أزمة الوقود تقتل اللبنانيين: لا استشفاء ولا طعام

أزمة الوقود تقتل اللبنانيين: لا استشفاء ولا طعام

18 اغسطس 2021
تكدّس السيارات أمام إحدى محطات الوقود (حسين بيضون)
+ الخط -

فوضى عارمة يشهدها لبنان تعكس صورتها طوابير المعاناة أمام محطات الوقود التي تسجل أرقاماً قياسية كل يومٍ في ظلّ انسداد أفق الحلول وغياب المعنيين بالكامل واستمرار الصراع الحادّ على خطّ أعلى الهرم رئيس الجمهورية ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يصر على قراره رفع الدعم عن المحروقات.

وعلى وقع انخفاض ملحوظ لسعر صرف الدولار في السوق السوداء وصل إلى 18 ألف ليرة لبنانية، لم تتأثر غالبية الأسعار التي ما تزال تحلق عالياً تماماً كالأزمات التي تتفاقم حدتها، خصوصاً المحروقات التي باتت تشكل خطورة على حياة المواطنين مع ارتفاع نسبة الإشكالات الأمنية على المحطات وما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى، عدا عن انفجار صهريج وقود في بلدة التليل في عكار شمالي لبنان، الأحد الماضي، والذي أسفر عن سقوط ما يزيد عن 27 ضحية وأكثر من 79 جريحاً حال بعضهم حرجة والحروق بليغة.

يقول رامز، وهو مواطنٌ يعمل في ورش باطون (إسمنت) لـ"العربي الجديد"، أثناء انتظار دوره لملء خزان سيارته بالوقود، إن "لبنان بات وطناً غير صالحٍ للعيش، لا بنزين، لا مازوت، لا دواء، لا استشفاء، لا خبز ولا طعام، ولا مياه، ولا كهرباء ولا خدمات تعدّ من أبسط مقومات العيش في الدول التي تحترم نفسها، وطبعاً لا مال ولا قدرة شرائية باتت معدومة أصلاً بفعل الغلاء الفاحش".

تستمرّ الخطة الأمنية التي ينفذها الجيش اللبناني لمداهمات المستودعات التي تخزن المحروقات ومحطات الوقود التي تقفل أبوابها بوجه المواطنين رغم توفر مادة البنزين لديه

ويضيف رامز: "أصبحنا تحت رحمة سياسيين فاسدين يستمرون في نهبنا وقتلنا وتجويعنا، فيما يتحكم بحياتنا أيضاً تجار ومحتكرون ومهربون مدعومون بغطاء سياسي وطائفي ولا حول ولا قوّة لنا حتى للهجرة، إلى أن أتى انفجار عكار ليشكل ضربة معنوية قاضية لنا، وللأسف راح ضحيته أشخاص توافدوا للحصول على البنزين الذي عمد الجيش إلى توزيعه للناس ولو بزجاجة ماء أو غالون، وإذ بهم يفجَّرون، وهو حال من يقتلون ويصابون في الإشكالات المتكررة التي تحدث على المحطات بسبب أزمة الوقود وانقطاع المازوت".

وتستمرّ الخطة الأمنية التي ينفذها الجيش اللبناني لمداهمات المستودعات التي تخزن المحروقات ومحطات الوقود التي تقفل أبوابها بوجه المواطنين رغم توفر مادة البنزين لديها، والتي يتبعها أيضاً توزيع للكميات المصادرة على الناس وبعض القطاعات من مستشفيات وبلديات وغيرها.

وعمل الجيش اللبناني، الاثنين الماضي، على توزيع 4 آلاف ليتر من احتياط الجيش من المحروقات على مئتين وأربعين صياداً في منطقة العبدة شمالاً استناداً إلى لوائح اسمية تمّ إعدادها.

وقال مصدر قيادي في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد" إن أرقاماً رسمية ستصدر تباعاً بنتائج المداهمات والمصادرات والمحطات التي جرى إلزامها بالفتح.

وأشار إلى أن "الكميات المصادرة من البنزين والمازوت والمضبوطات يصار إلى توزيعها تبعاً للحاجة فأحياناً يوزع على المواطنين من دون أي بدلٍ ماديٍّ، إذ يتوافدون للحصول على البنزين ولو بقطرةٍ واحدة، وكذلك يوزع على بلديات وجزء يذهب إلى شركة كهرباء زحلة في البقاع وطبعاً المستشفيات".

من جهة ثانية، أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان، الأحد الماضي، أنه عند الساعة الثامنة مساءً حصل انقطاع عام للكهرباء عن كافة الأراضي اللبنانية بسبب انخفاض الذبذبة إلى مستوى متدنٍ بشكل مفاجئ يرجح أن يكون السبب هو التجاوزات الحاصلة في محطات التحويل الرئيسية الخارجة عن سيطرة المؤسسة بسبب التعديات الحاصلة من قبل المواطنين.

وناشدت المؤسسة القوى الأمنية استعادة السيطرة على المحطات وإلا سيكون هناك صعوبة بالغة في إعادة الكهرباء إلى كافة المناطق.

عانت زحلة من عتمة غير مسبوقة بفعل الانقطاع الكامل للكهرباء من مؤسسة الكهرباء على جميع الأراضي اللبنانية ومع استمرار أزمة المازوت من دون أي بوادر حلّ جدي للأزمة

وكذلك، عانت زحلة من عتمة غير مسبوقة بفعل الانقطاع الكامل للكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان على جميع الأراضي اللبنانية ومع استمرار أزمة المازوت من دون أي بوادر حلّ جدي للأزمة، بينما كانت زحلة تتميز بكهرباء على مدار الساعة دون انقطاع في السابق.

وقالت شركة كهرباء زحلة "سنستكمل التغذية حسب كميات المازوت المتاحة لأطول فترة ممكنة ولن نستطيع التزام برنامج تقنين محدد وسوف نغذي المناطق مداورة بالقدرة الممكنة".

بدورها، أعلنت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، في بيان يوم الاثنين الماضي، أن توقف محطاتها الرئيسية عن ضخ المياه عائد إلى قطع خط الخدمات العامة الكهربائي بالكامل عنها وهذه المحطات التي تتغذى بالكهرباء بواسطة خط خدمات من مؤسسة كهرباء لبنان حالها كحال باقي المستفيدين من مواطنين ومؤسسات عامة فوجئت بانقطاعه مما أدى إلى توقف محطات الإنتاج والتوزيع عن العمل.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويسود الترقب أزمة المحروقات في مقابل صدور مواقف عن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي قال، الأحد الماضي: "سنأتي قطعاً بالمازوت والبنزين من إيران وفي هذين اليومين أبلغكم متى".

من جانب آخر، تستمر أزمة الخبز في لبنان لتتفاقم مع إقفال العدد الأكبر من الأفران والمخابز والمطاحن ما يجعل المواطنون عاجزين عن شراء الخبز الأبيض، علماً أنّ الكميات المتوفرة في السوق إن وجدت يصار إلى بيعها بسعرٍ أعلى من المحدد رسمياً من جانب وزارة الاقتصاد.

وأكد نقيب أصحاب الأفران في شمال لبنان طارق المير المضي بالإقفال في طرابلس والجواء مع فقدان مادة المازوت بشكلٍ نهائي، محمّلاً وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة مسؤولية ما يحصل.

دفعت أزمة المازوت والعتمة الشاملة بالكثير من المحال التجارية والمنتجعات السياحية والمطاعم والفنادق إلى الإقفال

ودفعت أزمة المازوت والعتمة الشاملة بالكثير من المحال التجارية والمنتجعات السياحية والمطاعم والفنادق إلى الإقفال عدا عن المؤسسات التي إما طلبت من موظفيها العمل من المنزل أو اعتمدت إجراءات تقنين حادة.

كذلك عمدت متاجر إلى الإقفال ومنها ما فضل إبقاء أبوابه مفتوحة لكنها في المقابل لم تعد تبيع الأجبان والألبان التي من شأنها أن تصبح غير صالحة للطعام مع إطفاء البرادات وغيرها من المواد التي تتطلب التبريد.

وكذلك فعلت بعض المستشفيات التي أطفأت المكيفات عن الأقسام الإدارية والعائدة للموظفين واتخذت إجراءات تقنينية حادة لعدم المسّ بغرف المرضى رغم أن عدداً من المستشفيات بدأ يفتح النوافذ في هذه الغرف في خطوة تحمل الكثير من المخاطر على صحة المرضى.

كذلك عمد البعض إلى التوقف عن تقديم اللحوم والدجاج تخوفاً من أن تكون غير مبردة وفق الأصول عند نقلها من قبل شركات التوزيع وذلك تفادياً لأن تحمل أي مضاعفات على صحة المريض.

المساهمون