أموال أردنية معطّلة في البنوك: السوق يعاني من أزمة سيولة

أموال أردنية معطّلة في البنوك: السوق يعاني من أزمة سيولة رغم ازدياد الودائع المصرفية

20 مايو 2021
كورونا ألحق أضراراً بالغة بالأسواق (Getty)
+ الخط -

حدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني (جهة حكومية) عددا من المرتكزات اللازمة للنهوض الاقتصادي في الأردن خلال الفترة المقبلة، تقوم على أساس العمل على تجاوز تداعيات جائحة كورونا وتحفيز الاستثمار ومعالجة المشكلات القائمة، خاصة نقص السيولة في السوق المحلي وارتفاع أعداد الشركات المتعثرة.

ويرى المجلس الاقتصادي في تقرير له حول حالة البلاد 2020 أعده مؤخرا، أن تحسين الوضع الاقتصادي يتطلب ضخ سيولة جديدة في السوق المحلية عاجلاً وتسهيل إمكانية حصول مؤسسات القطاع الخاص على قروض من البنوك التجارية أو غيرها لتتمكن من دفع الرواتب والإيجارات والأقساط، وفوائد القروض والتسهيلات البنكية وباقي التزاماتها ولضمان استمرار عملها وديمومة استثماراتها.

مقترحات بإعادة جدولة ديون الشركات المتعثرة جراءكورونا ومنحها قروضاً بلا فوائد، إضافة إلى إعفائها من مستحقات الضمان أو تأجيل دفعاتها أو تقسيطها

وخرج المجلس بعدد من التوصيات التي تصب باتجاه تحقيق التعافي الاقتصادي وتنشيط مختلف القطاعات من أبرزها ضرورة العمل على إعادة جدولة ديون الشركات المتعثرة جراء جائحة كورونا ومنحها قروضاً بلا فوائد، خاصة الشركات الأكثر تضررا، إضافة إلى إعفائها من مستحقات الضمان أو تأجيل دفعاتها أو تقسيطها من دون فوائد أو غرامات ولمدد مريحة تبعاً لنسبة الضرر التي لحقت بكل قطاع.

أمام خلاصات هذا التقرير، تظهر مفارقات اقتصادية غير متكافئة في المملكة، تؤكدها بيانات البنك المركزي الأردني، وتتمثل في توفر حجم كبير من السيولة المحلية في البنوك تتجاوز 52 مليار دولار فيما النقد المتداول في السوق يبلغ فقط 8.5 مليارات دولار.
وفي هذا السياق، قال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، ضرار الحراسيس، لـ" العربي الجديد" إن الاقتصاد الأردن يعاني من اختلالات جوهرية تفاقمت بسبب أزمة كورونا وتداعياتها وما نتج عنها من إجراءات حكومية لمواجهة الوباء كالإغلاقات والحظر الشامل والجزئي وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية والخدمية وغيرها.

وأضاف أن نقص السيولة من أهم المشكلات التي تواجه الوضع الاقتصادي وأن معالجتها تتأتى بشكل أساسي من خلال توظيف المدخرات الوطنية في البنوك المحلية (الودائع المصرفية) بشكل أفضل لخدمة الاقتصاد الوطني وبما يعظّم العائد المادي على البنوك والمودعين.

وأشار إلى أن الحكومة ضخت مبالغ كبيرة في السوق خلال العامين الماضيين من خلال القروض الموجهة للشركات والقطاعات الأكثر تضررا وتسريع دفع مستحقات المقاولين وغيرها، إلا أن ذلك غير كاف لمواجهة مشكلة نقص السيولة وتحريك السوق وتحفيز أصحاب الأعمال على الاقتراض بكلف أقل لتغطية التزاماتهم المالية هذه الفترة وتمكينهم من تجاوز الظروف الصعبة التي يعانون منها.

وقال الحراسيس إن اللجنة المالية في مجلس النواب ستواصل التباحث مع الحكومة والجهات المعنية من القطاع الخاص حول الآليات اللازمة لتحريك السوق وتوفير السيولة وقيام البنوك بإجراءات تحفيزية ليس من خلال تأجيل استيفاء بعض الأقساط المترتبة على المدينيين وإنما بتسهيل عمليات التمويل وتخفيض كلفتها.

اللجنة المالية في مجلس النواب ستواصل التباحث مع الحكومة والجهات المعنية من القطاع الخاص حول الآليات اللازمة لتحريك السوق وتوفير السيولة

وحسب أحدث بيانات للبنك المركزي الأردني، اطلعت عليها "العربي الجديد"، فقد بلغ حجم السيولة المحلية في الأردن حوالي 52.5 مليار دولار منها رصيد الودائع لدى البنوك المرخصة بما مقداره 37.3 مليون دولار مقابل 35.3 مليون دولار في نهاية شباط من العام الماضي و36.8 مليار دولار في نهاية 2020.

ووفقا للبنك المركزي، فإن حجم النقد المتداول من إجمالي السيولة يبلغ نحو 8.5 مليارات دولار فقط من إجمالي السيولة المالية المتوفرة في الأردن.
وارتفع رصيد اجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك المرخصة في الأردن خلال الشهرين الأولين من العام الحالي بما مقداره 532.2 مليون دينار (570.4 مليون دولار) أو ما نسبته 1.8% عن مستواه المسجل في نهاية العام الماضي، بالمقارنة مع ارتفاع بلغ 383.4 مليون دولار، وبنسبة 1.4% للفترة المقابلة من عام 2020.
وأكد المجلس الاقتصادي ضرورة تقديم حوافز للقطاع الخاص بما يشكّل رافعة لتنمية القطاعات ويخفف ما أمكن من حدة تداعيات الجائحة على الاقتصاد الوطني مع وجوب إدارة هذه الحوافز وتطبيقها وترجمتها إلى برامج عمل واضحة ومحددة والحفاظ على الاستثمار وتوفير الحوافز ضمن ضوابط ومعايير ومحددات، تخدم جميع الأطراف المعنية.
وأوضح التقرير أن على الحكومة حماية الاقتصاد الوطني في الفترة الراهنة للخروج من الجائحة بأقل الخسائر لأن تراجع تدفقات رأس المال الخارجي سيعمق الاختلالات ما بين طرفي معادلة الادخار الكلي من جهة والاستثمار المحلي وصافي تدفق رأس المال في الجهة المقابلة، أي أن تدفق رأس المال السالب سيتعمق، وهو ما يعني الحاجة إلى تمويل خارجي لتغطية شراء أصول محلية.
وقال رئيس جمعية الصرافين السابق، علاء ديرانية، لـ"العربي الجديد" إن السوق ما زال يعاني من نقص السيولة، خاصة مع تداعيات جائحة كورونا في الوقت الذي يوجد حجم سيولة نقدية مجمدة في البنوك المحلي، وهو ما يفرض اتباع سياسات اقتصادية ناجعة للاستفادة منها استثماريا وتحفيز القطاع الخاص وتخفيف الأعباء المالية على الأفراد والشركات مع وجود ضوابط تضمن حقوق المصارف والمودعين.

وأضاف ديرانية أن القطاع الخاص يتطلع باهتمام إلى شهر يوليو/ تموز المقبل للبدء بفتح القطاعات المغلقة كما أعلنت الحكومة في ضوء توقعات تحسن الوضع الوبائي والسيطرة عليها، ما يحتاج في ذات الوقت إلى توفير السيولة من خلال تخفيف القيود المشددة من قبل البنوك على عمليات منح التسهيلات وضرورة تخفيض أسعار الفائدة وأن يتم دعمها من قبل الحكومة هذه الفترة.

ويرى الخبير الاقتصادي، عوني الداود، أن الوضع الاقتصادي يحتاج فعلا إلى إجراءات تحفيزية شاملة، وأن أحد العوامل الأساسية في ذلك هو توفير السيولة المحلية في السوق في سياق توفر حجم كبير من الودائع لدى البنوك والشركات المالية لكنها غير مستغلة كما يجب.

وقال الداود لـ"العربي الجديد": ندرك حجم التحديات والمخاوف لدى البنوك في ما يخص التسهيلات الائتمانية ولتفادي حالات التعثر عن السداد، لكن الضوابط التي يضعها البنك المركزي على عمليات الإقراض توفر حماية كافية للجهاز المصرفي من آثار التعثر المالي للمقترضين.
وتصب بعض التوصيات الأخرى للمجلس الاقتصادي في هذا السياق، من خلال مطالبته بتسهيل الإجراءات القانونية والتشريعات التي تشجع على الاستثمار، لا سيما وأن تعقيد الإجراءات الحكومية وعدم وجود تسهيلات من الأسباب الرئيسة لنقل المستثمرين أعمالهم إلى دول أخرى.

وتطرق المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى ضرورة عدم زيادة الضرائب والعمل على خفض الأسعار ومدخلات الإنتاج لتشجيع الاستثمار.

المساهمون