استمع إلى الملخص
- وصفت الحكومة السودانية الهجمات بأنها حملة إجرامية تستهدف البنية التحتية، مع مخاوف من كارثة أوسع بسبب الحرائق في منشآت الوقود، وأكد خبير عسكري أن الهجمات تظهر قدرة الدعم السريع على تعطيل الملاحة الجوية.
- تزايدت هجمات الدعم السريع بالطائرات المسيرة بعد خسائرها العسكرية، مستهدفة البنية التحتية، وسط اتهامات للسودان للإمارات بتزويد الدعم السريع بالأسلحة، وهي اتهامات تنفيها الإمارات.
أدت ضربة جوية بمسيّرة، اليوم الثلاثاء، على مطار بورتسودان إلى إلغاء كل الرحلات الجوية المجدولة، وفق ما أفاد مسؤول في المطار. وقال المسؤول في مطار بورتسودان طالبا عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس، إن "طائرة مسيرة استهدفت الجزء المدني من مطار بورتسودان وتم إلغاء الرحلات المجدولة"، بعد يومين من تعرض القاعدة العسكرية فيه لهجوم بمسيّرات ألقى الجيش اللوم فيه على قوات الدعم السريع.
ومن المطار، حيث استأنفت الخطوط السودانية رحلاتها بعد هجوم الأحد، "اشتعلت النيران في عدد من المنشآت" عقب الانفجار، حسبما أفاد أحد المسافرين، وقال المصدر في الجيش إن الضربة "استهدفت خزانات الوقود في مطار بورتسودان". والمنطقة المحيطة بالمطار تبعد نحو 650 كيلومترا عن أقرب قاعدة معلنة لقوات الدعم السريع في ضواحي العاصمة الخرطوم.
وتأتي الضربات بعد يومين من ضربات بالطيران المسيّر استهدفت للمرة الأولى القاعدة الجوية في المطار والتي اتهم فيها الجيش قوات الدعم السريع بالوقوف وراءها. وقال مصدر في الجيش لوكالة فرانس برس، اليوم الثلاثاء، إن مسيرة أخرى استهدفت القاعدة الرئيسية للجيش في وسط المدينة، فيما أفاد شهود بسقوط مسيرة في محيط أحد الفنادق. وتقع قاعدة الجيش كما الفندق على مقربة من مقر قائد الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي يخوض منذ نيسان/إبريل 2023 حربا ضد نائبه السابق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع.
وقصفت مسيرة ثالثة مستودعا للوقود بالقرب من الجزء الجنوبي من ميناء بورتسودان في وسط المدينة المكتظ، والذي انتقلت إليه الأمم المتحدة ووكالات إنسانية ومئات آلاف الأشخاص بعد مغادرة العاصمة الخرطوم. وأفاد شهود في شمال المدينة بسماع أصوات مضادات أرضية تنطلق من قاعدة عسكرية.
كما تأتي هجمات الثلاثاء بعد يوم من تعرض المستودع الرئيسي للوقود في المدينة لقصف، ما تسبب بحريق كبير إلى جنوب المدينة الواقعة شرقا، والتي كانت حتى الأحد تعَد ملاذا آمنا لمئات آلاف النازحين الفارين بسبب الحرب المستمرة منذ عامين. وأفاد أحد مراسلي فرانس برس بسماع دوي انفجارات فجرا وتصاعد سحب الدخان فوق المدينة من ناحية الميناء ومن مستودع للوقود جنوبا.
هجمات الدعم السريع تستهدف البنية التحتية
ووصفت المصادر الضربة بأنها جزء من حملة إجرامية للجماعة المسلحة. وقال وزير الطاقة والتعدين السوداني محيي الدين نعيم محمد سعيد إن "هذه العملية تضاف إلي سجل المجرمين الأسود الذي يواصل استهداف المنشات الخدمية والمدنية بالسودان والتي تلامس حياة المواطن السوداني مباشرة، وهو ما يشير إلى أن الهدف هو تعطيل الحياة بالبلاد ويعكس إصرار هذه المليشيات ومن يعاونها على مواصلة استهداف المواطن السوداني في نفسه وعرضه وماله وحتى في الخدمات التي تقدمها له الدولة".
وأكد سعيد، وفقا لوكالة رويترز، أن الحرائق اجتاحت منشآت تخزين الوقود الرئيسية بعدما ضربت الطائرة المسيرة مستودعا للسولار (الديزل)، وامتد الحريق إلى الخزانات المجاورة، وفقا لبيان للوزارة. وقال سعيد إن هناك مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى كارثة أوسع في المنطقة المكتظة بالسكان.
وقال خبير عسكري لفرانس برس إن "مهاجمة الدعم السريع لمطاري بورتسودان وكسلا بالمسيرات له عدة أهداف، أولها إيصال رسالة بأنها قادرة على الوصول إلى أي منطقة في السودان وأنه ليس هناك مكان آمن". وأضاف أن الهدف الثاني هو "إيقاف حركة الملاحة الجوية، والهدف الثالث تدمير مخزن السلاح في قاعدة عثمان دقنة، ما يؤثر على إمدادات القوات المسلحة".
وفي الأسابيع القليلة الماضية قصفت قوات الدعم السريع بنى تحتية مدنية في مناطق مختلفة من شمال شرقي البلاد الذي يسيطر عليه الجيش، ما تسبب بانقطاع واسع النطاق للكهرباء عن ملايين الأشخاص. ففي ولاية كسلا، على بعد 500 كيلومتر جنوب بورتسودان، قرب الحدود السودانية الإريترية، استهدفت مسيّرات مطار المدينة، الأحد، لليوم الثاني على التوالي.
وفي الجنوب، افاد سكان وكالة فرانس برس بأنهم شاهدوا مسيرات تحلق، مساء الأحد، فوق مدينة الابيض، عاصمة جنوب كردفان، ثم سمعوا دوي انفجارات وشاهدوا دخانا يتصاعد فوق منطقة السوق. وفي نهاية إبريل/نيسان الماضي، استهدفت قوات الدعم السريع مدينة عطبرة الواقعة في منتصف الطريق بين الخرطوم وبورتسودان بطائرة مسيّرة متسببة في انقطاع طويل للكهرباء عن عدة مدن بينها بورتسودان.
وتستخدم قوات الدعم السريع الطائرات المسيّرة منذ خسارتها أراضي من بينها كامل مساحة الخرطوم تقريبا، وباتت تشن هجمات على مواقع في عمق مناطق سيطرة الجيش. وأسفرت الحرب في السودان عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون نسمة، فيما يعاني سكان بعض المناطق من المجاعة، وسط "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
ويسيطر الجيش السوداني على شرق البلاد وشمالها ووسطها بينما تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب. وزاد اعتماد قوات الدعم السريع على الطائرات المسيّرة والمدافع البعيدة المدى في الآونة الأخيرة بعد خسارتها مواقع عسكرية في الخرطوم ووسط السودان.
وتتهم الحكومة السودانية وخبراء الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومنظمات دولية الإمارات العربية المتحدة بتزويد الدعم السريع بالأسلحة. وهي اتهامات تنفيها الإمارات. ورفضت محكمة العدل الدولية، الاثنين، دعوى رفعها السودان ضد الإمارات، بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية بدعمها لقوات الدعم السريع.
وأكدت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، احترامها للحكم الذي صدر بحجة أن المحكمة لا تتمتع بالاختصاص القضائي لبت القضية بسبب إبداء الإمارات تحفظا" لدى توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية عام 2005.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)