جيري غرينفيلد.. الاستقالة من شركته بعد 47 عاماً احتراماً لموقفه ضد الإبادة في غزة
استمع إلى الملخص
- "بن آند جيريز" معروفة بدعمها للعدالة والحريات، وواجهت ضغوطًا من "يونيليفر" لتقليص استقلاليتها، مما أدى إلى دعاوى قضائية.
- بن كوهين دعم غرينفيلد، مؤكدًا على أهمية استقلال الشركة في الدفاع عن القيم الإنسانية، ويظل إرث الشركة مرتبطًا بالعدالة الاجتماعية.
يمثل رجل الأعمال الأميركي، جيري غرينفيلد، المؤسس المشارك لشركة "بن آند جيريز" (علامة الآيس كريم الشهيرة عالمياً) حالة خاصة في عالم الأثرياء الأميركيين، الذي اختار التعبير علناً عن انحيازاته إلى الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية، حتى لو كانت ستكلفه التخلي عن شركته التي أسسها وقضى حياته في توسيع علامتها التجارية عالمياً. قرر غرينفيلد هذا الأسبوع الاستقالة من الشركة الأميركية المقر، متهماً الشركة الأم "يونيليفر"، ومقرها بريطانيا، بمحاولة "إخراسه ومنعه من التعبير عن آرائه العلنية المنحازة إلى حقوق الفلسطينيين في غزة".
منذ نحو 47 عاماً، بدأ غرينفيلد مع بن كوهين، إنشاء شركة صغيرة في عالم الآيس كريم في ولاية فيرمونت بالولايات المتحدة. نمت الشركة بفضل جهودهما، وفي عام 2000 اشترتها الشركة العالمية يونيليفر مقابل 326 مليون دولار، والتي وافقت آنذاك على طلبهما بالسماح للشركة بالاحتفاظ بمجلس إدارة مستقل للإشراف على العلامة التجارية. تقول صحيفة نيويورك تايمز، كان "الهدف من هذا الترتيب غير المعتاد منح المؤسسين السيطرة على الرغم من بيع الشركة، كما سُمح للشركة بوضع "حواجز أمان" حول نشاطها الاجتماعي".
اختارت شركة "بن آند جيريز" التي تحمل الاسم الأول لمؤسسيها، منذ البداية الانخراط في قضايا العدالة والحريات، غير أن انخراطهما في الدفاع عن حقوق المدنيين في غزة، زاد من حجم الضغوط عليهما من قبل الشركة المالية الحالية، مما دفع غرينفيلد للتنحي تاركاً وراءه قصة نجاح وإرثاً إنسانياً، والانحياز إلى الإنسانية على حساب المصالح التي تسيطر على عالم الأعمال الأميركي.
في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، شارك بن كوهين رسالة استقالة شريكه، التي كتب فيها أنه قرّر بـ"قلب مكسور" و"ضمير مرتاح"، أنه لم يعد قادراً على البقاء في الشركة التي أسسها، وأنه "لم يكن الدفاع عن قيم العدالة والمساواة وإنسانيتنا المشتركة أكثر أهمية من أي وقت مضى"، مضيفاً أن "بن آند جيريز قد جرى إسكاتها وتهميشها خوفاً من إزعاج أصحاب السلطة". وشرح كيف أن "استقلال الشركة في سبيل القيم هو ما جعلها على مدار السنوات الماضية أكثر من مجرد شركة آيس كريم".
كتب المؤسس الآخر بن كوهين في منشور على صفحته على منصة إكس، مستخدماً هاشتاغ حرروا بن آند جيريز: "بعد 47 عاماً اتخذ جيري القرار الأصعب بالتنحي عن الشركة التي بنيناها معاً"، مضيفاً أن إرثه "لا يستحق أن يجري إسكاته". بن كوهين نفسه معروف عنه دعمه للقضايا المجتمعية، وعلى صفحته على إكس يُثبت فيديو وهو يقاطع جلسة في مجلس الشيوخ الأميركي يطالب فيها بوقف قتل الأطفال في غزة، ويجري القبض عليه من قبل شرطة الكونغرس".
دائماً ما اتخذ مؤسسا الشركة مواقف سياسية منحازة إلى حقوق الفلسطينيين، ففي عام 2021، أعلنت الشركة أنها ستتوقف عن بيع الآيس كريم في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وذكرت أن "البيع في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتعارض مع قيمنا"، مما اضطر الشركة الأم إلى بيع مصالحها التجارية هناك إلى شركة محلية كانت تمتلك ترخيص بيع الآيس كريم. وسبق أن رفعت شركة "بن آند جيريز" العام الماضي، دعوى قضائية ضد الشركة الأم متهمة إياها بمحاولة تفكيك مجلس الإدارة المستقل، ومنعه من الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وجادلت يونيليفر برفض هذه الادعاءات.
كما اتهمت شركة "بن آند جيريز" منذ أشهر، الشركة الأم بطرد الرئيس التنفيذي لها للتحدث علناً في قضايا سياسية. والأسبوع المنقضي ذكرت وكالة رويترز أن بن كوهين احتج أمام أحد الفنادق على خطط لدمج شركته في علامة جديدة داعياً لـ"استقلال الشركة"، وكتب وقتها على إنستغرام: "إذا كانت بن آند جيري ستدافع عن الأشياء المهمة، فعلينا أن نكون مستقلين"
ودّع رجل الأعمل غرينفيلد شركته التي أسسها عام 1978، وكتب في بيانه "منذ البداية آمنت أنا وبن (كوهين) أن قيمنا وسعينا لتحقيق العدالة أهم من الشركة نفسها. إذا لم تستطع الشركة الدفاع عن مبادئها فلا جدوى من وجودها أصلاً". سعى غريندفيلد طوال ما يقارب عامين على التأكيد على وقوفه بجانب الأبرياء والمدنيين في غزة، ونشرت شركته عدة بيانات صحافية طوال عام ونصف، قالت فيها الشركة إنه تقف "إلى جانب كل من يرفع صوته ضد الإبادة الجماعية في غزة، وأكد غرينفيلد رئيس مجلس الشركة أن "ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية".