أفغانستان: الأوضاع المعيشية تهوي بمبيعات الهواتف المحمولة

أفغانستان: الأوضاع المعيشية تهوي بمبيعات الهواتف المحمولة

02 يناير 2022
تدهور الاقتصاد الأفغاني ضغط على أوضاع الأسر بشدة (Getty)
+ الخط -

أدى تردي الاقتصاد الأفغاني وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، فضلاً عن تهاوي العملة المحلية، إلى التراجع الحاد في مبيعات الهواتف المحمولة

وقال محمد شعيب، صاحب محل لبيع الهواتف، إن "مبيعات المحل الذي أملكه كانت مرتفعة على مدار السنوات السبع الماضية، مما أدى إلى ارتقاء مستواي المادي، قبل أن تتراجع المبيعات بشدة خلال الأشهر الأخيرة منذ سيطرة حركة "طالبان" على السلطة في البلاد".

وأضاف شعيب لـ"العربي الجديد" أن "تراجع المبيعات دفعني إلى تسريح ثلاثة من الموظفين كانوا يعملون معي بالمحل، حيث كان يتقاضى كل واحد منهم نحو عشرة آلاف أفغانية (100 دولار تقريباً)، مكتفياً بالعمل بمفردي في المحل بعد التراجع الحاد في المبيعات". 

وأشار التاجر إلى أن "المحل كان يبيع يومياً ما بين 20 إلى 30 هاتفاً، بالإضافة إلى بيع مستلزمات أخرى للهواتف، بينما لا يتعدى ما يبيعه الآن يومياً هاتفين وبهامش ربح ضئيل".

لقمة العيش قبل الهواتف

وأكد شعيب أن المصاريف اليومية لمحله تصل إلى 40 دولاراً يومياً، بما فيها إيجار المحل ورسوم الكهرباء والتدفئة والطعام، و"هو الآن يعد عبئاً ثقيلاً أخشى من تبعاته على مستقبل تجارتي"، مشيراً إلى أن "الكثير من تجار الهواتف النقالة سيتركون المهنة عاجلاً أم آجلاً، إذا لم يتحسن الوضع الحالي".

وقال حكمت الله رامين، صاحب محل أيضاً، لـ"العربي الجديد"، إن "الأعمال التجارية كلها تدهورت، خاصة تجارة الهواتف المحمولة، لأن غالبية الشعب الأفغاني تعيش في فقر، وبالتالي كل الجهود المبذولة ستكون لتوفير لقمة العيش للأسرة وليس شراء الهواتف".

وأضاف التاجر أن "المشكلة الأساسية هي أن التجار يشترون الهواتف خارج البلاد بالدولار، ويبيعونها في الأسواق بالعملة الأفغانية التي تشهد تدهوراً متواصلاً مقابل الدولار".

وأشار إلى أنه "كلما ارتفعت قيمة الدولار مقابل الأفغانية (عملة البلاد) اضطر التجار لرفع سعر الهواتف في الوقت الذي يعجز فيه المواطنون عن الشراء بسبب سوء أوضاعهم المعيشية".

وأكد رامين أنه كان "يبيع في السابق ما بين 9 إلى 15 هاتفاً محمولاً يومياً، بينما الآن يأتي يوم لا يبيع فيه ولا حتى هاتفاً واحداً"، مشيراً إلى أنه "لم يعد قادراً على دفع إيجار المحل ورسوم الكهرباء وتوفير وسائل الدفئة لمحله".

تسريح العمالة

وأشار إلى أنه "اضطر بسبب الركود إلى تخفيض راتب العامل معه في المحل إلى خمسة آلاف أفغانية، مقابل عشرة آلاف أفغانية سابقاً، وربما تسريحه مستقبلاً إذا استمر الوضع كما هو عليه".

على هذا المنوال، يقول محمد إيميل، صاحب محل للهواتف النقالة في منطقة نادر بشتون، إنه يعمل في هذا المجال منذ 10 أعوام تقريباً، كان حينها يحقق ربحاً جيداً، قبل أن تتدهور المبيعات خلال الأشهر الأخيرة، ما اضطره إلى عدم الحضور للمحل في بعض الأيام لعدم وجود زبائن.

وقال العامل في أحد محال الهواتف، ويدعى عبد المجيب، إنه الآن عاطل عن العمل، كما أن أسرته "باتت تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة".

وأضاف عبد المجيب لـ"العربي الجديد" أن "أخي أيضاً أصبح عاطلاً عن العمل، مما زاد من الضغوط على أسرتنا".

من جانبه، قال المواطن محمد صفدر إن "الناس يسعون لتوفير لقمة العيش لأولادهم بشق الأنفس"، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنه يعرف الكثير من أقارنه اضطروا لبيع هواتفهم المحمولة بأثمان رخيصة للغاية؛ لحاجتهم للمال، داعياً حركة "طالبان" إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة قبل أن تزاداد الأوضاع سوءاً".

تداعيات هبوط الأفغانية

وفي السياق، قال الإعلامي عبد البصير طاهري لـ"العربي الجديد" إن "بلادنا تعيش في حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي بسبب التغيرات الأخيرة، ولكن أصعب من تلك كلها هي الحالة المعيشية للمواطن الأفغاني، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى 102 أفغانية".

وأشار إلى أن "هبوط العملة الأفغانية المتواصل سيؤثر إلى حد كبير على أسعار السلع التي يحتاج إليها المواطن؛ وبالتالي لم نعد نتحدث عن إمكانية شراء المواطن للهواتف المحمولة، بل الحديث الآن عن توفير الغذاء والصحة".

وأضاف أنه "إذا استمر تدهور سعر العملة الأفغانية مقابل الدولار، فإن هذا يعني أن القادم أكثر مرارة وصعوبة على المواطن الذي يدفع ثمن كل هذا".

وفي تعليق له على القضية، يقول نائب الناطق باسم "طالبان" بلال كريمي لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مشاكل كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمعيش"، مشيراً إلى أن "الحكومة تسعى جاهدة لاستخدام كل السبل والوسائل للتصدي لهذه الحالة".

وأكد أن "الحكومة طالبت المجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأميركية، أن ترفع التجميد عن الأصول الأفغانية، لأن ذلك هو رأس المشكلة"، معرباً عن أمله في "تحسن الوضع خلال الأيام القليلة المقبلة".

المساهمون