استمع إلى الملخص
- عقد البنك المركزي التركي اجتماعًا مع ممثلي البنوك لتهدئة الأسواق ورفع سعر الفائدة على الإقراض لدعم السياسة النقدية وحماية الليرة.
- تأثرت البورصة سلبًا بالتحقيقات، وأصدر مجلس أسواق المال تدابير استثنائية لمواجهة التراجع، مثل حظر البيع على المكشوف، لاستعادة الثقة في السوق.
تحاول تركيا امتصاص المخاوف التي تزايدت على وقع اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو ومن ثم سجنه احتياطياً أمس الأحد، على خلفية قضايا تمس النزاهة والابتزاز والرشى، والتي أثرت على الأسواق والبورصة وسعر صرف الليرة التركية.
وهوت العملة التركية قبل خمسة أيام إلى نحو 42 ليرة مقابل الدولار، قبل إسعافها عبر ضخ نحو عشرة مليارات دولار بالسوق، ليتوازن العرض مع الطلب الزائد على العملات الأجنبية والمعادن النفيسة، خوفاً من تطور الأحداث واتساع رقعة المظاهرات، قبل أن تتراجع وتيرة الأزمة منذ مساء أمس، وتنحسر المظاهرات نسبياً وتستقر الليرة عند نحو 38 مقابل الدولار ونحو 41 لليورو، وهو السعر شبه الثابت منذ تدخل المصرف المركزي عبر جلسات مباشرة لبيع الدولار، نفذتها مصارف تركية.
وزاد من مخاوف الأسواق أمس، ما قاله رئيس حزب الشعب المعارض أوزعو أوزال، والذي ينتمي إمام أوغلو إليه: "وزير المالية يعتزم الاستقالة" لما لوزير المالية من مصداقية بالشارع التركي ودوره في قيادة البرنامج الاقتصادي الحكومي الذي أعلنه في سبتمبر/أيلول العام الماضي لفترة 2027-2025، ويتضمن تعديلات جذرية في توقعات التضخم والنمو. ما دفع وزير المالية والخزانة محمد شيمشك لدحض شائعة استقالته وتأكيده في منشور على منصة "اكس" أنه على رأس عمله، مشيرًا إلى أن الحكومة ستواصل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان سير الأسواق بشكل سليم. وأضاف "يرجى عدم الانصياع للأخبار الكاذبة".
اجتماع المركزي مع البنوك وقرارات للبورصة
وبهدف الطمأنة ومتابعة السوق وأداء البورصة والليرة، عقد البنك المركزي التركي (TCMB) اجتماعاً مع ممثلي البنوك الأعضاء في مجلس إدارة اتحاد البنوك التركية (TBB) أمس، لمناقشة آخر التطورات في الأسواق المالية والاستعداد للتدخل بحال الضرورة. وقال بيان صادر عن اتحاد البنوك التركية إن الاجتماع شهد مناقشات حول المستجدات الاقتصادية، وتم التأكيد على التزام جميع الجهات المعنية بالحفاظ على الاستقرار المالي، مؤكداً على مواصلة استخدام جميع الأدوات المتاحة بفعالية وبإصرار، ضمن إطار قواعد السوق، وبالتنسيق الوثيق بين المؤسسات المعنية، لضمان استمرارية الاستقرار".
ويأتي اجتماع المصرف المركزي التركي مع اتحاد المصارف التركية بعد التدخل المباشر بالسوق ورفع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة بمقدار 2% ليصل سعر الفائدة إلى 46% وإبقاء سعر الفائدة الأساسي عند 42.5% في خطوة وصفت، إلى جانب التدخل عبر بيع الدولار، بدعم السياسة النقدية المشددة وحماية الليرة وتخفيف تداعيات الانخفاض الحاد في قيمة العملة التي تراجعت يوم اعتقال إمام أوغلو بنحو 12%، قبل أن تستقر منذ ثلاثة أيام.
ولم تبتعد التحوطات التركية عن البورصة التي منيت بخسائر كبيرة وتم تعليق التداول يوم اعتقال إمام أوغلو، إذ أصدر مجلس أسواق المال التركي (Sermaye Piyasası Kurulu) أمس، قرارات جديدة تهدف إلى مواجهة التراجع الكبير في بورصة إسطنبول، الذي جاء عقب التحقيقات المتعلقة بالفساد والإرهاب في بلدية إسطنبول الكبرى. وبهدف الحد من تأثير التطورات السياسية على الأسواق المالية، أعلن مجلس أسواق المال التركي عن مجموعة من التدابير الاستثنائية، والتي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم الاثنين، وحتى نهاية جلسة 25 إبريل/نيسان المقبل. حيث تم حظر عمليات البيع على المكشوف، مع تسهيل عمليات إعادة الشراء للأسهم، بالإضافة إلى تعديل القيود على العمليات بالهامش.
وقال مجلس أسواق المال التركي في بيان: "نراقب باستمرار العمليات في بورصة إسطنبول لضمان سيرها في بيئة موثوقة وشفافة وفعالة، ولحماية حقوق ومصالح المستثمرين. ونظراً للتطورات الأخيرة في السوق، كان من الضروري اتخاذ بعض التدابير لضمان استقرار السوق". واعتبر المجلس أن هذه التدابير ضرورية في وقت وصفه بالحساس، حيث يسعى مجلس أسواق المال التركي إلى استعادة الثقة في السوق وضمان استقراره في ظل التحديات الحالية.
أسباب سياسية لاهتزاز الأسواق
ويرى الاقتصادي التركي خليل أوزون أن ما جرى من هزة الأسواق (عملة، بورصة وأسعار)، طبيعية إزاء حدث سياسي وصف بالزلزال، ولكن ثبات سعر الصرف، بعد هزة يوم الأربعاء الماضي، يدلل على أن المخاوف والأزمة سياسية وليست ذات منشأ اقتصادي، وبدأت تتراجع بالتناسب مع تراجع حدة المظاهرات والمخاوف. ويضيف أوزون في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأسواق والعملة والبورصة بحاجة لبعض الوقت حتى تستقر، لأن تداعيات حبس رئيس بلدية إسطنبول الكبرى وآخرين متورطين بالفساد، ستستمر خلال المحاكمات وما يمكن أن ينتج عن تداعيات سياسية، بواقع استمرار دعوات المعارضة للتظاهر أو الاحتجاج والإضراب.
وأضاف أن هذه الأحداث ستغير خطة المصرف المركزي بالعودة لسياسة التيسير النقدي التي بدأها منذ ثلاثة أشهر وخفض خلالها الفائدة ثلاث مرات.