أسعار الفواكه تأبى الانخفاض في الجزائر رغم الإجراءات الحكومية

24 نوفمبر 2024
سوق للفواكه في الجزائر العاصمة، 12 مارس 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الجزائريون تحديات بسبب ارتفاع أسعار الفواكه المحلية والمستوردة، رغم الإجراءات الحكومية مثل حظر الاستيراد وفرض رسوم مرتفعة، مما أدى إلى تساوي أو تجاوز أسعار الفواكه المحلية للمستوردة.

- رغم زيادة إنتاج الفواكه مثل التفاح والموز، لم تنخفض الأسعار، حيث يباع الموز بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسواق الأوروبية، مما دفع الحكومة لبيع الفواكه مباشرة من الفلاحين لتجار التجزئة لكسر سلسلة الوسطاء.

- أكدت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك أن التحكم في أسعار الفواكه يبدأ بالتحكم في سعر الموز، داعية السلطات للتدخل وضبط الأسعار، مع اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين.

يتعايش الجزائريون منذ فترة ليست بالقصيرة، مع متلازمة الارتفاع المزمن لأسعار العديد من الفواكه، بعضها منتج محلياً، والآخر مستورد، والتي "تأبى الانخفاض"، ما أثقل كاهل المواطنين أكثر، رغم إجراءات حكومية لحماية القدرة الشرائية ودعمها.

فقد حظرت الجزائر في إطار إجراءات حمائية أُقرَّت قبل سنوات، استيراد العديد من المنتجات، وفرضت رسوماً مرتفعة وصل على بعض السلع المستوردة إلى 200%، خصوصاً التي لها نظير محلي. وشملت هذه الإجراءات أيضاً الفواكه، حيث شهد استيراد العديد منها توقفاً شبه تام، بينما قُلِّص دخول أخرى، ولا سيما تلك غير المنتجة محلياً، ما تسبب في ارتفاع أسعار العديد منها، وجعل أسعار المحلية تُسوَّق بقيمة المستوردة وأكثر.

ولم تستفد مستويات الأسعار في السوق المحلية من طفرة زراعة أشجار التفاح والموز على مساحات واسعة بآلاف الهكتارات بعدة ولايات، باستعمال شتلات جديدة وأيضاً تقنيات حديثة لم تكن مطبقة في الجزائر، مدفوعة بالإجراءات الحمائية التي اتبعتها الحكومة. فقد ظهرت مزارع لإنتاج الموز بولايات ساحلية معروفة بطابعها الفلاحي على غرار تيبازة غرب العاصمة وجيجل شرقي البلاد. كذلك انتشرت المزارع المتخصصة في إنتاج التفاح مثلاً في ولايات الشمال الشرقي خصوصاً، على غرار باتنة وخنشلة في منطقة الأوراسي الجبلية التي تتميز بارتفاع الأراضي الزراعية عن مستوى سطح البحر.

تتوقع السلطات إنتاج 1.6 مليون قنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام) من التفاح بولاية باتنة وحدها خلال هذا العام، ونحو 1.8 مليون قنطار في ولاية خنشلة المجاورة.

ورغم طفرة الإنتاج، بقيت أسعار الموز المحلي مرتفعة في السوق الجزائرية، ولم تقلّ في الغالب عن 350 ديناراً للكيلوغرام (2.65 دولار). أما الموز المستورد، فمنذ عدة سنوات لم ينزل هو الآخر تحت سقف 350 ديناراً، وغالباً ما يراوح سعره بين 400 و500 دينار للكيلوغرام الواحد (3.03 دولارات إلى 3.78 دولارات)، ووصلت في بعض الفترات إلى 700 دينار (5.30 دولارات).

المفارقة أن الموز المستورد يُباع في أسواق الدول الأوروبية بأسعار لا تتعدى اليورو الواحد (1.04 دولار) في الغالب، بينما تفوق قيمته في الجزائر أحياناً خمسة دولارات، رغم أن مصدره واحد، وهو دول استوائية في أفريقيا وأميركا اللاتينية.

في المنحى نفسه اتجهت أسعار التفاح المحلي الذي فاق سعر الفاخر منه 1000 دينار للكيلوغرام (7.57 دولارات)، بينما تسوق الأنواع الأقل جودة بأسعار مرتفعة هي الأخرى من 300 إلى 700 دينار.

خلال الصيف الماضي وبداية فصل الخريف وجد الجزائريون أنفسهم أمام وضعية لم يعيشوها من قبل، بعد أن بلغت أسعار فاكهة التين التي تعد الجزائر أحد أكبر منتجيه في العالم مستويات فاقت التصورات. ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من هذه الفاكهة التي كانت إلى وقت قريب "شعبية" إلى 600 دينار في أسواق الجملة، بينما لامست 1000 دينار في أسواق التجزئة (7.57 دولارات).

هذه الوضعية دفعت الحكومة إلى توسيع إجراء اتخذته منذ جائحة كورونا لاعتماد نقاط بيع بأسعار مخفضة لبعض المنتجات، ليشمل أيضاً الفواكه المنتجة محلياً منذ انتشار جائحة كورونا قبل أربع سنوات، لتفادي المضاربة ورفع الأسعار. وأعلنت وزارة التجارة الجزائرية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إطلاق عملية البيع المباشر للتفاح من الفلاحين المنتجين إلى تجار التجزئة، وذلك على مستوى أسواق جملة حكومية تشرف عليها الوزارة ذاتها.

قالت الوزارة في بيان سابق لها إن الجزائر تهدف إلى الحد من ارتفاع سعر هذه الفاكهة وكسر سلسلة المتدخلين فيها، في إشارة إلى وسطاء ما بين الفلاحين وتجار الجملة. وفي إطار هذه التدابير، افتُتِحَت 144 نقطة بيع مباشرة لفاكهة التفاح من المنتجين (المزارعين) إلى تجار التجزئة، كذلك كُلِّفَت شركتان حكوميتان، "ساربا" و"فريغو ميديت"، شراء محصول التفاح لدى الفلاحين وتخزينه، بهدف ضخه في الأسواق عند الحاجة لضبط الأسعار.

خلال اجتماع لمجلس الوزراء مطلع الشهر الماضي، وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتسليط أقصى العقوبات والغلق الفوري مع سحب السجلات التجارية ضد المضاربين بالمنتجات المحلية مثل فاكهة التفاح التي أصبحت تسوَّق بأسعار الفواكه المستوردة. وكانت السلطات الجزائرية قد شددت خلال الجائحة الصحية العقوبات على المضاربين، وإمكانية أن تصل الأحكام إلى 30 سنة سجناً نافذاً للمتورطين فيها وغرامات مالية مرتفعة.

وفي خضم المستويات الهائلة للأسعار، أكدت المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك (مستقلة)، أن التحكم في أسعار الفواكه لن يكتمل إلا من خلال التحكم في سعر الموز. وقال فادي تميم، وهو المنسق الوطني للمنظمة لـ"العربي الجديد"، إن الموز هو المؤشر الذي يتحكم في بقية الأسعار، كما بالضبط بالنسبة إلى البطاطس التي تعد مؤشراً لأسعار الخضراوات في الجزائر.

وتساءل تميم عن أسباب ارتفاع أسعار الموز، رغم أنه يستورد بفواتير وأسعار معلومة، وأسعاره ثابتة لسنوات في الأسواق العالمية، ومع ذلك في الجزائر نفاجأ بارتفاعات وانخفاضات عشوائية أو مدبرة. وأضاف: "لو كان السبب هو السوق العالمية لكان الأمر هيناً وتفهمنا ذلك، لكن في جميع دول العالم السعر ثابت ومعلوم ما عدا في الجزائر، فإنه يرتفع وينخفض وحتى الانخفاض لا يصل إلى مستويات ترضي المستهلك".

وأشار إلى أنه من هذا المنطلق طالبت المنظمة بضرورة ضبط أسعار الفواكه في السوق الجزائرية، من خلال البدء بالتحكم في سعر الموز، وبعدها سينسحب الأمر على بقية الفواكه. ولفت إلى أن أسعار بعض الفواكه وصلت إلى مستويات غريبة وخيالية، وعلى سبيل المثال التفاح استدعى تدخل رئيس الجمهورية وتحريك أجهزة الرقابة في محاولة لضبط أسعاره. وتابع: "اكتشفنا أن سعر الفتاح لدى المزارعين لا يتعدى 350 ديناراً، بينما يصل أو يفوق 600 دينار لدى تجار التجزئة".

المساهمون