ارتفاع الفساد إلى مستوى قياسي في مصر... تعرف على الأسباب

14 فبراير 2025
الفساد سبب رئيسي في تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين (محمود الخواص/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تراجع مؤشر الفساد في مصر لعام 2024 إلى مستوى قياسي، حيث احتلت المرتبة 130 من أصل 180 دولة، مع تذبذب ملحوظ في الدرجات منذ عام 2012.
- أرجع الخبراء تزايد الفساد إلى غياب قوانين حماية الشهود والمبلغين، وتعطيل اللجان الوطنية لمكافحة الفساد، واستبعاد الرقابة الشعبية، مما يعكس السيطرة السياسية المطلقة.
- تتولى الجهات السيادية صفقات بمليارات الدولارات بعيدًا عن الرقابة، مع غياب استراتيجية وطنية دائمة لمكافحة الفساد، مما يؤدي إلى إهدار الأموال العامة وارتفاع معدلات الفساد.

 

سجل مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية، التابعة للأمم المتحدة، تراجعاً في قدرة حكومة القاهرة على محاربة الفساد، مؤكداً هبوط مصر إلى مستوى قياسي للفساد، عند المرتبة 130 من أصل 180 دولة، بمعدل تغيير خمسة مراكز عن المسجلة في عام 2023. يظهر منحى المؤشر المسجل لعام 2024، حصول مصر على 30 درجة من 100 درجة في تقييم الأداء لمكافحة الفساد في المؤسسات العامة، لتصل إلى المستوى الأدنى المحقق على مدار 12 عاماً.

وجاءت درجات مصر: 32 في عامي 2012 و2013، ثم 37 عام 2014، لتتجه إلى مرحلة التذبذب وتصل إلى 36 ثم 34 و32 و35 و33 و30 على التوالي، لتستقر عام 2023 عند 35، لتعاود السقوط في اتجاه القاع عند 30 عام 2024.

يظهر المؤشر تصاعد معدلات الفساد خلال العقد الماضي، بزيادة نحو 20 مركزاً عن متوسط المعدلات التي سادت خلال الفترة بين عامي 2000 إلى 2011.
أكد برلمانيون وخبراء مكافحة الفساد أن تراجع مكافحة الفساد في مصر يعود إلى غياب قوانين حماية الشهود والمبلغين عن الفساد، مع تعطيل مجلس الوزراء أعمال اللجان الوطنية لمكافحة الفساد، واستبعاد رقابة المجتمع المدني والرقابة الشعبية من عضوية لجان مكافحة الفساد بالمحليات.
يظهر التقرير أن الفساد في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، يعد من أعلى المعدلات في أنحاء العالم، حيث جاء متوسط الدول عند النقطة 39 من أصل 100 نقطة، يحددها مؤشر المنظمة الدولية لتقييم أداء مكافحة الفساد في القطاع العام.

يؤكد التقرير أن زيادة معدلات الفساد بالمنطقة ترجع إلى السيطرة شبه المطلقة لقادتها السياسيين، الذين يستفيدون من الثروة التي يوجهونها نحو أنفسهم مع قمع أي معارضة للحفاظ على سلطتهم، مما يسمح للصراع بالاحتدام عبر عدد من الدول. يلفت التقرير إلى أن الحكومات الاستبدادية الراسخة، تتمتع بقبضة قوية على أنظمتها الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بها، بينما يمارسون الفساد سراً، مشيراً إلى مصر كنموذج في حصولها على 30 نقطة في مؤشر أسعار المستهلكين.

تتولى الجهات السيادية في مصر شراء القمح والمواد البترولية والسلع الأساسية، عبر صفقات تقدر بمليارات الدولارات سنوياً، تجري بعيداً عن أعين الجهات الرقابية والشعبية، وبالإسناد المباشر للمناقصات الدولية والمحلية.
أشار التقرير إلى استهداف حكومات المنطقة أصوات النخبة المعارضة من الصحافيين والنشطاء السياسيين، ومنظمات المجتمع المدني، لإسكات مطالب المساءلة.

أرجع عضو مجلس النواب المصري السابق، عبد الحميد كمال زيادة، معدلات الفساد في الأجهزة الحكومية والقطاع العام إلى عدم التزام الحكومة بوضع استراتيجية وطنية دائمة لمحاربة الفساد، وغياب التشريعات القانونية اللازمة لمواجهته، مشيراً إلى تعطيل إصدار قانون "حماية المبلغين والشهود" على مدار السنوات الماضية، والذي يستهدف حماية الشهود والمبلغين عن وقائع فساد داخل الأروقة الرسمية والمتعلقة بالمال العام، الأمر الذي يعرّض كل من يساهم في مواجهة "مافيا" الفساد إلى فقد وظيفته أو الاضطهاد من قبل مرؤوسيه الذين يرتكبون تلك الجرائم بدون رادع.

من أسباب الفساد في مصر

وأوضح زيادة، الخبير في شؤون الإدارة المحلية، أن الحكومة أعلنت عدة مرات عن استراتيجية وطنية للفساد، جرى تبديلها منذ عام 2014، وحددت مواعيد ثابتة لانعقاد لجنة الشفافية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تختص بمراقبة الفساد ومراجعة التقارير التي تصدرها دورياً منظمة الشفافية الدولية والهيئات التابعة للأمم المتحدة، للاستفادة من تلك التقارير في ملاحقة الفساد وتطوير أدوات مكافحته.

وأكد أن أعمال اللجنة معطلة، بينما وضعت اختصاصات مكافحة الفساد في يد لجان بالمحافظات، تتبع وزيرة التنمية المحلية، يشارك بها مسؤولون يفترض وضعهم تحت رقابة أجهزة مكافحة، بحيث أصبح مطلوباً من الشخص المحتمل أن يرتكب تلك الجرائم رقيباً على نفسه.

أوضح كمال أن غياب استراتيجية مكافحة الفساد، جعل كل جهة رقابية تعمل في جزر منعزلة، بينما يتعاظم الفساد في المؤسسات العامة وتهدر أموال الشعب التي تجمع في الصناديق الخاصة بالوزارات والمحافظات، لتنفق بدون رقابة على كبار الموظفين والأجهزة الأمنية والإدارية، بلا ضوابط، مبيناً أن غياب الرقابة الشعبية وعدم دخول ممثلي المجتمع المدني ضمن تشكيلات اللجان الرقابية لمكافحة الفساد، يُبقي على مافيا الفساد، ويدفع معدلاته إلى أعلى، بما يحول دون نمو الاقتصاد الوطني، ولا يُشعر المواطنين بنتائج التنمية والمشروعات المختلفة التي تقام بالدولة.