ارتفاع أسعار النفط والغاز والذهب إثر العدوان الإسرائيلي على إيران
استمع إلى الملخص
- اتجه المستثمرون نحو أصول الملاذ الآمن مثل الذهب، الذي سجل مكاسب قوية، مما يعكس قلقهم من تصاعد التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الأسواق المالية.
- ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الأوروبية بشكل حاد، مما يعكس المخاوف من تعطّل الشحنات عبر مضيق هرمز، في ظل توترات تجارية ومخاوف تضخمية عالمية.
شهدت الأسواق العالمية حالة من التوتر والارتباك عقب العدوان الإسرائيلي على إيران، فقد اشتعلت أسعار النفط والغاز والذهب، علماً أن العملية التي حملت اسم "الأسد الصاعد" استهدفت مواقع حساسة، بينها منشآت نووية وقادة عسكريون وعلماء، ما أثار مخاوف واسعة من تصعيد إقليمي قد يؤثر على إمدادات الطاقة العالمية ويشعل فتيل حرب أوسع في الشرق الأوسط. وسرعان ما تفاعلت الأسواق مع التطورات، حيث قفزت أسعار النفط بأكثر من 12%، في واحد من أقوى الارتفاعات خلال الأشهر الماضية. إذ ارتفع سعر برميل خام تكساس الوسيط بنسبة 12.6% ليصل إلى 76.61 دولاراً، بينما قفز خام برنت بنسبة 12.2% ليبلغ 77.77 دولاراً، وفقاً لوكالة فرانس برس. وفي هذا الصدد، قال كبير محللي الطاقة في "إم.إس.تي ماركي" سول كافونيك لوكالة فرانس برس إن "الهجوم الإسرائيلي زاد من علاوة المخاطر"، مضيفاً أن السيناريو الأخطر يتمثل في رد إيراني محتمل قد يعرقل ما يصل إلى 20 مليون برميل يومياً من الإمدادات عبر مضيق هرمز، الشريان الحيوي لنقل النفط العالمي.
ورغم ذلك، أكدت "الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط" أن الهجمات لم تُلحِق ضررًا مباشرًا بمنشآت النفط أو أنظمة التوزيع، مشيرة إلى أن العمليات مستمرة بشكل طبيعي. وبالتوازي مع ارتفاع النفط، اتجه المستثمرون نحو أصول الملاذ الآمن، وعلى رأسها الذهب الذي سجل مكاسب قوية. وصعد سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% ليصل إلى 3412.29 دولاراً، بينما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة 1.2% إلى 3384.4 دولاراً. وسجل المعدن الأصفر مكاسب أسبوعية بنحو 3.1% مستفيداً من تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية. كما ارتفعت أسعار بقية المعادن الثمينة مثل الفضة بنسبة 0.3% والبلاتين 0.2% والبلاديوم 0.6%.
في غضون ذلك، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن العملية تهدف إلى "تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ الباليستية"، مؤكداً أن الضربة كانت "استباقية ودقيقة ومنسقة على أعلى المستويات". من جهته، توعّد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إسرائيل بـ"عقاب صارم" في رسالة رسمية بثها التلفزيون الإيراني، ما يعزز المخاوف من ردات فعل متبادلة قد تخرج عن السيطرة. أما الولايات المتحدة، فأعلنت من جانبها أنها لم تشارك في العملية، وفق ما أفاد به مسؤولان أميركيان "رويترز"، ما يعكس رغبة واشنطن في تجنب الانجرار المباشر إلى التصعيد.
إلى ذلك، شهدت أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الأوروبية ارتفاعاً حاداً بعدما نفّذت إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية ضد إيران. وأفادت شبكة بلومبيرغ بأن العقود الآجلة المعيارية صعدت بنسبة بلغت 5.7% يوم الجمعة، في أكبر ارتفاع منذ أكثر من خمسة أسابيع. وجاء هذا الارتفاع بالتوازي مع صعود أسواق الطاقة الأوسع، حيث سجلت أسعار النفط أيضاً قفزة قوية، فيما يكمن الخطر الأكبر في احتمال تعطّل الشحنات عبر مضيق هرمز، وهو ممر مائي بالغ الأهمية لتصدير الغاز الطبيعي المسال والنفط. ورغم أن إيران كثيراً ما هددت بإغلاق المضيق خلال فترات التوتر السياسي، فإنها لم تقدم على ذلك حتى الآن.
وفي حين لا توجد مؤشرات على تعطيل فعلي لإمدادات الغاز المسال، فإن التأخيرات واردة في حال بدأت السفن بتجنّب المرور عبر المضيق. وقد سجلت العقود الآجلة الهولندية لهذا الشهر، وهي المؤشر المرجعي لأسعار الغاز في أوروبا، ارتفاعاً بنسبة 3.68% لتصل إلى 37.51 يورو لكل ميغاواط/ساعة عند الساعة 8:10 صباحاً بتوقيت أمستردام، وفقاً لبلومبيرغ. وفي ظل اقتصاد عالمي يعاني طوال العام من توترات تجارية ومخاوف تضخمية، كانت أسعار الطاقة المنخفضة أحد المؤشرات القليلة الإيجابية. لكن إذا استمرت قفزة أسعار النفط عقب الضربات الإسرائيلية على إيران، فإن هذا المكسب سيتحوّل إلى عبء إضافي يثقل كاهل الاقتصاد العالمي، حسب توقعات الشبكة الأميركية. وفي هذا الصدد، قالت رئيسة قسم الاقتصاد لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "موديز أناليتكس"، كاترينا إيل، في مقابلة مع بلومبيرغ، إن "هذا التصعيد يأتي في توقيت بالغ السوء للاقتصاد العالمي، في ظل حالة عدم اليقين الشديدة والفوضى الناتجة عن السياسة الحمائية الأميركية".