إسبانيا تضخ الغاز للمغرب: غموض المصدر وقلق الجزائر

إسبانيا تضخ الغاز للمغرب: غموض المصدر وقلق الجزائر

30 يونيو 2022
الرباط تسعى إلى توفير الغاز من مصادر متنوعة لتشغيل محطات الكهرباء (Getty)
+ الخط -

شرع المغرب في استيراد الغاز عبر إسبانيا، اعتبارا من أول من أمس، بعد قرار الجزائر في العام الماضي، بالتوقف عن العمل بأنبوب الغاز المغاربي- الأوروبي، الذي كان يتوصل عبره المغرب بكمية من الغاز في إطار حقوق العبور.

وبدأ الأنبوب المغاربي- الأوروبي في العمل مرة أخرى عبر التدفق العكسي، حيث تتولى ذلك الشركة الإسبانية "إناغاز"، التي تقوم بتدبير الغاز الإسباني. وبدأ المغرب في التوصل بـ5900 متر مربع في الساعة، حسب ما نقلته وسائل إعلام إسبانية، علما أن المغرب لم يصدر تصريحا رسميا حول هذا الموضوع.

ونقل عن الشركة الإسبانية تأكيدها أن الشحنة الأولى عبر الأنبوب، تخص غازا اشتراه المغرب في السوق الدولية واستقبله مصنع لإعادة معالجته في إسبانيا، التي كانت أكدت وزارة طاقتها أن الغاز الذي سيورد للمغرب لن يكون جزائريا.

ووضع المغرب خطة استعجالية من أجل توفير الغاز للكهرباء والصناعة، حيث تصل الحاجيات الآنية إلى نصف مليار متر مكعب على المدى القصير. وكان المغرب اتخذ قرارا للولوج لأول مرة في تاريخ المغرب لسوق الغاز الطبيعي المسال، حيث أطلق طلب عروض على الصعيد العالمي لاستيراد الكميات اللازمة عبر البواخر.

وركزت لجنة مكونة من المكتب الوطني للماء والكهرباء والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ووزارة الانتقال الطاقي والمعادن، على دراسة العروض التي وصلت إليها، حيث يتعلق الأمر بعقود متوسطة وطويلة الأمد. ولجأ المغرب إلى السوق الدولية من أجل شراء الغاز، بعد قرار الجارة الشرقية التوقف عن ضخ الغاز نحو إسبانيا عبر المغرب بواسطة الأنبوب المغاربي - الأوروبي.
وسيتم استيراد الغاز عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال، التي ينتظر أن ترسو بإسبانيا التي تتوفر على وحدات من أجل معالجة الغاز قبل إيصاله للمغرب، وهي العملية التي يرتقب أن تتم عبر أنبوب الغاز المغاربي - الأوروبي. وكانت الجزائر هددت بأنه في حال توريد الغاز الجزائري إلى جهة لا يتضمنها العقد المبرم مع إسبانيا، سيعتبر بمثابة إخلال بالاتفاق وسيؤدي إلى فسخ ذلك الاتفاق. لم تتم الإشارة عند الإعلان عن الشروع في توريد الغاز للمغرب من قبل "إناغاز" إلى مصدره، غير أن الشركة حرصت على التأكيد على تبني مسطرة تبرز من خلالها عدم استعمال الغاز الجزائري.
فقد أخذت الشركة الإسبانية بعين الاعتبار التهديدات الجزائرية، حيث أوضحت أنها وضعت مسلسلا للتصديق على الغاز المصدر إلى المغرب عبر الأنبوب تحاول عبره إثبات أن الغاز ليس مصدره الجزائر، مشددة على أن ذلك التصديق يثبت كذلك أن الربط سيتم وفق القواعد الفنية للاتحاد الأوروبي.
وأشار الخبير في قطاع الطاقة، المهدي الداودي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن مسألة التصديق ستبرز مصدر الغاز الذي رست الباخرة الحاملة له في موانئ إسبانيا، حيث تشير إلى البلد الذي استورد منه. وأكد أن أمام المغرب إمكانية استيراد الغاز من بلدان مثل الولايات المتحدة ونيجيريا وبلدان خليجية، حيث سيؤتى به على متن ناقلات وينقل إلى محطات المعالجة، قبل ضخه عبر الأنبوب نحو المملكة.

وأشار إلى أنه بما أن إسبانيا تستورد 80 في المائة من الغاز من الولايات المتحدة و20 في المائة فقط من الجزائر، فإنه يمكن للبلد الأوروبي أن يورد غازا أميركيا للمغرب. وأشار إلى أن حاجيات المغرب من الغاز من أجل تشغيل محطتي تهدارت وبني مطهر لإنتاج الكهرباء قد تصل إلى حوالي نصف مليار متر مكعب. وذهب إلى أنه بالنظر لأسعار الغاز في السوق الدولية في الفترة الحالية، وإضافة تكاليف النقل إلى الموانئ الإسبانية والمعالجة في محطات التسييل، فإن التكلفة ستكون مرتفعة. وشدد على أنه كان يمكن للمغرب لو أنجز البنيات التحتية المبرمجة لمعالجة الغاز، أن يستغنى عن اللجوء إلى استعمال البنيات التحتية الإسبانية.

وأكد مصدر مطلع، فضل عدم ذكر اسمه، أن المغرب اختار استيراد الغاز من السوق الدولية، حيث أطلق طلبات عروض، لقيت استجابة كبيرة، وهو غير ملزم بالكشف عن مصدر ذلك. وشدد على أنه بعد طلبات العروض التي أطلقها المغرب من أجل استيراد الغاز، توصل بعشرات العروض، رغم الظرفية الحالية المتسمة بالضغط الكبير على العرض.
وكانت وزيرة الانتقال الطاقي، ليلى بنعلي، أكدت أنه رغم عدم تجديد اتفاق أنبوب الغاز المغاربي- الأوروبي، وتوقف محطتي بني مطهر وتهدارت لإنتاج الكهرباء عن العمل، فإنه لم يسجل أي عجز في تلبية حاجيات البلاد من الكهرباء.

ويؤكد المهندس يونس الفاطمي أن المغرب عاقد العزم على تطوير البنيات الأساسية من أجل استقبال الغاز الطبيعي من الخارج، وهو المشروع الذي تأخر إنجازه. ويشير الفاطمي، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنه من أجل عدم حدوث انقطاع في التزود بالكهرباء وعدم الارتهان للفحم، يفضل المغرب البحث عن الغاز في السوق الدولية، رغم ارتفاع الأسعار، في انتظار توفير البنية التحتية التي تتيح نقل الغاز ومعالجة الخام المكتشف في بعض مناطق المملكة.

المساهمون