أسواق فرنسا تتماسك بعد إسقاط حكومة بايرو.. وأوروبا تترقب

09 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 09 سبتمبر 2025 - 00:51 (توقيت القدس)
بايرو أمام قصر الإليزيه في باريس، 22 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرض رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو لخسارة في تصويت الثقة بالبرلمان، مما أدى إلى سقوط الحكومة الثالثة في أقل من عامين، لكن الأسواق المالية أظهرت رد فعل هادئ نسبياً.
- حذر المحللون من أن الهدوء اللحظي يخفي قلقاً بشأن المستقبل، مع توقع ضغوط إضافية على التصنيف الائتماني بسبب العجز المرتفع، وصعوبة الإصلاح المالي في فرنسا.
- تبدو الأسواق مستسلمة لسيناريو محدود، مع توقعات بمراجعات وكالات التصنيف الائتماني، مما قد يزيد كلفة الاقتراض ويضغط على استقرار منطقة اليورو.

على الرغم من الخسارة الكبيرة التي مني بها رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو في تصويت الثقة بالبرلمان، أمس الاثنين، والذي أطاح بثالث حكومة في أقل من عامين بسبب مأزق الميزانية والدين المتفاقم، فإن ردة فعل الأسواق المالية جاءت هادئة نسبية. فقد أظهرت بيانات "رويترز" أن اليورو ارتفع بنسبة طفيفة بلغت 0.2% إلى 1.1743 دولار، في حين حافظت عقود مؤشر "كاك 40" على مكاسبها بصعود 0.6%، كما استقرت السندات الفرنسية عند مستوياتها. ووفقاً لما ذكرته "بلومبيرغ"، فإن هذا الاستقرار يعكس أن المستثمرين كانوا قد "سعّروا" مسبقاً سيناريو سقوط الحكومة، ولم يعتبروا التصويت مفاجأة صادمة، على الرغم من خطورته السياسية.

غير أن المحللين حذروا من أن الهدوء اللحظي يخفي قلقاً عميقاً بشأن المستقبل. وقال خوان بيريز، مدير التداول في "مونكس يو إس إيه"، إن استقالة بايرو كانت متوقعة والأسواق راضية بخطوة الإطاحة به، لأنها "تفتح الباب أمام مسار جديد للقيادة"، بحسب "رويترز". أما كريس سيكلونا، رئيس الأبحاث الاقتصادية في "دايوا كابيتال ماركتس" بلندن، فأكد أن فرنسا دخلت مرحلة شلل سياسي قصير المدى، مشدداً على أن الأسواق "تتوقع ضغوطاً إضافية على التصنيف الائتماني، في ظل بقاء العجز عند مستويات مرتفعة".

وفي السياق نفسه، اعتبر توم روس، رئيس قسم السندات مرتفعة العائد في "جانوس هندرسون إنفستورز"، أن ما جرى لن يكون النقاش الأخير حول عجز الميزانية، مؤكداً أن "الإصلاح المالي في فرنسا أصبح أصعب من أي وقت مضى". فيما حذر سيمون إديلستن، مدير صندوق في "غوشوك أسيت مانجمنت"، من أن عوائد السندات الفرنسية قد تبقى مرتفعة لفترة طويلة، لأن "أي إصلاح مالي قوي يبدو مستحيلاً سياسياً، بينما تتزايد تكاليف الرعاية الاجتماعية وخدمة الدين بوتيرة سريعة". وبحسب مراقبين، تكشف هذه القراءة أن جذور الأزمة أعمق من استقالة حكومة واحدة، وأن المخاطر قد تتفاقم إذا استمرت حالة الشلل.

من جانبه، أوضح ميكائيل نيزار، مدير إدارة الأصول المتعددة في "إدموند دو روتشيلد أسيت مانجمنت" بباريس، أن الأسواق تبدو مستسلمة لسيناريو محدود يتمثل في "الاكتفاء بعدم تدهور العجز أكثر بدلاً من انتظار إصلاحات كبرى". وأضاف أن الوضع المالي "يبقى مقلقاً" مع استمرار تباعد فرنسا عن باقي منطقة اليورو، حيث بلغ العجز الفرنسي 5.8% من الناتج في 2024، ومن المتوقع أن يبقى عند 5.4% في 2025، مقارنة بمتوسط لا يتجاوز 3% داخل التكتل، بينما ارتفع الدين العام إلى 113% من الناتج في 2024 مع توقع وصوله إلى 117% العام المقبل.

وبالرغم من أن الأسواق لم تشهد اضطراباً لحظياً، فإن الأنظار تتجه إلى مراجعات وكالات التصنيف الائتماني المقبلة. فوكالة فيتش ستعلن قرارها هذا الأسبوع بشأن التصنيف الحالي عند AA- مع نظرة مستقبلية سلبية، تليها "موديز" في أكتوبر و"ستاندرد آند بورز" في نوفمبر. ويؤكد محللون أن أي خفض إضافي سيزيد من كلفة الاقتراض، ويؤدي إلى اتساع الفارق مع السندات الألمانية، ما قد يضغط على استقرار منطقة اليورو بأكملها. لذلك، فإن أوروبا تترقب الخطوة الفرنسية المقبلة، وسط تساؤلات حول قدرة باريس على تمرير ميزانية مقنعة ترضي الأسواق، وتحتوي في الوقت نفسه الغضب الشعبي المتصاعد.

المساهمون