استمع إلى الملخص
- يعود ارتفاع الأسعار إلى تقلبات سعر صرف الليرة التركية، وارتفاع تكاليف النقل، واضطرابات سلاسل التوريد، وتراجع الإنتاج الزراعي، مما يضطر العائلات إلى تقليص مشترياتها.
- يوضح الخبير الاقتصادي خالد المعراتي أن غياب الاستقرار الاقتصادي والأمني يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ويؤكد على ضرورة دعم الاقتصاد المحلي وتحفيز الإنتاج الزراعي والصناعي لضبط الأسواق.
تشهد محافظة إدلب شمال غربي سورية ارتفاع الأسعار عموماً، ولا سيما المواد الغذائية الأساسية، ما زاد من معاناة الأهالي في ظل أوضاع اقتصادية متردية، ومع غياب مصادر الدخل الثابتة وضعف القوة الشرائية، يجد السكان أنفسهم في مواجهة يومية مع الغلاء الذي أصبح يهدد أبسط متطلبات العيش. ويبدو المشهد قاتماً في الأسواق، حركة البيع تراجعت، والبائعون يشكون من ضعف الإقبال، فيما يقف الزبائن عاجزين أمام الأسعار المتغيرة يومياً، وبينما يحاول البعض التأقلم عبر تقليل استهلاكهم أو البحث عن مصادر دخل إضافية، لا تزال الأزمة تتفاقم من دون حلول جذرية تلوح في الأفق.
ويعود ارتفاع الأسعار إلى عدة عوامل، أبرزها تقلبات سعر صرف الليرة التركية، المستخدمة في الأسواق المحلية، مقابل الدولار، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل بسبب زيادة أسعار المحروقات، كما أن اضطرابات سلاسل التوريد وتراجع الإنتاج الزراعي بسبب الأوضاع الأمنية والمناخية لعبت دورًا في تفاقم الأزمة. وفي ظل هذه الظروف، باتت العائلات تضطر إلى تقليص مشترياتها من المواد الأساسية، حيث أصبحت بعض السلع مثل اللحوم والفواكه من الكماليات التي لا تدخل موائد الكثيرين إلا نادرًا، يقول خالد طعمة، وهو رب أسرة مكونة من خمسة أفراد "كنا نشتري الخضار والخبز يوميًّا، لكن الآن نشتري بصعوبة ما يسد جوع أطفالنا لأن الأسعار تضاعفت ودخلنا لم يعد يكفي".
وأضاف أن ارتفاع الأسعار جعل الحصول على وجبة متكاملة أمرًا صعبًا الزيت والسمن أصبحا من السلع الفاخرة، بينما لا يكاد يؤمن الأساسيات، فكيلو السكر كان يباع بـ 25 ليرة تركية، واليوم وصل إلى 30 ليرة، وصندوق البيض ارتفع من 75 إلى 100 ليرة تركية، عدا عن أسعار البقوليات التي تضاعفت، ويقول " كيف يمكننا الاستمرار بهذا الوضع، بلا فرص عمل أو مصادر دخل، المعيشة أصبحت مستحيلة".
وليس الزبائن وحدهم من تأثر من ارتفاع الأسعار وإنما البائعون أيضاً، حسان دركل وهو بائع في سوق إدلب يقول "الأسعار تتغير بشكل شبه يومي، مما يسبب لنا وللزبائن مشكلات كبيرة، الزبون يسأل عن السعر اليوم، ويعود غدًا ليجده قد ارتفع، وهذا ينعكس على حركة البيع التي تراجعت كثيرًا". وتابع" كنا نحصل على البضائع بأسعار معقولة قبل أشهر، لكن الآن الأسعار تتغير بسرعة كبيرة، والموردون يرفعون الأسعار بحجة تقلبات الدولار وغلاء النقل، والزبائن باتوا يشترون أقل بكثير من السابق، الجميع يحاول تقليص نفقاته، كنت أبيع كيس السكر خلال يومين، الآن يبقى عندي أكثر من أسبوع، الناس لم تعد تشتري إلا الضروريات، وحتى هذه لا يكادون يستطيعون تحمل تكلفتها".
ويرى الخبير الاقتصادي خالد المعراتي أن المشكلة الرئيسية تكمن في غياب الاستقرار الاقتصادي والأمني، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير منتظم، وعدم ثبات السعر دفع بعض التجار إلى تخزين البضائع بدلاً من بيعها خوفًا من الخسارة، فالارتفاع المستمر في أسعار البضائع جعل من الصعب عليهم تحقيق أي ربح، في وقت يحاولون فيه تجنب خسائر أكبر، وهو أيضاً ما زاد من ندرة السلع وارتفاع أسعارها، بالتزامن مع غياب شبه تام للدعم الحكومي والتضخم المستمر.
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "إدلب تعاني اقتصاداً غير مستقر يعتمد على المساعدات والتحويلات المالية من الخارج، بالإضافة إلى غياب سياسات اقتصادية واضحة وحلول جذرية، وليس الحل فقط في تقديم المساعدات، بل يجب التركيز على دعم الاقتصاد المحلي، وتحفيز الإنتاج الزراعي والصناعي، وضبط الأسواق لمنع الاحتكار، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن معدلات الفقر ستتضاعف، وسنكون أمام كارثة إنسانية حقيقية".