Skip to main content
اتفاق بريطاني أميركي تكنولوجي بمليارات الدولارات خلال زيارة ترامب
ملصق في لندن يحمل اقتباساً لترامب، 3 سبتمبر 2025 (Getty)

قالت السفارة البريطانية في واشنطن أمس السبت إن المملكة المتحدة والولايات المتحدة تستعدان لتوقيع اتفاق تكنولوجيا مهم في الأيام المقبلة خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب لبريطانيا. يهدف هذا الاتفاق إلى تعزيز التعاون بين قطاعي التكنولوجيا في البلدين اللذين تبلغ قيمتهما تريليون دولار، ما يعزز الفرص المتاحة للشركات والمستهلكين على جانبي المحيط الأطلسي.

وبينما لا تزال التفاصيل النهائية قيد التفاوض، قالت السفارة إن الشراكة ستركز على التقنيات الرئيسية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والاتصالات والحوسبة الكمية. وقالت وزيرة التكنولوجيا البريطانية ليز كيندال، التي عُيِّنَت في منصبها في 5 سبتمبر/أيلول في بيان: "ستغير التكنولوجيا المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، حياتنا".

ومن المقرر أن يسافر ترامب إلى المملكة المتحدة يوم الثلاثاء في ثاني زيارة رسمية من المتوقع أن تستمر ثلاثة أيام. ومن المقرر أن يرافقه وفد من المديرين التنفيذيين الأميركيين، بما في ذلك جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه.آي. وذكرت قناة سكاي نيوز أمس السبت أن شركة بلاك روك تخطط لاستثمار 700 مليون دولار في مراكز البيانات البريطانية، في إطار سلسلة من الصفقات التي ستُعلَن خلال زيارة ترامب. 

ومنذ بداية العام، نشر البلدان خطط عمل للذكاء الاصطناعي. وتزايد قيام شركات أميركية مثل "أنثروبيك" و"أوبن إيه.آي" بإنشاء مكاتب دولية في لندن، بينما تواصل الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً، مثل "ديب مايند"، الاستثمار في التعاون عبر الأطلسي.

جذور التعاون التكنولوجي عبر الأطلسي

لم تكن الشراكة التكنولوجية بين بريطانيا والولايات المتحدة وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى الحرب العالمية الثانية، حين تعاون البلدان على تطوير الرادار وأجهزة فك الشيفرات، وهو ما منح الحلفاء أفضلية حاسمة في ساحة المعركة. وفي العقود التالية، تواصل التعاون عبر مشاريع كبرى مثل تأسيس شبكات الإنترنت المبكرة، والبحث في الذكاء الاصطناعي في جامعات مثل "كامبريدج" و"ستانفورد". هذه العلاقة التاريخية جعلت لندن وواشنطن مركزين متكاملين للابتكار العلمي والتكنولوجي.

ومنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020، وجدت نفسها بحاجة إلى شركاء تجاريين وتكنولوجيين جدد لتعويض التراجع في تدفقات الاستثمار الأوروبية. وفي هذا السياق، اتجهت لندن نحو الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الطبيعي، نظراً للتقارب السياسي والثقافي، وأيضاً لكون واشنطن موطناً لأكبر شركات التكنولوجيا في العالم. وباتت الحكومة البريطانية تنظر إلى الشراكة مع أميركا وسيلةً لإعادة تثبيت موقعها قوةً عالمية في الابتكار والتكنولوجيا المالية.

في المقابل، ترى الولايات المتحدة في تعزيز شراكاتها التكنولوجية مع بريطانيا جزءاً من استراتيجيتها لمواجهة الصعود الصيني في مجالات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والاتصالات. فالصين ضخت مليارات الدولارات في أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتسيطر شركاتها مثل "هواوي" على أجزاء واسعة من أسواق الاتصالات. بالنسبة إلى واشنطن، فإن تقوية التحالف مع لندن لا يهدف فقط إلى تعزيز التجارة، بل أيضاً إلى تشكيل جبهة موحدة مع الحلفاء الغربيين ضد النفوذ الآسيوي.

الاستثمارات الأميركية في بريطانيا لا تقتصر على تعزيز قطاع التكنولوجيا فحسب، بل تمتد إلى خلق وظائف جديدة وتنمية الأقاليم. فإعلان "بنك أوف أميركا" إنشاء ألف وظيفة في بلفاست، أو استثمار "ستاندرد آند بور" في مانشستر، يعكس توجهاً لتوزيع المكاسب الاقتصادية بعيداً عن لندن وحدها. كذلك، ستجعل الاستثمارات في مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية، بريطانيا منصة رئيسية للخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي، وهو ما يعزز قدرتها على جذب مزيد من الاستثمارات مستقبلاً.

رغم هذه الإيجابيات، لا تزال هناك عقبات أمام تعميق التعاون، أبرزها ملف الرسوم الجمركية على الصلب البريطاني، الذي لم يُحسَم بعد. كذلك يثير توسع الشركات الأميركية العملاقة في لندن تساؤلات عن قدرة بريطانيا على حماية استقلاليتها الرقمية وضمان استفادة شركاتها المحلية من هذا التدفق الاستثماري. يضاف إلى ذلك التوترات السياسية العالمية التي قد تعرقل مسيرة هذا التحالف إذا دخلت في صدامات تجارية أو تنافسات اقتصادية مع قوى كبرى أخرى مثل الاتحاد الأوروبي أو الصين.

(رويترز، العربي الجديد)