أزمة وقود حادة تضرب عدداً من محافظات العراق

أزمة وقود حادة تضرب عدداً من محافظات العراق

23 يونيو 2022
أزمة طوابير المحروقات تتجدد (Getty)
+ الخط -

تشهد العاصمة بغداد وعدد من المحافظات العراقية، منذ عدة أيام، أزمة وقود حادة أدت إلى خلق ازدحام كبير أمام محطات الوقود، واضطر المواطنون للوقوف ساعات طويلة للتزود بمادة البنزين، فضلا عن إغلاق مئات المحطات أبوابها أمام الناس لعدم توفر مادة البنزين.

ومن بين أكثر المناطق تأثرا بأزمة الوقود مناطق إقليم كردستان ونينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين والعاصمة بغداد والأنبار وذي قار.

وبالرغم من محاولة بعض المسؤولين نفي حدوث أزمة في الوقود أو التخفيف منها، إلا أن لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في مجلس النواب العراقي كشفت النقاب حول حقيقة ما يحدث، وأقرت بوجود أزمة بنزين ناتجة عن زيادة الطلب وقلة عدد المحطات والإنتاج المحلي، بينما استنفرت وزارة النفط جميع طاقاتها وفرقها التفتيشية لمتابعة ومراقبة عمليات نقل وتجهيز الوقود للمحطات وألزمتها باستمرار عملها 24 ساعة في اليوم لتجهيز المركبات.

وقال عضو اللجنة صباح صبحي، في تصريح صحافي، إن "لجنة النفط والغاز النيابية تتابع أزمة الوقود بالتواصل مع الكادر المتقدم في وزارة النفط ومدير عام شركة المنتجات النفطية حسين طالب، من خلال استضافة الأخير لمتابعة تجهيز المحطات بمادة البنزين والمولدات الأهلية بمادة الكاز".

وأوضح أن "هناك تقصيراً من وزارة النفط في عدد من القضايا أهمها أزمة الوقود، وعدم الاعتراف بالأزمة مشكلة بحد ذاته"، مشدداً على ضرورة "وضع آلية حقيقية لتوزيع المنتجات النفطية على المحافظات ومحطات الوقود".

وأشار صبحي إلى أن "سبب أزمة الوقود في المحطات يعود لكثرة عدد السيارات في البلاد من دون أي تحديد للسيارات المستوردة، فضلا عن أن محطات التجهيز لا تتناسب مع عدد السيارات الموجودة، بالإضافة إلى افتعال أزمة من قبل بعض المحطات التي عملت على رفع أسعار البنزين".

طوابير طويلة

ويمكن بسهولة رصد الأزمة من خلال طوابير السيارات قرب محطات الوقود في محافظات ومدن مختلفة، ووقوف أصحاب المركبات أوقاتاً طويلة تصل إلى 4 ساعات أملا بتزويد سياراتهم بالوقود، فضلا عن إغلاق عشرات المحطات أبوابها أمام الناس بسبب عدم توفر الوقود.

ونشرت وسائل إعلام وناشطون عراقيون صورا لطوابير طويلة من السيارات عند محطات الوقود.

وقال المواطن علي الجبوري إن "العراق الذي يعتبر من أكبر البلدان الغنية بالنفط في العالم يعاني اليوم من أزمة كبيرة في الوقود"، لافتاً إلى أن الأزمة أخذت تتصاعد يوماً بعد آخر من دون أي حلول تذكر من قبل الحكومة العراقية والجهات المعنية".

وأضاف، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن أعداداً كبيرة من محطات الوقود، وخصوصاً الأهلية، أغلقت أبوابها، في حين خفضت محطات أخرى أوقات الدوام نتيجة عدم توفر الوقود كما في السابق، بحسب ما يدعي أصحاب هذه المحطات، وفقاً للجبوري"، متهما جهات متنفذه بتهريب وقود البنزين وبيعها في السوق السوداء أو تهريبها إلى إقليم كردستان أو إلى خارج العراق.

وأشار الجبوري إلى أن مشاهد عبوات الوقود البلاستيكية أصبحت منتشرة في كثير من محافظات العراق، معيدة إلى أذهان العراقيين صور المعاناة في سنوات ما بعد 2003، حيث كان العراقيون يضطرون إلى المبيت قرب محطات الوقود أملا بالحصول على 40 إلى 50 ليتراً من البنزين".

من جهته، قال مدير محطة السلام في محافظة كركوك ناجي العبيدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن" أزمة الوقود في العراق هي أزمة مفتعلة من قبل جهات متنفذه وأحزاب سياسية مسيطرة على خيرات العراق"، مشيراً إلى أن" المتضرر الأكبر من هذه الأزمة هو المواطنون وبعض أصحاب محطات الوقود".

وأضاف أن "90% من المحطات الأهلية تابعة لأحزاب وجهات متنفذه تقوم بتهريب وقود البنزين إلى إقليم كردستان، الذي تعاني مناطقه أيضا من أزمة كبيرة في الوقود منذ أشهر".

سوء الإدارة

بدورها، قالت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "أزمة الوقود ليست بمعزل عن الأزمات الأخرى التي يعيشها العراق، والتي تتعلق بسوء الإدارة الاقتصادية أو غيابها تماماً"، مبينة أن العراق يصدر كميات كبير من المشتقات النفطية، لكنه في الوقت نفسه يهدر كميات أكبر مثل حرق الغاز والتفريط بثروة الزفت الموجودة في العراق، فضلا عن ثروات أخرى".

وأضافت أن "الحكومة هي المسؤولة عن عمليات إنتاج النفط وتسويقه وعمليات تصديره، لذلك فهي المسؤول الأول عن أزمة الوقود التي يعيشها العراقيون في هذه الأوقات العصيبة، التي تفاقمت مع ارتفاع درجات الحرارة وانعدام التيار الكهربائي بشكل شبه تام".

وأشارت سميسم إلى أن "شحة الوقود في بلد مثل العراق تختلف كثيراً عن أزمات الوقود في البلدان الأخرى، لأنه من البلدان الغنية بالنفط".

ولفتت إلى أن "أزمة الوقود الحالية مؤشر واضح على استشراء الفساد داخل مؤسسات الدولة، فضلا عن قيام جهات متنفذة بتهريب وقود البنزين إلى دول أخرى إضافة إلى عمليات البيع في الأسواق السوداء".

المساهمون