اجتماع مصيري للبنوك المركزية... والعيون على باول

18 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 03:06 (توقيت القدس)
باول يدلي بشهادته أمام لجنة الشيوخ المصرفية، 25 يونيو 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تترقب الأسواق كلمة جيروم باول في ندوة جاكسون هول، حيث تتداخل إشارات التضخم المرتفعة مع اعتدال سوق العمل، وسط توقعات بخفض محتمل لأسعار الفائدة في سبتمبر.
- تركز ندوة هذا العام على "أسواق العمل في طور انتقال"، مع مناقشة العلاقة بين أسعار الفائدة ونمو الأجور والإنتاجية، وتأثيرها على السياسة النقدية.
- تتنوع السيناريوهات المحتملة لخطاب باول بين تيسير نقدي مشروط وتشديد لفظي خفيف، مع توصيات بتنويع الاستثمارات تحسباً لأي مفاجآت.

قبل أيام من انطلاق ندوة جاكسون هول للسياسة الاقتصادية في ولاية وايومنغ الأميركية بين 21 و23 أغسطس/آب 2025، تتجه الأنظار إلى الكلمة المرتقبة لرئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، الجمعة المقبل، في توقيت تتداخل فيه إشارات تضخم ما زالت أعلى من الهدف مع مؤشرات على اعتدال سوق العمل، وسط رهان سوقي بأن خفضاً للفائدة في سبتمبر/أيلول المقبل بات ممكناً إذا دعمت البيانات ذلك. وبحسب بنك كانساس سيتي الاحتياطي، يتمحور موضوع ندوة جاكسون هول هذا العام حول "أسواق العمل في طور انتقال: الديمغرافيا، الإنتاجية، والسياسة الكلية"، ما يعكس أن النقاش سيذهب مباشرة إلى قلب معادلة أسعار الفائدة وعلاقتها بنمو الأجور مقابل الإنتاجية وتوازن المخاطر بين كبح الأسعار وحماية التوظيف.

وندوة جاكسون هول الاقتصادية تعد من أقدم المؤتمرات المصرفية المركزية في العالم، إذ نظمت للمرة الأولى في مدينة كانساس الأميركية عام 1978، وتجمع بين خبراء الاقتصاد والمشاركين في السوق المالية والأكاديميين وممثلي الحكومة الأميركية ووسائل الإعلام لمناقشة القضايا طويلة الأجل ذات الاهتمام المشترك. وأظهرت الأجندة الرسمية لمجلس الاحتياط الفيدرالي أن كلمة باول تأتي تحت عنوان "التوقعات الاقتصادية ومراجعة الإطار". وبحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية أمس الأحد، قد يعرض باول الخطوط العريضة لإطار السياسة النقدية المحدث، بما في ذلك كيفية موازنة هدفي التضخم والتوظيف بعد تجربة السنوات الماضية؛ بينما يلتزم الخط الرسمي بوصف "مراجعة الإطار" دون وعود مسبقة. وقد يحمل خطابه أيضاً إمكانية تحديد استراتيجية المرحلة المقبلة.

وأشارت "رويترز" إلى أن احتمالات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل تتأرجح مع كل قراءة تضخم جديدة. فقد جاءت أسعار المنتجين لشهر يوليو/تموز الماضي أعلى من المتوقع، ما عقد مسار العودة السلسة إلى الهدف، ودفع المتعاملين إلى ترجيح خفض محدود بدل خطوات أكبر. وفي المقابل، تظهر قراءات إنفاق المستهلك ومؤشرات مبيعات التجزئة مرونة نسبية تخفف من مخاوف الهبوط الحاد. ويجعل هذا التباين كلمة باول ذات أثر مباشر على توقعات المسار الفعلي للفائدة خلال ما تبقى من 2025. وبحسب الوكالة، لا يزال الرأي الغالب في استطلاعات المحللين يميل إلى خفض ربع نقطة في سبتمبر إذا لم تفاجئ البيانات سلباً قبل الاجتماع. 

3 سيناريوهات محتملة

وفي سياق السيناريوهات المحتملة لخطاب باول المرتقب، طرح مراقبون، وفق تقارير إعلامية، ثلاثة مسارات. الأول: تيسير نقدي مشروط، يعترف فيه باول بتباطؤ تدريجي للتضخم واعتدال سوق العمل، ويبقي الباب مفتوحاً لخفض سعر الفائدة في سبتمبر إذا استمر هذا المسار. وستكون الترجمة المباشرة لهذا المسار ضغطاً هبوطياً على عوائد السندات الأميركية وتيسيراً لمزاج المخاطرة. والمسار الثاني: حذر متوازن، يؤكد أن القرار المتعلق باتجاهات سعر الفائدة يحسم اجتماعاً باجتماع، مع تشديد على استقلالية السياسة النقدية وضرورة ترسيخ توقعات التضخم؛ وهذه صيغة تبقي السوق في وضع الانتظار وتحيل الحكم إلى البيانات القادمة. أما المسار الثالث فهو تشديد لفظي خفيف، يشير إلى أن التطورات في الأجور لا تسمح بالتسرع في خفض الفائدة، ما قد يرفع العوائد مؤقتاً ويضغط على الأسهم الحساسة للتقييمات. 

وخارج الولايات المتحدة، يترقب المشاركون رسائل من أوروبا واليابان تعكس بدورها مزيجاً من الترقب والحذر. في منطقة اليورو، حيث حافظ البنك المركزي الأوروبي مؤخراً على النبرة المعتمدة على البيانات، فيما يراقب أثر الأجور على التضخم الخدمي قبل التفكير في دورة خفض واضحة. وفي طوكيو، لا يزال التضخم فوق الهدف، ويستمر النقاش حول التطبيع التدريجي للسياسة بعد سنوات من التيسير الشديد، الأمر الذي يجعل أي تغيير في عوائد الدولار بعد خطاب باول ذا انعكاسات فورية على الين والسندات اليابانية. وبحسب "رويترز"، تسود مقاربة ترصدية في العاصمتين، مع ترك الباب مفتوحاً للتكيف وفق البيانات. 

تفاؤل حذر

وتعكس حالة السوق تفاؤلاً حذراً قبل ندوة وايومنغ، فقد سجلت الأسهم الأميركية قمماً أو مستويات قريبة منها، لكن قيادة القطاعات تشهد تناوباً؛ إذ تراجعت بعض أسهم التكنولوجيا الحساسة للعوائد بعد قراءات أسعار أعلى من المأمول، بينما تقدمت قطاعات دورية تستفيد من آفاق خفض قريب. وتنصح تقارير المتابعة الأسبوعية بالبقاء مستثمراً مع تنويع الانكشاف وتخفيف الرهانات المتركزة قبل الخطاب، تحسباً لاحتمال مفاجآت لفظية تدفع إلى إعادة تسعير سريعة في الدقائق الأولى من كلمة باول.

ووفق "رويترز"، في حال جاءت نبرة باول تيسيرية مشروطة، سيتجه منحنى العائد إلى الانبساط من الأجلين المتوسط والطويل، وقد يتراجع الدولار نسبياً، وتستفيد القطاعات الدورية والإسكان والمصارف. أما إذا غلب الحذر المتشدد، فقد ترتفع العوائد القصيرة إلى المتوسطة، ويشتد الدولار، وتتعرض أسهم النمو ذات التقييمات المرتفعة لضغط نسبي. وفي الحالتين، سيعاد تسعير احتمالات اجتماع سبتمبر خلال ساعات، لأن خطاب جاكسون هول غالباً ما يستخدم لإرسال رسائل إطارية تتجاوز اجتماعاً واحداً. وترى "رويترز" أن بيانات الأسعار والوظائف المقبلة قبل الاجتماع ستمنح الأسواق الجزء المكمل من الصورة، لكن "نبرة" باول ستحدد العنوان العريض مبدئياً.

المساهمون