إسرائيل تقصف إيران.. والأسواق العالمية تترقّب وسط "حالة قلق"
آثار ضربة إسرائيلية على منطقة في طهران، 13 يونيو 2025 (طهران)
استمع إلى الملخص
اظهر الملخص
- شنت إسرائيل ضربات على أهداف عسكرية ونووية في إيران، مما زاد التوترات الإقليمية وأثار تساؤلات حول الرد الإيراني المحتمل وتأثيره على الأسواق المالية، حيث ارتفعت أسعار النفط وتراجعت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم العالمية.
- المحللون يرون أن الهجوم يمثل عامل خطر تقليدي يدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة، مع توقعات بارتفاع أسعار النفط وتأثيرها على النمو والضغوط التضخمية، مما يعزز خطر الركود التضخمي.
- القلق من إغلاق مضيق هرمز يثير مخاوف من تجاوز أسعار النفط 100 دولار، مما يضغط على النمو العالمي، مع توقعات بأن الساعات المقبلة ستكون حاسمة للأسواق.
- المحللون يرون أن الهجوم يمثل عامل خطر تقليدي يدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة، مع توقعات بارتفاع أسعار النفط وتأثيرها على النمو والضغوط التضخمية، مما يعزز خطر الركود التضخمي.
- القلق من إغلاق مضيق هرمز يثير مخاوف من تجاوز أسعار النفط 100 دولار، مما يضغط على النمو العالمي، مع توقعات بأن الساعات المقبلة ستكون حاسمة للأسواق.
في تصعيدٍ كبير للتوترات الإقليمية، شنّت إسرائيل ضربات على أهداف عسكرية ونووية داخل إيران، فتحت الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول حجم الرد الإيراني واحتمالات الانزلاق إلى مواجهة أوسع. وبينما تتأرجح المنطقة على شفير تصعيد محتمل، كانت الأسواق المالية أول من التقط الإشارات، إذ تراجعت شهية المخاطرة، وسجّلت أسعار النفط قفزات حادّة، وتراجعت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم العالمية، فيما عاد الدولار إلى الصعود مع اتجاه المستثمرين إلى الملاذات الآمنة، وسط حالة من الترقب الشديد.
"بلومبيرغ" تنقل تحركات الأسواق كما رآها محللون
في بروكسل، اعتبر نيكولا فورست، المدير التنفيذي للاستثمار في "كاندريام"، أن "الهجوم يمثل عامل خطر تقليدي يدفع المستثمرين إلى الخروج من الأسهم والتوجه نحو الأصول الآمنة". وأضاف أن استمرار ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى إضعاف النمو وتعزيز الضغوط التضخمية، وهو ما قد يرسّخ خطر الركود التضخمي، خاصة في ظل الحرب التجارية. وأشار إلى أن هذا الارتفاع السريع في أسعار النفط لا يخدم مصالح إدارة دونالد ترامب.
ومن الولايات المتحدة، قالت كيم فورست، مديرة الاستثمار في "بوكه كابيتال بارتنرز"، إن الضربة الإسرائيلية تشكّل تحوّلاً عن الأنماط السابقة، مشيرة إلى أنها تستهدف بشكل مباشر قدرات إيران النووية. وأضافت: "الموقف خطير فعلاً. السوق لم تنخفض بالقدر المتوقع، لكنني أتوقع تراجعاً أكبر في الساعات المقبلة، بحسب من سيدلي بتصريحات، وما سيحدث على الأرض".
أما في باريس، فرأى ألكسندر باراديز، كبير المحللين في "آي جي"، أن التصعيد من شأنه أن يجمّد المكاسب الأخيرة في المؤشرات الأوروبية والأميركية، قائلاً: "الأسواق كانت مرتفعة بشكل مبالغ فيه، وقد تدفع هذه التطورات المستثمرين – خصوصاً الأفراد – إلى جني الأرباح". وألكسندر هزّاز، مدير الاستثمار في مجموعة "ريشيليو" في باريس، أشار إلى أن ما جرى "يتناقض مع توقعات البنوك المركزية بشأن استقرار أسعار النفط"، ما قد يدفع تلك البنوك إلى مراجعة سيناريوهاتها في ظل مخاطر التضخم وتباطؤ النمو.
القلق من مضيق هرمز
من جهته، لفت مات مالي، كبير المحللين في "ميلر تاباك" في الولايات المتحدة، إلى خطورة تصريحات نتنياهو التي توحي بتحضيرات لمواجهة مطوّلة، قائلاً: "عندما يتحدث عن الدفاع عن النفس ويشير إلى بداية حملة، فهذا يعني أننا أمام مرحلة رد إيراني جاد محتمل". وتساءل مالي عن مصير مضيق هرمز، الذي تمرّ عبره يومياً نحو 13 مليون برميل من النفط. وقال: "إذا قررت إيران إغلاق المضيق، فإن أسعار النفط قد تتجاوز 100 دولار بسرعة، ما سيضغط على النمو العالمي بشكل كبير. نحن لا نعرف إن كانت الأمور ستتدهور، لكن المخاطر حقيقية ومرتفعة".
مايكل أوروك، المحلل في "جونز تريدينغ" في الولايات المتحدة، أشار إلى أن السوق شهدت ارتفاعات كبيرة من دون تصحيحات تُذكر، ما يجعلها أكثر عرضة لأي تطور مفاجئ. وأضاف: "الأسواق تجاهلت المخاطر طوال فترة الصعود. الآن، الجميع يترقب رد إيران، وهل سيكون أعنف؟ هذا هو السؤال الرئيسي". وذكر أن هناك احتمالاً كبيراً الآن بوقوع حدث انتقامي خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهذا سيجعل المستثمرين أكثر تحفظًا ويجعلهم يقفون على الحياد مؤقتًا.
انعكاسات تاريخية وسيناريوهات مقبلة
في سيدني، رأى بيلي ليونغ من "غلوبال إكس إي تي إف"، أن ما حدث هو "انقلاب مفاجئ على موجة التفاؤل السابقة التي قادها قطاع التكنولوجيا وتراجع التضخم". وأضاف أن "هذه التطورات تشبه ما حدث عند مقتل سليماني عام 2020 أو الهجمات على ناقلات النفط في 2019، حين شهدت الأسواق ردات فعل مشابهة: ارتفاع النفط، وتوجه إلى الذهب والفرنك السويسري. والتاريخ يُظهر أن الأسواق غالباً ما تتراجع عن ردة الفعل إذا تم احتواء التصعيد".
وي ليانغ تشانغ، محلل في "دي بي إس" بسنغافورة، أشار إلى أن الضربة "قد تؤدي إلى رد فعل عاطفي سريع في الأسواق، مع تقييم دقيق لاحتمالات التصعيد في الشرق الأوسط"، متوقعاً تراجع الأصول عالية المخاطر وارتفاع الطلب على الأصول الآمنة مثل الين الياباني وسندات الخزانة الأميركية.
بينما ماثيو هاوبت، مدير محفظة ويلسون لإدارة الأصول في سيدني، قال إن الأسواق شهدت رد فعل كلاسيكياً يتمثل في ارتفاع الذهب والسندات والنفط. وأكد أن "كل شيء سيتوقف الآن على وتيرة وشدة الرد الإيراني، وهو ما سيحدد مدى استمرارية هذه التحركات".
أما شارو تشانانا من "ساكسو ماركتس" في سنغاقورة، فشدّدت على أن "الساعات الـ48 المقبلة ستكون حاسمة. فإذا جاء رد طهران محدوداً، وبقيت إمدادات الطاقة على حالها، فقد تهدأ الأسواق. أما إذا حصل تصعيد أو تعطّلت الإمدادات، فإن التقلبات ستستمر وترتفع أسعار النفط بشكل أكبر".
وأخيراً، رأى رودريغو كاتريل من "بنك أستراليا الوطني"، أن التصعيد قد يكشف عن تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة في الشؤون الجيوسياسية. وقال: "التحركات الأحادية من قبل دول مثل إسرائيل قد تصبح أكثر شيوعاً إذا شعرت الأطراف أن واشنطن لن تتدخل، ويسلط الضوء على احتمال تغير النظام العالمي"، مشيراً إلى أن "الجغرافيا السياسية "باتت تشكّل عاملاً مضطرباً جديداً في الأسواق، مع احتمال تراجع مكانة الدولار ملاذاً آمناً". وأضاف أنه من المواضيع التي يجب مراقبتها هو ما إذا كانت خصائص الدولار بوصفه ملاذاً آمناً قد تأثرت بسياسة الإدارة الأميركية التجارية (الرسوم الجمركية)، والتوسع المالي، وتحدياتها لسيادة القانون. الأدلة حتى الآن تشير إلى أن هذا هو الحال".
حتى اللحظة، لم تتضح ملامح الرد الإيراني بشكل كامل، لكن المؤشرات الأولية توحي بأن الأسواق دخلت فعلاً مرحلة "التحوّط العميق"، حيث يقيس المستثمرون كل تطوّر سياسي بميزان من القلق والانكفاء. ورغم أن السيناريوهات لا تزال مفتوحة بين احتواء محدود أو تصعيد طويل الأمد، لكن المؤكد الوحيد هو أن الجغرافيا السياسية عادت لتتصدر قائمة أولويات الأسواق، مع ما يحمله ذلك من اضطرابات وتقلبات قد تفوق حسابات السياسة والاقتصاد معاً.