أزمة وقود لبنان: ورطة لأطراف الصراع ونقمة شعبية

أزمة وقود لبنان: ورطة لأطراف الصراع ونقمة شعبية

13 اغسطس 2021
السلطات اللبنانية تتخبط في رمي المسؤوليات حول أزمة الوقود (الأناضول)
+ الخط -

على وقع نقمة الشارع اللبناني من تصاعد أزمة الوقود، شهد لبنان، الخميس، اجتماعات مكوكية مكثفة لكبار المسؤولين من أجل احتواء قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات في ظلّ محاولاتٍ لإقناعه بالتراجع عن خطوة اعتبروها "مخالفة للقانون، فردية وأحادية، وأشبه بانقلاب على الخطط المتفق عليها".

وعلى وقع هذه الخلافات، قطع مواطنون عددا من الطرق صباح أمس، استكمالاً لاحتجاجات بدأت مساء الأربعاء، خصوصاً في الشمال رفضاً لقرار رفع الدعم الذي سيؤدي حتماً إلى ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات وربطاً بجميع القطاعات، في حين أن رواتب وأجور المواطنين بغالبيتهم الساحقة ما تزال تحتسب على سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة، مقارنة مع ارتفاع متوقع لسعر صفيحة البنزين يتخطى 300 ألف ليرة في حال التسعير على سعر الصرف في السوق السوداء الذي يتخطى اليوم 20 ألف ليرة.

وامتنع القسم الأكبر من محطات الوقود اليوم عن تعبئة البنزين وأقفلوا أبوابهم بانتظار تحديد التسعيرة الجديدة للمحروقات.

وشنّت حملة مكثفة على الحاكم رياض سلامة من قبل فريق الرئيس ميشال عون والتيار السياسي المحسوب عليها قادها النائب جبران باسيل الذي وصف القرار بـ"القاتل والمجزرة الجماعية والانقلابي".

هاجم عون ودياب قرار حاكم مصرف لبنان وامتنع القسم الأكبر من محطات الوقود اليوم عن تعبئة البنزين وأقفلوا أبوابهم بانتظار تحديد التسعيرة الجديدة للمحروقات

كذلك هاجم رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، حاكم مصرف لبنان ودعا إلى اجتماع وزاري لبحث خطوته، في حين تؤكد أوساط سلامة على أن جميع المعنيين يعرفون أن البنك المركزي لن يستمرّ في سياسة الدعم التي تذهب هدراً لصالح التهريب والتخزين والقرار لم يكن مفاجئاً أو صادماً لهم عكس ما يدّعون.

ترأس الرئيس اللبناني ميشال عون ظهر الخميس، اجتماعاً في قصر بعبدا الجمهوري بحضور الوزيرين في حكومة تصريف الأعمال المال غازي وزني، والطاقة ريمون غجر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خُصِّص للبحث في قرار الأخير رفع الدعم عن المحروقات.

وفي سياق تصاعد أزمة الوقود، أشار عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البركس لـ"العربي الجديد" إلى أن "طريقة اتخاذ حاكم مصرف لبنان القرار برفع الدعم خاطئة جداً ومفاجئة وصادمة، وهو يتطلب تنسيقاً مع السلطة السياسية والنقدية والمجتمع الاقتصادي وله آلياته التي تنفذ على مراحل وليس دفعة واحدة أدت إلى خلق بلبلة كبيرة في الشارع وعلى المحطات التي ترجمت اليوم طوابير غير مسبوقة للسيارات".

وقال البركس إن "المحطات التي نفد مخزونها أقفلت أبوابها الخميس، والتسعير يفترض أن يستمرّ وفق الجدول الأخير حيث إن وزارة الطاقة لم تحدد أسعاراً جديدة، والشركات المستوردة لم تسلم البضاعة، وكذلك منشآت النفط في طرابلس والزهراني التي أعلنت إلغاء حصص التوزيع للموزعين إلى حين صدور جدول تركيب الأسعار الجديد وذلك بعد قرار مصرف لبنان رفع الدعم كلياً عن المحروقات".

تؤكد أوساط سلامة على أن جميع المعنيين يعرفون أن البنك المركزي لن يستمرّ في سياسة الدعم التي تذهب هدراً لصالح التهريب والتخزين والقرار لم يكن مفاجئاً أو صادماً لهم عكس ما يدّعون

ووفق عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البركس فإن العوامل الأساسية التي يبنى عليها لتحديد الأسعار، هي سعر برميل النفط عالمياً، وسعر صرف الدولار، والضريبة على القيمة المضافة القابلة للتعديل ورسوم وضرائب ثابتة، متوقعاً أن يصل سعر صفيحة البنزين إلى 362 ألف ليرة والمازوت بحدود 300 ألف ليرة.

من جهته، يقول الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف، سمير حمود، لـ"العربي الجديد" أن "ثلاثة أبعاد وراء خطوة مصرف لبنان، تجفيف العملة اللبنانية في السوق وإبقاء بيع السعر الأساسي بالليرة، استمرار استيراد الأساسيات وتأمين دولار الاستيراد من الاحتياط لكن مقابل سعر مواز بالليرة، إدارة الاحتياط بالعملات لضمان تقطيع المراحل من انتخابات نيابية إلى رئاسية إلى انتهاء فترة الحاكمية على أمل التوصل إلى حلول سياسية مريحة".

وتساءل حمود: "لكن وحتى إذا تم رفع الدعم يبقى من سيبيع الدولار للاستيراد؟ إذا كان مصرف لبنان فيبقى النزيف في الاحتياط ولو بوتيرة أقل لانخفاض الاستهلاك بسبب ارتفاع الأسعار وتتضاعف نسبة التضخم"، مشدداً على أن "الحل هو أن يتم شراء الدولار من السوق، ولو أن هذا الأمر لن يقبل به السياسيون لأنه سيتسبب في نقمة شعبية، لكنهم سيصلون إليه ولو بعد حين.. وإلى أن نستنزف الاحتياط تبقى الأمور بين مد وجزر".

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، لـ"العربي الجديد" إن "مصرف لبنان يمكنه استخدام الاحتياطي الإلزامي إذا أعطي الإذن بذلك، أي من خلال مشروع قانون يقرّ في مجلس النواب، فهو يمثل الأملاك الخاصة للمواطنين ولا يمكن التصرف بها، حتى ولو في إطار قانون يصبح جائراً بهذه الحالة كونه يجيز سلب الناس أموالها".

ويلفت حبيقة، إلى أن "البلد لا يمكنه أن يستمر في سياسة الدعم الخاطئة منذ زمن طويل، أما الإخراج فهو موضوعٌ آخر، والمسؤولون يحاولون إيجاد الإخراج الأقل صدمة للمواطنين"، مشيراً إلى أن أحد أبرز أسباب عدم تشكيل الحكومة قد يكون مرتبطا بهذا الملف، إذ لا يريد رئيس الحكومة الجديدة أن يتحمّل ضربة رفع الدعم وانعكاساتها الكارثية على مختلف المستويات".

المساهمون