أول إضراب للبنوك في تاريخ تونس: شلل مالي

بنك في تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
04 يوليو 2021
+ الخط -

من المقرر أن ينفذ القطاع البنكي والمالي، الاثنين، أول إضراب له في تاريخ تونس، بدعوة من النقابة العامة للبنوك والمؤسسات المالية التي طلبت من العاملين في البنوك وشركات التأمين عدم الحضور إلى مقرات العمل يومي الاثنين والثلاثاء، والمشاركة بكثافة في الإضراب بعد فشل مفاوضاتها مع الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية.

وأصدرت الجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية (النقابة) الجمعة الماضية ترتيبات الإضراب الذي سينفذ يومي (5 و6 يوليو/ تموز) بسبب تنكّر جمعية البنوك لاتفاقات سابقة بشأن الزيادة في رواتب الموظفين لسنتي 2020 و2021، وقّعها الطرفان منذ شهر إبريل/ نسيان الماضي.
ووفق ترتيبات الإضراب، لن تفتح البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين لمدة يومين أبوابها، وستتوقف مختلف العمليات المالية في محافظات البلاد كافة، ليشمل الإضراب البنوك المحلية والخارجية أيضاً.
وقال الكاتب العام لجامعة البنوك والمؤسسات المالية، نعمان الغربي، إن النقابة دفعت إلى إعلان أول إضراب ينفذه القطاع في تاريخ البلاد بعد انسداد أفق التفاوض مع جمعية البنوك التي تراجعت في تعهدات وقّعت عليها في محضر رسمي يقضي بتمكين أكثر من 21 ألف موظف من زيادات في الرواتب وفق طريقة احتساب تعتمد منذ عام 1993.

لن تفتح البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين لمدة يومين أبوابها، وستتوقف مختلف العمليات المالية ويشمل الإضراب البنوك المحلية والخارجية أيضاً

وأفاد الغربي في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن القطاع البنكي يمرّ بفترة صعبة نتيجة غياب رغبة المالكين والمسيرين في الإصلاح، رغم استعداد النقابات للمشاركة في تأهيل شامل يخدم مصلحة المؤسسات المالية التي حققت أكثر من 1.2 مليار دينار (الدولار = 2.78 دينار) من الأرباح، رغم الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد.

وأكد المسؤول النقابي أن من حق العاملين في القطاع الذين يواصلون تسيير الخدمات في أصعب الظروف التي تمرّ بها البلاد الحصول على زيادات في الرواتب، باعتبار أنهم آلة الإنتاج التي تحقق أرباح القطاع، مشيراً إلى أن كل الخدمات المالية ستتوقف ليومين، وأن البنوك لن تفتح أبوابها أمام العملاء والمودعين.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي سياق متصل، أكد الغربي أن نحو 5 آلاف موظف في القطاع المالي والمصرفي أصيبوا بفيروس كورونا، وسبّب الفيروس وفاة 20 منهم بسبب نقص الحماية اللازمة في مقرات العمل.

لكنه أشار إلى أن النقابة لم تغلق باب الحوار، وهي مستعدة لإلغاء الإضراب ورفعه الفوري في حال التوصل إلى اتفاق في الساعات الأولى من اليوم الاثنين الذي يتزامن مع أول يوم في الإضراب.
ويتكون القطاع المالي من البنوك والشركات المالية وشركات التأمين، وهي منضوية تحت الجمعية المهنية والمؤسسات المالية، وتمثل البنوك الجزء الأكبر من هذه المؤسسات وأكثرها تشغيلاً.

ويبلغ عدد البنوك 29 بنكاً، من بينها 14 بنكاً مدرجاً في بورصة الأوراق المالية.

خبير مالي: الإضراب سيسبّب شللاً تاماً في القطاع المصرفي وتوقف عمل الصرافات النقدية الألية التي لن تُعَبّأ بالأموال اللازمة

وفي بيان لها، قالت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية الجمعة، إن أرباح البنوك الصافية تراجعت بأكثر من 30 بالمائة سنة 2020، مؤكدة في بيان لها أن البنوك وافقت على تمكين الموظفين من زيادة بنسبة 8 بالمائة في رواتبهم بعنوان سنة 2021 دون مفعول رجعي للزيادة لعام 2020.

وأكدت الجمعية أن كل المقترحات التي عُرضَت على النقابة قوبلت بالرفض، ما أفضى إلى إقرار الإضراب، محذرة من عواقب وخيمة على القطاع في حال المضي قدماً في تنفيذه.
وقال الخبير المالي، خالد النوري، إن الإضراب سيسبّب شللاً تاماً في القطاع المصرفي وتوقف عمل الصرافات النقدية الألية التي لن تُعَبّأ بالأموال اللازمة، مشيراً إلى أن هذا الإضراب سيربك كل العمليات المالية في البلاد المتعلقة بالدفوعات وخلاص الشيكات والتحويلات الخارجية.

وأكد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن القطاع المصرفي والمالي هو عصب الاقتصاد، منبهاً إلى الخسائر التي يمكن أن تترتب عن الإضراب لمختلف الأنشطة الاقتصادية.
ويتخوف تونسيون من أن يؤدي إضراب العاملين في البنوك إلى توقف المعاملات المصرفية، ما يؤثر بالكثير من القطاعات في الدولة التي تعاني صعوبات اقتصادية.

والقطاع البنكي في تونس هو المقرض الرئيسي للدولة، والمساهم الأول في تمويل الموازنة بعد تعثر الحصول على قروض خارجية وبطء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

تخلّف تونس عن سداد ديونها الخارجية، يكلّف بنوك البلاد خسائر تناهز 7.9 مليارات دولار

وتبرز البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية حول نتائج تنفيذ ميزانية الدولة في مارس/ آذار 2021 أن حجم ديون الدولة لدى البنوك التونسية شهد ارتفاعاً قياسياً بين مارس/ آذار 2020 ومارس 2021 بزيادة مقدرة 32.4 بالمائة.

وذكرت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" في مايو/ أيار الماضي أن تخلّف تونس عن سداد ديونها الخارجية، يكلّف بنوك البلاد خسائر تناهز 7.9 مليارات دولار، أي ما يعادل 21.567 مليار دينار.

وأوضحت وكالة التصنيف الائتماني أن كلفة عجز الحكومة عن تسديد الديون تؤدي إلى خسارة رأس مال القطاع البنكي بما يمثّل 17.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي.

المساهمون