أردوغان يضع حجر الأساس لإطلاق مشروع "قناة إسطنبول"

أردوغان يضع حجر الأساس لإطلاق مشروع "قناة إسطنبول"

26 يونيو 2021
أردوغان: "قناة إسطنبول" مشروع لإنقاذ مستقبل إسطنبول (مراد كولا/الأناضول)
+ الخط -

بعد 10 سنوات على إعلان المشروع في إبريل/نيسان عام 2011، وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، حجر الأساس لأول جسور مشروع لـ"قناة إسطنبول"، مؤكداً أنّ المشروع "لإنقاذ مستقبل المدينة" والمحافظة على نسيجها الاجتماعي.

وأضاف الرئيس التركي "نرى أن قناة إسطنبول مشروع لإنقاذ مستقبل إسطنبول". وأعرب عن اعتقاده بأنّ التجمعات السكنية المخططة إقامتها على ضفتي القناة، بسعة إجمالية تبلغ 500 ألف نسمة، ستزيل الضغط عن مركز إسطنبول. وقال إنه لا يمكن إغلاق مضيق البوسفور أمام عبور السفن، ولكن تم طرح فكرة شق قناة جديدة لضبط حركة المرور المتزايدة.

وزاد عدد السفن وحمولاتها من مضيق البوسفور سنوياً من 3 آلاف في ثلاثينيات القرن العشرين إلى 45 ألفاً اليوم. وقد وعد أردوغان، خلال  المراسم التي أقيمت في منطقة سد سازلي دره بالشطر الأوروبي من إسطنبول، أنّ الهدف إنجاز "قناة إسطنبول" في غضون 6 سنوات، بتكلفة تقارب 15 مليار دولار.

وستصل القناة بين بحر مرمرة والبحر الأسود بالشطر الأوروبي من إسطنبول، ويبلغ طولها 45 كيلومتراً، وعمقها 20,75 متراً، وعرض قاعدتها 275 متراً على الأقل، وتربط القناة البحر الأسود ببحر مرمرة، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين جاعلة من الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرةً وسط قارتي آسيا وأوروبا.

ويقول وزير النقل والبنى التحتية عادل قره إسماعيل أوغلو إنّ "قناة إسطنبول أكثر أماناً 13 مرة من مضيق البوسفور من حيث السلامة الملاحية، بحسب تجارب المحاكاة التي أجريناها".

وكان الوزير التركي قد أعلن سابقاً، خلال ردّه على بيان أصدره 103 ضباط بحرية أتراك اعترضوا على شق القناة، عن مواصلة التحضيرات لطرح مناقصة إنشاء "قناة إسطنبول" المائية واعتبر أنّ القناة أحد أكبر المشاريع حول العالم و"تمثل رؤية تركيا" من دون أن يحدد موعد المناقصة.

ويرى مراقبون أنّ تدشين الجسر الأول، من ستة جسور للقناة، يعتبر رفضاً من الحكومة التركية للاعتراضات السابقة، سواء التي عبر عنها الضباط خلال بيان أو التي أعلنتها أحزاب المعارضة معتبرة أنّ القناة "خروج على اتفاقية مونترو".

وتنص اتفاقية مونترو التي تم توقيعها في 20 يوليو/تموز في قصر مونترو بسويسرا عام 1936، وبدأ سريانها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه وسجيلت في عصبة الأمم في ديسمبر/كانون الأول من ذات العام، على إعطاء تركيا حق السيطرة على المضائق على أراضيها (البوسفور والدردنيل)، وتنظيم عبور السفن المدنية بأوقات السلم والحرب، وتقييد مرور السفن التي لا تنتمي إلى البحر الأسود ومنع مرور السفن الحربية؛ أي السماح للسفن، المدنية والحربية التابعة للدول المطلة على البحر الأسود، بحرية المرور والوجود في حوض البحر الأسود، أما السفن التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود، فيُسمح لها بالوجود مدة 3 أسابيع. وتتحمل تركيا المسؤولية المباشرة عن مرور السفن الأجنبية عبر حوض البحر الأسود.

صالحة: مشروع القناة ضرورة وحاجة لتركيا وسيساهم بتخفيف العبء عن مضيق البوسفور

ويرى المحلل سمير صالحة أنّ مشروع القناة ضرورة وحاجة لتركيا، وسيساهم بتخفيف العبء عن مضيق البوسفور، "لأنه مشروع إنمائي استراتيجي، إضافة لكونه اقتصادياً واستثمارياً تجارياً".

ويعتبر صالحة، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ حجة معارضي المشروع "ضعيفة وتندرج ضمن الاحتجاج السياسي"، ولا بد، وفق رأيه، من التمييز بين أهمية الممرات واتفاقية مونترو، مشيراً إلى أنّ السلطات التركية "لم تستطع عام 1936 من الوصول إلى اتفاقية تعطيها الكثير من الثقل والوزن الاستراتيجي الإقليمي".

ويلفت إلى أنّ "مشروع القناة سيقدم لتركيا الكثير في المجالين الاقتصادي والإنمائي الاستراتيجي، لأنّ الممرات المائية الحالية (البوسفور والدردنيل) لا توفر لتركيا العائد المالي كما هو الحال مع قنوات دول أخرى كقناتي بنما والسويس، بل بالعكس، خلال الأعوام الأخيرة، كان يوجد ضغط وكثافة مرور السفن وزيادة الطلب الدولي على الممرات المائية التركية، وهذا يزيد من التفكير بتسريع إنجاز المشروع الاستراتيجي".

ويضيف صالحة أنه "من حق المعارضة أن تقول ما عندها حول مشروع القناة، وتبرر أنّ هذا المشروع قد يؤثر على البيئة والجغرافيا المحيطة بالقناة، لكن الحكومة التركية، وعبر وزارات ومؤسسات عدة، قدمت التقارير العلمية الموثقة التي تقول العكس، وسبق أن شاهدنا بالأعوام المنصرمة، خلال إنشاء مطار إسطنبول الثالث، نفس الاعتراضات، وعائدات المطار وتبوؤه مراكز عالمية دليل على عدم صحة رأي المعارضة".

وحول ما يقال حول خرق بنود اتفاقية مونترو، يوضح صالحة أنّ "المضائق التركية هي تحت السيادة التركية وهي خارج النقاش، لكن البعض يحاول افتعال أزمات لا مبرر له لأنها داخل الاراضي التركية وتحت السيادة الوطنية"، وفق قوله.

إلا أنّ المحلل التركي جيواد غوك يلفت، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مخاطر القناة التي استدعت معارضة المشروع تتأتى من أنه فضلاً عن تقليل المساحة الخضراء عبر قطع الأشجار، سيخل المشروع بتماسك التربة ويلحق الضرر بمخزون المياه الجوفية، فضلاً عن أنّ القناة ستساهم بزيادة سكان إسطنبول بأكثر من مليون نسمة، وتزيد من التلوث واستنزاف الموارد بالمدينة".

وأما السبب الثاني، برأي المحلل التركي، فهو أنّ بلاده "تعاني من ديون وضائقة اقتصادية، وبدل إنفاق 25 مليار دولار على القناة التي ستعود بالمخاطر البيئية، يمكن افتتاح العديد من المنشآت والمصانع التي تساهم بتقليل البطالة وتحرك الاقتصاد التركي الراكد". 

أما السبب الثالث، فيأتي من أنّ القناة، وقبل إعلان المناقصة عليها، تحولت إلى مشروع ربحي، فسعر متر الأراضي المحيطة بالقناة ارتفع من 6.5 إلى 184 دولاراً في قرية شاملار، وفي مناطق أخرى وصل سعر المتر المربع إلى 800 دولار، من أصل 25 دولاراً.

غوك: بدل إنفاق 25 مليار دولار على القناة التي ستعود بالمخاطر البيئية، يمكن افتتاح العديد من المنشآت والمصانع التي تساهم بتقليل البطالة

و"قناة إسطنبول" هي مجرى مائي أعلن عنه الرئيس أردوغان منذ عام 2011، عندما كان رئيس وزراء، ليضاف إلى المشروعات العملاقة التي كان من المتوقع أن تدشن خلال مئوية تأسيس الدولة عام 2023، قبل أن يمتد إنشاؤها إلى 2027 بحسب تصريح الرئيس التركي اليوم.

وبحسب مصادر متطابقة، تبلغ كلفة مشروع قناة إسطنبول، التي يتوقع خبراء طرحه للمناقصة قريباً على مبدأ "بي أو تي"، نحو 25 مليار دولار بواقع 15 ملياراً لشق القناة، و10 مليارات دولار للإنشاءات المجاورة له.

وتشير تقديرات تركية إلى أنّ قناة إسطنبول المائية ستجذب السفن والناقلات العملاقة، وستحول مضيق البوسفور إلى خط ثانوي للتجارة البحرية مقارنة بالقناة الجديدة، متوقعة أنّ عائدات القناة ستدرّ على تركيا نحو 8 مليارات دولار سنوياً، وتساهم في تعويضها عن 10 مليارات حُرمت منها بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور وفق اتفاقية مونترو.

المساهمون