إنتاج القمح يتراجع في "سلّة غذاء سورية"

إنتاج القمح يتراجع في "سلّة غذاء سورية"

24 يونيو 2022
عزوف فلاحين عن زراعة القمح بسبب ارتفاع التكلفة (فرانس برس)
+ الخط -

تواجه زراعة القمح في محافظة الحسكة التي كانت إلى وقت قريب "سلّة غذاء سورية" تراجعا مطّردا نتيجة العديد من العوامل التي كان لها تأثير سلبي على بقية الزراعات في عموم منطقة شرقي نهر الفرات الخاضعة لـ "الإدارة الذاتية" ذات الصبغة الكردية في شمال شرقي سورية.

ولا تزال مراكز استلام القمح التابعة لهذه الإدارة تتسلم المحصول من الفلاحين وبالتالي لم تظهر بعد أرقام الإنتاج لهذا الموسم، إلا أن المعطيات تؤكد أن الانهيار لم يتوقف لهذه الزراعة الاستراتيجية.

وكانت محافظة الحسكة تسهم وحدها بنحو 65% من إنتاج القمح في سورية قبل العام 2011، والذي كان يصل إلى أكثر من 4 ملايين طن في الموسم الواحد قبل أن يتراجع خلال السنوات الفائتة إلى نحو مليون و200 ألف طن في عموم البلاد. ولم يصل إنتاج محافظة الحسكة من القمح في الموسم الفائت إلى نحو 500 ألف طن، بينما وصل في بعض السنوات التي أعقبت الثورة التي بدأت عام 2011 إلى نحو 800 ألف طن.

ولعبت العديد من العوامل أدوارا في تراجع الإنتاج في العاصمة الزراعية لسورية والتي كانت قبل سنوات سلّة الغذاء الرئيسية في سورية. ووفق المهندس الزراعي هاشم ملا أحمد الموجود في الحسكة، فإن "التغيّر المناخي وانحباس المطر أو ندرته وعدم توزيع القمح على الدورة الإنتاجية أسباب رئيسية لتراجع القمح في محافظة الحسكة".

وأشار في حديث مع "العربي الجديد" إلى أسباب أخرى "لعل أهمها عدم توفير مدخلات العمل الزراعي بشكل جيد، من بذور ومحروقات للري وأسمدة ومبيدات، والآليات الزراعية"، مضيفا: هناك عزوف من قبل الفلاحين عن زراعة محصول القمح لكون مخاطر كثيرة تحيط بها، ومنها الحرائق التي تتكرر في كل موسم وسوء الأوضاع الأمنية، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتدني أسعار الشراء التي لا تتناسب مع هذه التكاليف.

وكانت الإدارة الذاتية حددت شراء كيلو القمح بـ 2200 ليرة سورية (نحو نصف دولار أميركي)، ويتفاوت هذا السعر حسب جودة المنتج، لجهة نقاوته، وخلوه من الشوائب.

وحسب وزارة الزراعة في حكومة النظام، فإن إنتاج القمح في محافظة الحسكة "اختلف من منطقة إلى أخرى طبقاً لري المياه ومعدل هطول الأمطار وإن كان الفلاح قد استخدم السماد أو لا"، مشيرة إلى أن منطقتي عامودا والدرباسية سجلتا أعلى إنتاج في الموسم الحالي قارب 300 كيلوغرام للدونم الواحد ومناطق ريف الحسكة والقامشلي وتل براك نحو 250 كيلوغراما ومناطق الريف الجنوبي والشرقي نحو 190 كيلوغراما للدونم الواحد.

كانت الإدارة الذاتية حددت شراء كيلو القمح بـ 2200 ليرة سورية (نحو نصف دولار أميركي)، ويتفاوت هذا السعر حسب جودة المنتج، لجهة نقاوته، وخلوه من الشوائب

من جهته، أوضح الخبير الزراعي إبراهيم مسلم، في حديث مع "العربي الجديد" أن تراجع إنتاج القمح في محافظة الحسكة مرده إلى "الظروف الأمنية السيئة نتيجة الحروب التي يشهدها الشمال الشرقي من سورية بين قوات سورية الديمقراطية (قسد) والفصائل الموالية لتركيا"، مضيفا: الأوضاع المعيشية الصعبة تؤدي إلى امتناع الفلاحين عن زراعة القمح نتيجة ارتفاع التكاليف.

وبيّن مسلم، وهو من أبناء الشمال الشرقي من سورية أن "الظروف المناخية وموجة الجفاف وخروج الكثير من الآبار الأرتوازية عن الخدمة، أسباب أخرى لتراجع المساحات المزروعة، حيث خرجت آلاف الهيكتارات المخصصة لزراعة القمح من الموسم، ومن ثم كان انخفاض الإنتاجية".

وتأتي الحسكة في المرتبة الثالثة بين المحافظات السورية لجهة المساحة، حيث تبلغ أكثر من 23 ألف كيلومتر مربع، وتتصل بحدود مع دولتين، هما العراق شرقاً وتركيا شمالاً. وتُزرع في محافظة الحسكة أغلب المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، مثل القطن والقمح والشعير والعدس وسواها.

ولكن المحافظة الغنية بالثروات تعاني من أوضاع سياسية وعسكرية غير مستقرة، حيث تندلع اشتباكات بشكل شبه يومي بين فصائل المعارضة السورية وقوات "قسد"، في ريفها الشمالي الغربي في محيط بلدة رأس العين.

المساهمون