احتكار الأجواء اليمنية: معاناة من تعطيل المطارات وتكاليف السفر

احتكار الأجواء اليمنية: معاناة من تعطيل المطارات وتكاليف السفر

04 يوليو 2021
تعطيل المطارات يؤثر على حركة الركاب (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن عبد الله الوصابي يدرك حجم الصعوبات والتكاليف الضخمة التي سيدفعها للقيام برحلة سفر اضطرارية إلى خارج اليمن. وجد الرجل نفسه في متاهة، حيث عليه أن يبذل جهداً كبيراً ويدفع مبالغ ضخمة لكي يتمكن من نقل زوجته التي تعاني من مرض عضال، للعلاج في الخارج.

كانت المهمة الأولى، وفق حديثه لـ"العربي الجديد"، القيام بمهمة شاقة للانتقال من صنعاء إلى إحدى المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية للحصول على جواز سفر، بعدما تم رفض الجواز الذي يتم استخراجه من الجهات المختصة في صنعاء، إذ أن الطرف الآخر هو من يدير المطارات المحدودة والطيران الحكومي الوحيد العامل في البلاد، إضافة إلى احتكار الأجواء اليمنية من قبل التحالف العربي.

يكلف استخراج جواز السفر نحو 50 ألف ريال يمني (80 دولاراً) بعد استكمال إجراءات روتينية منهكة، تضاف إلى ذلك نفقات التنقل واجتياز طرق شاقة ووعرة للوصول إلى عدن جنوب اليمن أو تعز جنوب غربي البلاد، والتي تتجاوز 15 ألف ريال للمسافر الواحد، إلى جانب تكاليف الأكل والسكن. لا يختلف الأمر لدى الشاب أحمد العزعزي الذي استكمل إجراءات سفره للعمل في إحدى الدول المجاورة لليمن.

يؤكد أحمد لـ"العربي الجديد"، عودته خائباً من منفذ الوديعة في منطقة العبر بحضرموت، المنفذ البري الوحيد العامل في اليمن، بسبب رفض السلطات المعنية عبوره من المنفذ حتى يستكمل الوثائق المطلوبة والمتعلقة بإجراءات الحجر الصحي وأخذ اللقاح الخاص بفيروس كورونا.

تكاليف ضخمة

عشرات اليمنيين يتم منعهم من عبور هذا المنفذ لاستكمال الإجراءات المتعلقة بكورونا، والتي تتطلب إنفاق المزيد من الأموال تصل إلى نحو 500 دولار، بينما تضاعفت أسعار تذاكر السفر عما كانت عليه قبل الحرب، إذ تبلغ حالياً نحو 670 دولاراً للتذكرة الواحدة للسفر عبر الطيران الحكومي الوحيد المحتكر للأجواء والمطارات اليمنية العاملة، والمتمثلة في مطاري عدن وسيئون بحضرموت جنوب اليمن.

ويحصل ذلك، في ظل تعطيل بقية المطارات، من بينها المطار الرئيسي في اليمن، أي مطار صنعاء، بينما لم تكن تتعدى قيمة التذكرة الواحدة قبل الحرب 300 دولار.

الخبير في الملاحة الجوية إبراهيم فضل، الذي يدير شركة خاصة بالسفريات والنقل البري الخارجي، يرد في حديثه مع "العربي الجديد"، هذا الارتفاع الهائل في تكاليف السفر إلى عدة أسباب، منها تهاوي العملة وأزمة الوقود وارتفاع أسعاره، إلى جانب وضعية البلاد الراهنة التي ضاعفت تكاليف خدمات السفر والتنقل، بعد خروج قطاع النقل والأجواء اليمنية عن سيطرة السلطات المعنية اليمنية وتحولها إلى إحدى أهم أوراق الصراع الدائر في البلاد.

ويضيف أن تذكرة السفر قبل الحرب كانت توازي قيمتها الآن بعد مرور ست سنوات من الصراع الدائر، مع الاختلاف في فارق سعر الصرف، حيث إن الدولار لم يكن في ذلك الوقت يساوي 250 ريالاً يمنياً.

أزمات النقل

ويواجه قطاع النقل الجوي في اليمن العديد من المشاكل والأزمات، أهمها عدم وجود استراتيجية عامة وواضحة لتطوير البنية التحتية للمطارات ومحدودية القدرات المؤسسية في إدارة سياسات النقل الجوي.

وترزح الخطوط الجوية اليمنية حاليا تحت وضعية احتكارية مطلقة، نظرا لتوقف عدد كبير من شركات الطيران الأخرى غير اليمنية عن تنظيم رحلات إلى اليمن بسبب ظروف الحرب والصراع، وبالتالي فقد مكّنها هذا الوضع الاحتكاري من المغالاة في تكاليف خدمات الطيران ورفع قيمة تذاكر السفر بشكل كبير.

ويقول المحلل الاقتصادي عمار الضلعي لـ"العربي الجديد"، إن تعطيل المطارات اليمنية واختطاف الأجواء وغلق المنافذ البرية ضاعف من معاناة اليمنيين بشكل لم يعد باستطاعة الكثير منهم احتماله، خصوصاً المرضى والطلاب المبتعثين إلى الخارج والقطاع التجاري ورجال الأعمال والمغتربين. ويتحدث عن التأثير الكارثي لإغلاق مطار صنعاء والذي كان يخدم كتلة سكانية كبيرة وتعطيل مطارات الرئيسية في بعض المحافظات مثل مطار تعز والحديدة، وخضوع المطارات العاملة جنوب اليمن لسيطرة دولتي التحالف السعودية والإمارات واستخدامها، خاصة من الإمارات، لأغراض خاصة مثل مطار الريان في حضرموت ومطار سقطرى.

وكان مطار صنعاء الدولي المغلق للعام الرابع على التوالي من قبل التحالف يستحوذ على ما نسبته 80 في المائة من إجمالي المسافرين الدوليين والمحليين بنحو 6000 مسافر يومياً، قبل أن تتحول الرحلات إلى مطاري عدن وسيئون، ما أدى إلى زيادة معاناة المسافرين من بعض المحافظات، وخاصة المرضى وكبار السن، وأثر على حركة الإمدادات الإنسانية.

إذ يقدم موقع مطار صنعاء الجغرافي خدماته لأكثر من 11 محافظة. وفتح مطار صنعاء وبقية المطارات المتوقفة، في ظل ترتيبات مستدامة، سواء في ظل اتفاق استوكهولم أو المشاورات الجارية حاليا والتي ترعاها الأمم المتحدة وسلطنة عمان، سيكون له آثاره الإيجابية على حركة المسافرين عموما وعلى انسياب الإمدادات الغذائية إلى جميع المحافظات اليمنية.

تأثيرات الحرب

وأثرت الحرب بشدة على قطاع النقل الجوي وقدرته على العمل بشكل طبيعي نتيجة للأضرار التي تعرضت لها البنية التحتية، حيث إن جميع المطارات أصبحت إما خارج الجاهزية ومتوقفة عن العمل أو أنها تعمل بقدرة منخفضة جدا منذ بدء الحرب الدائرة في اليمن والتي تسببت في إيقاف جميع شركات الطيران الإقليمية والدولية عملياتها إلى اليمن.

وتقوم الشركة الوطنية "الخطوط الجوية اليمنية" بتشغيل عدد من الرحلات المجدولة من عدن وسيئون إلى عمان والقاهرة. ويستمر إغلاق مطار صنعاء للعام الثالث على التوالي، بحيث يقتصر استخدامه على بعض الرحلات الخاصة بالأمم المتحدة لنقل المساعدات الإغاثية والأدوية وتنقل وفود المنظمات الأممية.

كما لم تمنح أي من شركات الطيران تصاريح خطوط ملاحية إلى أي من المطارات التي من المفترض أنها جاهزة لاستقبال الرحلات مثل الريان الذي لم يتم استخدامه إلا بشكل محدود من قبل السلطات المحلية بحضرموت، إضافة إلى رفض التحالف تسيير رحلات داخلية بين مطارات عدن والمكلا وسقطرى وسيئون.

وتشير بيانات رسمية متاحة اطلعت عليها "العربي الجديد"، إلى أن عدد الرحلات الجوية لطيران الخطوط الجوية اليمنية خلال الفترة من 2010 حتى 2015 وصل إلى نحو 8500 رحلة من مطار عدن فقط، وهو المطار الرئيسي الوحيد العامل حالياً، إلى جانب استخدام محدود لمطار سيئون، وذلك إلى الوجهات المختلفة للتشغيل، في مقارنة بالفترة الممتدة من بداية الحرب وحتى عام 2019، حين وصل عدد الرحلات من المطار ذاته إلى نحو 1429 رحلة، بفارق 7123 رحلة.

المساهمون