استمع إلى الملخص
- تشكلت "تنسيقية تطبيق الفصل 412" للدفاع عن حقوق العملاء، حيث تشير إلى أن 31% فقط حصلوا على حقوقهم في خفض الفائدة، بينما تستعد لتنظيم احتجاجات جديدة.
- رغم الأزمة الاقتصادية، تحقق البنوك أرباحًا مرتفعة، لكن وكالة فيتش تتوقع انخفاض أرباح أكبر عشرة بنوك بنسبة 14% في 2025 بسبب الإجراءات المصرفية الجديدة.
يخوض تونسيون صراعاً ضدّ المصارف التجارية، متهمين إياها بالتلكؤ في تطبيق قرار يقضي بخفض نسبة الفائدة على القروض طويلة الأجل، بينما أعلن المجلس المالي والبنكي التزامه بتطبيق القرار.
وفي فبراير/ شباط توجّه البنك المركزي التونسي بمذكرة إلزامية للمصارف التجارية تقضي بخفض الفائدة الثابتة على القروض إلى نسبة 7% بعد أن تباطأت البنوك في تطبيق نص قانوني صدر منذ أغسطس/آب الماضي بخفض أسعار الفائدة، وتمنح أحكام القانون عملاء البنوك ممن يسدّدون قروضاً بنسبة فائدة ثابتة الحق في الحصول على خفض في نسبة الفائدة إلى 7% شرط سداد ما لا يقلّ عن ثلاث سنوات من قيمة القرض، ونظم عملاء مصرفيون وقفات احتجاجية أمام مقرّ وزارة المالية من أجل الضغط على السلطات لحثّ البنوك على تطبيق القوانين.
وقالت فضيلة الشلي المشرفة على ما تعرف بـ"تنسيقية تطبيق الفصل 412" التي تشكلت للدفاع عن حقوق عملاء البنوك، إن البنوك تحاول إيجاد كل الذرائع ووضع العراقيل أمام الحرفاء من أجل التهرب من تطبيق القانون الذي يمنحهم حق التمتع بخفض أقساط ديونهم البنكية ذات نسبة الفائدة العالية".
وأضافت الشلي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن البنوك تحاول أن تعدم كل فرص حصول الحرفاء (عملاء البنوك) على امتياز خفض الفائدة، مشيرة إلى أن استبياناً قامت به التنسيقية شمل 531 حريفاً أثبت أن نحو 31% فحسب من العملاء حصلوا على حقوقهم بينما لم تعالج البنوك أكثر من 50% من المطالب متعللة بأسباب مختلفة لم يوردها النص القانوني صراحةً.
لكن المجلس المالي والبنكي أكد في بيان له، الخميس الماضي، أنّ "المصارف ملتزمة باحترام القوانين والتشريعات السارية وتوجّهات الدولة في مجال تمويل الاقتصاد من جهة، وضمان مسؤوليتها الاجتماعية في دعم مستخدمي الخدمات المصرفية، من جهة أخرى".
وبحسب المشرفة على "تنسيقية 412" يستعد أعضاء التنسيقية للتحرك مجدداً عبر وقفات احتجاجية أمام البنك المركزي من أجل إلزام البنوك بالاستجابة لمطالب العملاء، ومعالجة ملفاتهم في أقرب الآجال. وأضافت أن المصارف تمتنع عن تقديم البيانات التي تمنح العملاء حق الاطلاع على طرق تطبيق الفائدة الجديدة والمبالغ التي يوفرها قرار الخفض لفائدتهم، وأضافت "تحاول المصارف ليَّ أذرع الحرفاء مستفيدة من الحماية التي يوفرها لها البنك المركزي بعدم تسليط العقوبات اللازمة على البنوك المخالفة".
وتثقل نسبة الفائدة العالية كواهل التونسيين الحاصلين على قروض، بسبب تثبيت البنك المركزي التونسي سعر الفائدة الأساسي عند نسبة 8% لأكثر من عامين قبل أن يقرر خفضها مؤخراً بـ 50 نقطة أساس لتصل إلى 7.5%. وتطبق المصارف نسبة الفائدة الثابتة على القروض طويلة الأمد، لا سيّما القروض السكنية التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 12.9 مليار دينار (4.3 مليارات دولار) من مجموع ديون الأسر التونسية المقدرة بنحو 28.6 مليار دينار (9.5 مليارات دولار) وفق بيانات صادرة عن البنك المركزي للنصف الأول من العام الماضي.
وفي خضم تصاعد أزمة الفائدة المرتفعة على القروض طويلة الأجل، قالت مصادر مصرفية، فضلت عدم الكشف عن هويتها، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إنّ البنوك التجارية بصدد مراجعة سياسات الإقراض، إذ وجهت مذكرات لفروعها تتعلق بتجميد العمل بالقروض طويلة الأمد التي تزيد مدة سدادها عن 15 عاماً تجبّناً للخسائر.
وبينما تعاني الأسر التونسية من نسبة استدانة عالية نتيجة الأزمة الاقتصادية، تظهر البيانات المصرفية تحقيق البنوك أرباحاً سنوية عالية مستفيدة من نسب الفوائد والعمولات المرتفعة، وتظهر معطيات المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع ديون الأسر بنسبة 110% بين عامي 2015 و2022، ومقابل ذلك حققت البنوك الحكومية الثلاثة وفق جداولها المالية التي نشرت على موقع البورصة التونسية أرباحاً صافية بقيمة 445.5 مليون دينار (148.5 مليون دولار) في 2024.
وتتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن تنخفض أرباح أكبر عشرة بنوك في تونس بنسبة 14% خلال 2025، بسبب الإجراءات المصرفية الجديدة. ووفق وكالة التصنيف، ستواجه البنوك في تونس ضغوطاً كبيرة خلال 2025 بسبب شروط الإقراض الجديدة التي أقرّها البنك المركزي التونسي مؤخراً، التي تمنح مزايا للمقترضين وتحُدّ من أرباح البنوك.
ومن بين الشروط، أشارت الوكالة إلى تخفيض أسعار الفائدة على بعض القروض ذات الفائدة الثابتة. ويشير القانون إلى أنّه من حق المقترضين الذين تجاوزت مدفوعات الفائدة الخاصة بهم من يناير/كانون الثاني 2022 إلى سبتمبر/أيلول 2024 نسبة 8% من أصل الدين المستحق بنهاية سبتمبر/أيلول من العام الماضي، مطالبة البنوك بخفض سعر الفائدة إلى النصف للفترة المتبقية من القرض، وتعتقد وكالة فيتش أنّ هذه الإجراءات ستؤدي إلى إضعاف صافي الربح في أكبر عشرة بنوك بنحو 170 مليون دينار في 2025.