أثقال الحرب: اقتصاد الأردن يترقب تعويض خسائره

11 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 03:33 (توقيت القدس)
سوق في عمّان، الأردن، 31 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني الأردن من تباطؤ اقتصادي مع تراجع النمو إلى 2.3% في الربع الأخير من 2023، متأثراً بانخفاض السياحة والتجارة والاستثمار والنقل، وارتفاع أجور الشحن البحري، مما أدى إلى فقدان وظائف وتفاقم العجز المالي.

- يتوقع الخبراء انتعاشاً تدريجياً في القطاعات الأساسية مع عودة الاستقرار السياسي، مما سيزيد الثقة في الأسواق ويخفض التضخم، مع توقعات بارتفاع النمو إلى 3% في الربع الأخير من العام و3.5% في العام المقبل.

- يتطلب التعافي الاقتصادي تعاون القطاعين العام والخاص، مع توقعات بتحسن الإيرادات وتخفيف الضغط على الميزانية، لكن يعتمد التعافي على استقرار المنطقة وقد يستغرق من 6 إلى 12 شهراً.

بعد عامين من الخسائر بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ينتظر الأردن انفراجة في اقتصاده وعودة النشاط التدريجي لمختلف القطاعات التي عانت من الظروف الإقليمية، التي ألقت بتبعات ثقيلة على الاقتصاد الأردني. وكان الأردن الأكثر تأثراً بالعدوان وتداعياته بحكم موقعه الجغرافي، إذ تراجعت معدلات النمو إلى أدنى مستوى (2.3% للربع الأخير من 2023) رغم أن التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع في تلك الفترة، وذلك انعكاساً لتراجع أداء قطاعات أساسية رافدة للنمو مثل السياحة والتجارة والاستثمار والنقل وغيرها.

ورغم الجهود الحكومية التي بُذلت لاستيعاب تلك الخسائر الناتجة عن العدوان وتداعياته، لا يزال النمو في حدود 2.7% للنصف الأول من العام الحالي. وتلخصت أهم الانعكاسات السلبية للعدوان بالنسبة للأردن في تباطؤ النمو والاستثمارات، وارتفاع أجور الشحن البحري، وتعرض السياحة لانتكاسة كبيرة بتراجع نشاطها بنسبة لا تقل عن 70% منذ العدوان، قبل أن تشهد نوعاً من التحسن التدريجي في العام الحالي، بالإضافة إلى فقدان عشرات الآلاف لوظائفهم بسبب تعثر عدد كبير من المنشآت وتوقفها عن العمل، كما تراجعت الإيرادات المحلية المتحققة من بعض الأنشطة، ما انعكس على الموازنة العامة وبقاء عجزها المالي مرتفعاً بما يتجاوز ملياري دولار بعد احتساب المنح والمساعدات الخارجية.

خسائر مرتفعة

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد" إنه من الصعب وضع تقديرات دقيقة لخسائر الأردن الاقتصادية والمالية بسبب العدوان، لكنها بالتأكيد مرتفعة جداً، وكانت الانعكاسات السلبية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي شاملة لمختلف القطاعات السياحية والتجارية والصناعية والخدمية وغيرها.

وأضاف: "مع توقف العدوان على غزة وميل المنطقة للاستقرار السياسي والعسكري، سينعكس ذلك مباشرة على دول الإقليم كافّة، بخاصة الأردن الذي عانى أكثر من غيره بسبب ذلك، إذ سيعود الانتعاش التدريجي لقطاعات أساسية مثل السياحة والتجارة والشحن الجوي والبحري، وارتفاع معدلات النمو خلال الربع الأخير من العام الحالي لتصل إلى 3%". وأكد أن انحسار المخاطر السياسية سيؤدي إلى زيادة الثقة بالأسواق وتخفيض عوامل المخاطر وتهدئة التضخم، ما ينعكس على نشاط التجزئة والائتمان الاستهلاكي والاستثماري.

وتحسن التجارة والنقل واللوجستيات سيسهل الحركة عبر الأردن، وسيؤدي إلى تخفيض تعطل الشحن البري والبحري والجوي، وسيعود نشاط المؤتمرات والمعارض الاقتصادية والنشاطات الإقليمية وغيرها، وتنشيط مختلف المناطق، كما سيرتفع الإنفاق التنموي والأسري بكل تأكيد، وسيؤدي إلى تحسن النمو المتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 3% والعام المقبل إلى 3.5%.

الخبير الاقتصادي منير أبو دية قال من جانبه لـ"العربي الجديد" إنّ مرحلة ما بعد الحرب والعدوان تعني أنّ المنطقة مقبلة على انتعاش اقتصادي وزيادة في النمو وتدفقات استثمارية مباشرة على المنطقة ككل، وأضاف أن الحرب أثرت على قطاعات أساسية مثل الدخل السياحي والنقل الجوي والبري والصناعة والتجارة والاستثمارات وغيرها.

وقال الخبير أبو دية إنّ المرحلة تحتاج من القطاعَين العام والخاص تشاركية في صناعة القرار ليكون للأردن دور محوري في عمليات إدخال المساعدات والإعمار ومرحلة الاستقرار الاقتصادي، وبدون وجود مظلة واحدة لدخول أسواق المنطقة وجذب الاستثمارات والمشاركة في إعادة الإعمار سواء في غزة أو سورية، والتي تحتاج إلى أموال ضخمة وتوافق على الدور المقبل، وأهمية وجود الأردن بقوة في مرحلة ما بعد الحرب، وهو يمتلك العديد من المقومات لذلك.

القطاعات الأكثر تأثراً

وكان مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية (مؤسّسة مجتمع مدني مستقلة) قد قال إنّ قطاعات اقتصادية أردنية تأثرت أنشطتها بسبب العدوان بنسبة لا تقل عن 60%، وتحملت المزيد من الخسائر، ما قد يدفع الكثير من المنشآت إلى التوقف عن العمل، أو على الأقل تخفيض طاقاتها الإنتاجية وتسريح العاملين لديها أو إعطائهم إجازات بدون أجور في انتظار التطورات المقبلة. وبيّن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية في تقرير له أن الاقتصاد الأردني يعتمد أساساً على قطاعات عدّة، منها الخدمات والتجارة والسياحة والمطاعم والنقل. ومنذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة تأثرت قطاعات واسعة، وكان قطاعات السياحة والخدمات الأكثر تأثراً، ما تسبب في تداعيات كبيرة على الاقتصاد الأردني وسوق العمل.

وحسب التقرير، فإنّ الأردن من الدول التي تعتمد على الاستيراد، ما زاد من التأثيرات السلبية عليه. وقال الخبير الاقتصادي هاشم عقل لـ"العربي الجديد" إنه ومع إعلان وقف إطلاق النار الأولي في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، تتجه الأنظار في الأردن نحو الآثار الاقتصادية المتوقعة لهذا التطور. وأضاف أن الحرب، التي اندلعت في أكتوبر 2023، ألقت بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الأردني، متسبّبة في تراجع حاد في السياحة، والتجارة، والاستثمارات الأجنبية. والآن، مع بداية مرحلة جديدة من الهدوء، يترقب الأردنيون فرصة للتعافي الاقتصادي، إلى جانب استقرار أسعار النفط العالمية التي تؤثر مباشرةً على ميزانية المملكة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف أنه وخلال عامين من الصراع، عانى الأردن من تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة. القطاع السياحي، الذي يشكل نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، شهد انخفاضاً بنسبة 30-50% في أعداد الزوار، خاصة في مواقع مثل البتراء والبحر الميت، إذ تراجعت الحجوزات بنسبة 70% في بعض الفترات، كما تأثرت التجارة الإقليمية، ما قلص من تدفقات السلع والخدمات. الاستثمارات الأجنبية، التي كانت تُعد رافداً أساسياً للاقتصاد، تراجعت بسبب التوترات الأمنية، ما زاد من الضغط على الدين العام الذي بلغ 90% من الناتج المحلي.

وأدت الحرب إلى خفض نمو الاقتصاد الأردني من 2.5% إلى 1.8% في عام 2024، كما ارتفع خطر الفقر ليطاول ما بين 100,000 إلى 230,000 شخص بسبب فقدان فرص العمل في قطاعات مثل السياحة والنقل. الحكومة الأردنية، التي خصصت نحو 25% من ميزانيتها لدعم اللاجئين والخدمات الإنسانية، واجهت تحديات مالية كبيرة مع ارتفاع التضخم وتكاليف الطاقة.

آفاق التعافي بعد وقف الحرب

وقال الخبير عقل إنه ومع إعلان وقف إطلاق النار، من المتوقع أن يشهد الأردن تعافياً تدريجياً خلال الأشهر المقبلة، وأن يعود السياح الأوروبيون والعرب تدريجياً، ما قد يرفع إيرادات القطاع بنسبة 20-40% في عام 2026.

ورجح أن تعزّز عودة الاستقرار التجارة مع الأسواق الإقليمية، خاصة في قطاعات الزراعة والطاقة، ومشاريع مثل استيراد الغاز وتطوير البنية التحتية للمياه قد تشهد زخماً جديداً، ما يدعم نمو الناتج المحلي بنسبة إضافية تصل إلى 1-2%. وعلى الجانب المالي، سيخفّف انخفاض الإنفاق على الدعم الإنساني من الضغط على الميزانية، ما يتيح للحكومة توجيه الموارد نحو مشاريع تنموية. ومع ذلك، فإنّ التعافي قد يستغرق 6-12 شهراً، ويعتمد كثيراً على استقرار المنطقة، بما في ذلك لبنان وسورية.

المساهمون