أهداف البرنامج الاقتصادي للحكومة التركية تصطدم بتذبذب الليرة

17 مارس 2025
تراجع الليرة يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بالسوق المحلية (أرشيف/العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الليرة التركية تراجعًا مستمرًا يؤثر على الاقتصاد، مع تقلبات في التضخم والنمو والتجارة الخارجية. تخفيض أسعار الفائدة زاد من مخاوف السوق وأثر على الأسعار المحلية.

- يهدف البرنامج الاقتصادي الجديد إلى خفض التضخم إلى 41.5% بنهاية 2024 و9.7% بحلول 2026، مع تحقيق نمو 4% في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2025، مع التركيز على الإصلاحات الهيكلية.

- يؤكد المسؤولون على خفض التضخم كأولوية، حيث سيؤدي ذلك إلى خفض أسعار الفائدة وتعزيز الاقتصاد من خلال تخفيف الديون وزيادة الإنتاج والتوظيف.

لا تبقي الليرة التركية المتراجعة لمقياس أو مؤشر تركي أن يستقر، فالتضخم ونسبة النمو وحتى التجارة الخارجية وعجز الميزان التجاري، جميعها تتأرجح بانتظار ثبات سعر الصرف، عدا عن أسعار السلع والمنتجات بالسوق التي تتبدل بناء على سعر العملة المحلية المتراجع باستمرار. 

ويقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال إن البدء بتخفيض أسعار الفائدة، لثلاث جلسات متتالية، زاد من مخاوف السوق ومن تراجع سعر صرف الليرة التي سجلت لأول مرة أكثر من 40 ليرة مقابل اليورو ونحو 36.7 ليرة للدولار. وكان المصرف المركزي التركي قد خفض الأسبوع الماضي سعر الفائدة بنحو 250 نقطة أساس، بعد تخفيضين سابقين بالقيمة نفسها، ليصل سعر الفائدة المصرفية إلى 42.5% بهدف إخراج الأموال من خزائن المصارف إلى أقنية إنتاجية وتحفيز النمو الذي تراجع حلال الربع الرابع من العام الماضي. 

ويرى أويصال خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن فلسفة "العملة الرخيصة" يمكن أن تنعكس فقط على زيادة الصادرات جراء قلة تكاليف الإنتاج قياساً بالعملات الأجنبية، لكنها تؤثر على معيشة الأتراك وتضر، بواقع التذبذب وعدم الثبات، باستقطاب الاستثمارات وحتى بالثقة في الاقتصاد التركي. ويشير الاقتصادي التركي إلى أن البرنامج الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة العام الماضي، بدأت بعض نقاطه تتحقق، مثل التضخم، لكن تحسين سعر صرف الليرة سيخرج عن توقعات وخطة الحكومة، بواقع عجز الميزان التجاري واستمرار المضاربة بالسوق، وربما تراجع عائدات السياح. 

وكان معدل التضخم السنوي في تركيا قد تراجع على أساس سنوي إلى 39.05% خلال فبراير/شباط الماضي، كما تراجع، وفق معهد الإحصاء التركي، على أساس شهري إلى 2.27%. ورغم تراجع سعر صرف الليرة التركية، إلا أنها، برأي مراقبين، ضمن توقعات برنامج الحكومة الاقتصادي، كما أن تخفيض التضخم زاد عن خطط وآمال الحكومة التركية، إذ توقع البرنامج أن يبلغ متوسط سعر صرف الدولار 42 ليرة في عام 2025. 

وأعلنت الحكومة التركية في سبتمبر/أيلول الماضي برنامجها الاقتصادي الجديد للفترة الممتدة بين عامي 2025 و2027، وحدد البرنامج هدفا طموحا لخفض معدل التضخم إلى 41.5% بحلول نهاية عام 2024، مع توقع أن ينخفض إلى9.7% بحلول عام 2026. لكن نسبة النمو التي تراجعت إلى نحو 2.7% العام الماضي، خرجت عن توقعات الحكومة وبرنامجها الاقتصادي، إذ ورغم تحديد الحكومة هدف 4% لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025 بدت التوقعات ونتائج عام 2024 أكثر تحفظا، إذ توقع صندوق النقد الدولي نموا بمعدل 2.7% مقابل 2.6% توقعات البنك الدولي التي جاءت مطابقة لتوقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. 

ويحذر الخبير الاقتصادي التركي إيردال تانس قاراغول من آثار ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة على الاقتصاد التركي من خلال العديد من المؤشرات، بمقدمتها ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بالسوق المحلية. ويشير قاراغول، في مقال نشرته صحيفة "يني شفق" أول من أمس، إلى أن استيراد الطاقة، مقومة بالعملات الأجنبية، يؤثر بشكل فوري على أسعار السلع والخدمات. 

وسبق لوزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن أكد أن عام 2025 سيكون محورياً لتحقيق أهداف الإدارة الاقتصادية التي تسعى لتسريع خفض التضخم إلى مستويات أكثر وضوحاً وتسريع الإصلاحات الهيكلية اللازمة لدعم الاقتصاد. وأضاف شيمشك خلال كلمته في فعالية "تقييم 2024 وتوقعات 2025"، التي نظمتها جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين، الشهر الماضي، أن الحكومة تسير بخطى ثابتة ضمن برنامجها الاقتصادي وأن الهدف لعام 2025 هو خفض التضخم إلى نحو 20%، تمهيدا للوصول إلى مستويات أحادية الرقم خلال السنوات القادمة. 

وأشار إلى أن الإصلاحات الهيكلية، وتحقيق الاستقرار المالي، وزيادة الاحتياطيات، وتخفيض العجز في الحساب الجاري ستكون الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي المستدام في عام 2025.

وعاد شيمشك ليؤكد خلال اجتماعه مع مجلس إدارة جمعية المصدرين الأتراك (TİM)، قبل أيام، أن السياسة الاقتصادية الحالية تركز على خفض التضخم أولاً، مشيراً إلى أن انخفاض التضخم سيؤدي بالضرورة إلى خفض أسعار الفائدة، وأن مخاوف المصدرين بشأن استقرار سعر الصرف محقة، لكنه أكد أن الاستجابة لهذه المطالب بشكل مباشر قد تؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية، مشدداً على أهمية النظر إلى النتائج على المدى الطويل بدلاً من الحلول قصيرة الأمد.

وضمن سياق التفاؤل بنتائج العام الجاري وتوافقها مع البرنامج الاقتصادي الحكومي، يقول نائب الرئيس التركي جودت يلماظ إن تركيا ستصبح سابع عشر أكبر اقتصاد في العالم، وحادي عشر أكبر اقتصاد من حيث القدرة الشرائية، مع دخل قومي يتجاوز 1.3 تريليون دولار ودخل للفرد وصل إلى مستوى يقارب 15500 دولار في العام الماضي.

وأضاف يلماظ خلال حضوره برنامج "إفطار الوداع"، الذي أقامته رئاسة منطقة تشانكايا لحزب العدالة والتنمية بإسطنبول أمس، أنه مع تخفيف عبء الديون في تركيا، تنخفض علاوة المخاطر، ويتعزز الإنتاج الصناعي وترتفع معدلات التوظيف، معتبراً أن التضخم هو المشكلة الأساسية للاقتصاد التركي، مذكراً بتراجع التضخم الشهر الماضي وسيستمر في الانخفاض تدريجياً في الفترة المقبلة، ليصل، على المدى المتوسط، إلى خانة الآحاد.

المساهمون