهامش تأرجح مقابل الدولار الأميركي ولكن مسموح له بحرية التعامل في أسواق الأوفشور فقط، وهي تعاملات ضئيلة ومحكومة برقابة مشددة من قبل بنك الصين (البنك المركزي الصيني)، وتتم هذه التعاملات في مراكز المال بسنغافورة وهونغ كونغ. 

ولاحظ مصرفيون غربيون أن البنوك التجارية الصينية الكبرى بدأت شراء الدولار وبيع اليوان بكثافة يوم الثلاثاء، وهي المبيعات التي خفضت قيمته بمعدل 5.0% خلال ساعة واحدة.

وهو أمر أثار شكوك الخبراء في أسواق الصرف من أن تكون هذه المبيعات المكثفة لليوان وشراء الدولار مدفوعة بتوجيهات من سلطات النقد الصينية التي أعربت عن قلقها في أكثر من مرة من مخاطر الارتفاع السريع لليوان في سوق الصرف. وجاءت هذه المبيعات المكثفة للعملة الصينية بعد ارتفاعها مقابل الدولار إلى 6.4577 يوان في بورصة شنغهاي. 

في هذا الصدد، لاحظ كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة بمصرف أغريكول الفرنسي، داريوس كوالزايك، أن سرعة تراجع اليوان منذ يوم الثلاثاء من الصعب استمرارها. وترى السلطات الصينية أن ما حدث من ارتفاع في سعر صرف العملة الصينية غير مقبول ولن يكون في صالح تمدد تجارتها الخارجية.

وقال الخبير كوالزايك: "لن أكون مندهشاً إذا اتضح أن هذا التصحيح الكبير والسريع في سعر العملة الصينية حدث بواسطة مصارف تجارية متحالفة مع البنك المركزي الصيني".

لكن لدى البنك المركزي الصيني أدوات مالية ونقدية أخرى يمكنه استخدامها لخفض سعر صرف اليوان، من بينها رفع هامش تأرجح اليوان مقابل الدولار وتبني سياسة أكثر مرونة تجاه تحويلات رأس المال إلى خارج الصين. 

من جانبه، توقع الاقتصادي بمصرف "سيتي غروب" ليوي ليغانغ أن يساهم صعود الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في تحسين العلاقات بين واشنطن وبكين، وبالتالي دعم سعر صرف اليوان.

ولم يستبعد الاقتصادي ليغانغ، في تعليقات نقلها موقع "زيرو هيدج" الأميركي، ارتفاع سعر العملة الصينية وتراجع صرف الدولار إلى 6 يوانات بنهاية العام الجاري، 2021. ولكن رغم هذه المبيعات المكثفة وشراء الدولار، يرى مصرفيون أن العملة الصينية ستواصل الارتفاع خلال العام الجاري وربما تصل إلى 6 يوانات مقابل الدولار. 

ويرجع خبراء في الأسواق أسباب الارتفاع الكبير في سعر صرف العملة الصينية خلال الأيام الأخيرة إلى ستة عوامل رئيسية، هي: أولاً ضعف سعر صرف الدولار، وثانياً اتفاقات التجارة والاستثمار العالمية التي وقعتها الصين خلال العام الماضي ومن بينها اتفاقية الاستثمار مع دول الاتحاد الأوروبي واتفاقية منطقة التجارة الكبرى، وهذه الاتفاقات سترفع حجم الصادرات الصينية والتدفقات الدولارية والعملات الصعبة للسوق الصيني، وثالثاً: الفارق الكبير بين العائد الذي يحققه المستثمرون من شراء السندات الصينية مقارنة بالعوائد المتواضعة والمتدنية في السندات الأميركية والأوروبية، ورابعاً: الخروج المبكر للاقتصاد الصيني من جائحة كورونا والارتفاع الكبير في الصادرات، وخامساً التوسع في البورصات الصينية التي ارتفعت أصولها فوق 10 ترليونات دولار مع ارتفاع كبير لحجم الاكتتابات الجديدة التي بلغت نسبتها نحو 26% خلال العام الماضي من إجمالي نسبة الاكتتابات في البورصات العالمية، وسادساً: التوقعات بالفوائد التي ستجنيها الصين من صعود الحزب الديمقراطي للحكم في الولايات المتحدة. 

ويرى محللون أن هذه العوامل كافية لرفع جاذبية اليوان الصيني وجذب السمتثمرين لشراء الأصول الصينية خلال العام الجاري، رغم التدخل الصيني المحتمل في سوق الصرف.

في هذا الصدد، قال تاجر عملات بمصرف صيني لوكالة رويترز: "لا أعتقد أن هذه المشتريات الدولارية التي نفذتها البنوك الصينية ستوقف ارتفاع قيمة العملة الصينية". ومن المتوقع أن ترفع الحكومة الصينية من إصدار السندات السيادية وكذلك سندات الحكومات المحلية.

وقال وزير المالية الصيني ليو كون: "ستصبح السياسة المالية الاستباقية أكثر استدامة من حيث نطاق الإنفاق وقوة السياسة لترك المزيد من المساحة للسياسات في مواجهة المخاطر والتحديات في المستقبل".

وأشار كون إلى أن مخاطر قروض الحكومات المحلية تحت السيطرة بشكل عام، ولكن مخاطر القروض الحكومية الكامنة تتزايد، كذلك التخلف عن السداد في مناطق عديدة. من جانبها، قالت سلطات الصرف الأجنبي ببنك الشعب الصيني (المصرف المركزي)، إنها ستعمل على وقف التأرجح المضطرب في أسواق الصرف، وذلك في إشارة إلى ارتفاع سعر اليوان. 

المساهمون