اتحادات العمال تواجه ترامب مع بدء تسريح جماعي للموظفين الفيدراليين
استمع إلى الملخص
- تأتي هذه الخطوة وسط تعثر المفاوضات في الكونغرس حول تمويل الحكومة وربطها بتمديد دعم أوباما كير، ويُعتقد أن ترامب يسعى للضغط على المناطق الديمقراطية.
- يُتوقع مغادرة 150 ألف موظف، مع استمرار الطعون القضائية، وتعتبر هذه الإجراءات اختباراً سياسياً بين البيت الأبيض والنقابات، مع ترقب جلسة المحكمة في 16 أكتوبر.
في تطور يعمّق الأزمة السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، اندلع صدام جديد بين نقابات الموظفين الفيدراليين والبيت الأبيض، بعد إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب بدء تنفيذ عمليات تسريح جماعي غير مسبوقة في تاريخ الإغلاقات الحكومية الأميركية. وقال مكتب الميزانية في البيت الأبيض يوم الجمعة 10 أكتوبر/تشرين الأول إنه قد يقيل أكثر من 4000 موظف اتحادي خلال الإغلاق الحكومي، رغم إشارته إلى أن وضع التمويل "غير مستقر ويتطور بسرعة".
ومن المنتظر أن تحدث عمليات الإقالة الأكبر في وزارة الخزانة التي ستفقد أكثر من 1400 موظف، بينما ستفقد وزارة الصحة والخدمات الإنسانية أكثر من 1100 موظف، فيما ستشهد وزارة الإسكان والتنمية الحضرية إقالة أكثر من 400 موظف، فضلاً عن إقالات مماثلة في وزارات التجارة والتعليم والطاقة والأمن الداخلي ووكالة حماية البيئة مئات آخرين.
هذه الخطوة التي وُصفت بأنها "غير قانونية ولا أخلاقية" فجّرت موجة من الدعاوى القضائية والاعتراضات داخل الأوساط العمالية والسياسية، في وقتٍ لا تزال فيه واشنطن غارقة في أزمة تمويل حكومي دخلت يومها العاشر. وقدّمت النقابات الممثلة لمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين التماساً عاجلاً إلى محكمة فيدرالية في سان فرانسيسكو تطلب فيه وقف عمليات التسريح فوراً، بعدما أعلن مدير الميزانية في البيت الأبيض راسل فُوت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن "عمليات الخفض في القوة العاملة (RIFs)" قد بدأت بالفعل، بحسب بلومبيرغ.
وطالبت النقابات القاضية سوزان إيلستون بإصدار أمر فوري يمنع مكتب الإدارة والميزانية (OMB) من توجيه الوكالات الفيدرالية إلى تنفيذ قرارات الفصل أو إرسال إشعارات التسريح قبل موعد الجلسة المقررة في 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والمخصصة للنظر في قانونية تلك الإجراءات. وتُعد هذه الخطوة سابقة في التاريخ الإداري الأميركي، إذ إنها المرة الأولى التي تُقدِم فيها الحكومة على تسريح واسع النطاق للموظفين الفيدراليين في أثناء إغلاق حكومي، بعد أن كانت الإغلاقات السابقة تقتصر عادة على "إجازات قسرية" مؤقتة (furloughs).
وبحسب رويترز، فإن آلاف الموظفين سُرِّحوا بالفعل، من بينهم عاملون في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (HHS) ووزارة التجارة، فيما لم يتضح بعد الحجم الكامل لعمليات الفصل. واعتبرت النائبة الديمقراطية سارة إلفريث (Sarah Elfreth) أن "عمليات التسريح غير قانونية وغير أخلاقية"، مؤكدة أن ما يحدث هو "استخدام الإغلاق أداةً عقابيةً ضد العاملين".
تصعيد سياسي واقتصادي يقوده ترامب
الخطوة تأتي في وقتٍ تشهد فيه المفاوضات داخل الكونغرس تعثراً بين الحزبين حول ربط إعادة تمويل الحكومة بتمديد دعم التأمين الصحي المعروف بأوباما كير (Obamacare). ونقلت بلومبيرغ عن مراقبين أن الرئيس ترامب يسعى لجعل الإغلاق "أكثر إيلاماً" للولايات والمناطق ذات الأغلبية الديمقراطية، إذ جُمّدت مشاريع بقيمة 18 مليار دولار في نيويورك وثمانية مليارات في مشاريع الطاقة الخضراء في 16 ولاية.
ويُنظر إلى هذه الإجراءات على أنها امتداد لسياسات وزارة كفاءة الحكومة (Department of Government Efficiency - DOGE) التي يديرها الملياردير إيلون ماسك، والتي أطلقت حملة شاملة لخفض أعداد الموظفين الحكوميين عبر استقالات طوعية وتقاعد مبكر وتسريحات موجهة.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 150 ألف موظف غادروا وظائفهم مطلع السنة المالية الجديدة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن بعض قرارات التسريح ما زالت قيد الطعون القضائية. ويقول محللون لبلومبيرغ إن ما يجري ليس مجرد صراع إداري، بل اختبار سياسي صريح بين البيت الأبيض ونقابات الخدمة العامة، ويهدف إلى إعادة رسم حدود القوة بين الجهاز التنفيذي ومؤسسات العمل المدني في واشنطن. كذلك فإنه يثير مخاوف من انكماش اقتصادي إضافي في حال استمرار التسريحات وتأخر صرف الرواتب الفيدرالية.
وفي الوقت نفسه، تشير بيانات النقابات إلى أن أكثر من ثلثي الموظفين الفيدراليين المدنيين ما زالوا على رأس عملهم ضمن فئات "الوظائف الأساسية"، لكن معظمهم لا يتقاضون أجورهم منذ بداية الإغلاق، فيما تتجه الأنظار إلى جلسة المحكمة المرتقبة في 16 أكتوبر/تشرين الأول، التي قد تحدد ما إذا كانت الإدارة ستُجبر على التراجع عن قراراتها أو تمضي في واحدة من أوسع عمليات إعادة هيكلة حكومية في تاريخ الولايات المتحدة.