آلاف العمال في قطاع النفط الإيراني يحتجون على الغلاء وتدني الرواتب

آلاف العمال في قطاع النفط الإيراني يحتجون على الغلاء وتدني الرواتب

30 يونيو 2021
منشأة نفط إيرانية
+ الخط -

يشهد قطاع النفط الإيراني المحظور أميركياً، إضرابات واحتجاجات عمالية، منذ 21 يونيو/ حزيران الجاري، تظهرها مقاطع فيديو منتشرة على شبكات التواصل، وتقارير إعلامية.

ووفق صحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية، في عددها الصادر الأحد الماضي، فإنّ الإضرابات "واسعة" وشملت آلاف العاملين في 61 شركة عاملة في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، مشيرة إلى أنّهم يحتجون على ظروف عملهم الصعبة وانعدام الأمن الوظيفي وانخفاض الرواتب والمستحقات في القطاع النفطي وعدم دفع مستحقاتهم المؤجلة.

ونشرت الصحيفة قائمة بـ61 شركة عاملة في هذه القطاعات، قالت إنّ عمالها انضموا إلى "حملة 1400" (العام الإيراني الشمسي).

وتأتي الإضرابات أو الاحتجاجات فيما يتعرض قطاع النفط الإيراني للحظر الأميركي التام منذ عام 2018، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بينما يُعد القطاع النفطي شرياناً حيوياً للاقتصاد.
وحسب ما رصدت "العربي الجديد" فإنّ شريحتين من عمال القطاع النفطي، تشاركان في الاحتجاجات، الأولى عمال المقاولات، والثانية عمال وزارة النفط. وتختلف مطالب الشريحتين، على الرغم من أنّها تشترك في كونها اقتصادية وترتبط بالمستحقات والظروف المالية.

فعمال المقاولات والعقود المؤقتة يطالبون بتحقيق الأمن الوظيفي لهم وتحسين العقود واقتصار أيام العمل الشهرية على 20 يوماً مع 10 أيام إجازة، وإنهاء المقاولات في القطاع واعتبار أنفسهم متضررين منها، وتجديد العقود وعدم تسريح العمال.

يطالب عمال المقاولات والمؤقتون بأن يكون الحدّ الأدنى لرواتبهم 12 مليون تومان أي ما يعادل 500 دولار ليتناسب مع خط الفقر في البلاد، إذ تشير السلطات إلى تحديد راتب بقيمة 10 ملايين تومان كمقياس لخط الفقر

ومالياً، يطالب عمال المقاولات والمؤقتون بأن يكون الحدّ الأدنى لرواتبهم 12 مليون تومان أي ما يعادل 500 دولار ليتناسب مع خط الفقر في البلاد، إذ تشير السلطات إلى تحديد راتب بقيمة 10 ملايين تومان كمقياس لخط الفقر. أما العمال الرسميون، فيرون أنّهم متضررون من قانون موازنة هذا العام، مطالبين بتعديله ورفع مستحقاتهم الشهرية.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه الإضرابات يرفض المتحدث باسم لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، مصطفى نخعي، وصف الاحتجاجات العمالية في القطاع النفطي بأنّها إضرابات، قائلاً إنّها "احتجاجات مطلبية نقابية".
ورغم ذلك أشار نخعي في حديث مع "العربي الجديد" إلى مشاركة العمال الرسميين في الاحتجاجات، وقال إنّ سبب ذلك يعود إلى انخفاض رواتبهم بالمقارنة مع الأعوام الماضية على خلفية إدراج مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، بنداً في الموازنة الحالية يحظر زيادة الرواتب أكثر من 15 ضعفاً من الحد الأدنى في قانون العمل، (وهو 2.5 مليون تومان ما يعادل 100 دولار).
وأضاف أنّ زيادة الرواتب بنسبة 25 في المائة، لا تشمل العمال الرسميين هذا العام، قائلاً إنّ المدفوعات لبعض هؤلاء تراجعت أحياناً بالمقارنة مع العام الماضي، "فمن الطبيعي في ظلّ ظروف عملهم الصعبة في مناطق جغرافية ومناخية صعبة، أن يكون لديهم عتاب ومطالب بتحسين رواتبهم، لكنّهم، لم يضربوا عن العمل وما قاموا به مجرد احتجاجات".
وحسب تقارير، تتوزع خريطة الشركات والمؤسسات النفطية، التي أضرب عمالها عن العمل في 7 محافظات إيرانية، لكنّ معظم الاحتجاجات هي في المناطق الجنوبية الإيرانية، وفقاً للرئيس السابق لاتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات، حسن خسروجردي، الذي أضاف لـ"العربي الجديد" أنّ "معظمها في الجنوب، وفي مناطق سُلمت فيها المشاريع لشركات المقاولات، وكذا في بارس الجنوبي وعسلوية، ومعظم المحتجين هم عمال المقاولات" علماً بأنّ جنوب إيران خصوصاً بارس الجنوبي، تستحوذ على أهم احتياطيات إيران من الغاز والنفط.
ووفق خسروجردي الذي يترأس حالياً غرفة التجارة الإيرانية - الأفريقية، فإنّ الإضرابات "ليست عادية" متهماً جهات داخلية وخارجية بتأجيجها، لكنّه يؤكد أنّ "مطالب العمال محقة ويجب تلبيتها".

وفي السياق، وجه خسروجردي أصابع الاتهام لوزارة النفط ووزيرها، قائلاً إنّه "لا يرغب بحلّ مشاكل هؤلاء العمال" مشيراً إلى أنّ "هناك من يعرقل". ودعا الخبير الإيراني إلى دفع مستحقات هؤلاء العمال "لتحلّ المشكلة سريعاً" متهماً وزارة النفط بأنّها لم تتخذ أيّ إجراء في هذا الاتجاه.
وأوضح خسروجردي أنّه "لو دُفعت مستحقات العمال لما أضربوا عن العمل، لكن عندما لا يتم ذلك تحدث المشكلة ويضربون عن العمل" مؤكداً أنّ مطالبهم "محقة ويجب أن تدور عجلة حياتهم؛ النفقات والمصاريف كبيرة، إما على السلطات تخفيضها أو زيادة رواتبهم، لا خيار لهم، وهم ليسوا مقصرين".

وعن مطلب العمال برفع رواتبهم إلى 12 مليون تومان (500 دولار) أكد أنّه "منطقي إذ إنّهم طالبوا بمليونين فقط أكثر من حدّ خط الفقر، فرواتبهم لا تغطي حاجاتهم" عازياً هذه المشاكل إلى "سوء الإدارة" أكثر من تأثير العقوبات الأميركية.
وفيما تقوم إيران بتحضير لاحتمال رفع العقوبات الأميركية لاستئناف الصادرات النفطية كما كانت قبل العقوبات، هناك مخاوف من أن تؤثر هذه الإضرابات على هذا التحضير سلباً، غير أنّ الرئيس السابق لاتحاد المصدرين في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، يعتقد أنّه "ليس لها تأثير على هذا المسار".

فيما تقوم إيران بتحضير لاحتمال رفع العقوبات الأميركية لاستئناف الصادرات النفطية كما كانت قبل العقوبات، هناك مخاوف من أن تؤثر هذه الإضرابات على هذا التحضير سلباً

وأضاف أنّه "في الخارج يتم تضخيم الأمر على أنّ قطاع النفط بات معطلاً بفعل الإضرابات وهم يريدون استغلالها لتحقيق أغراض، لكنّ ذلك لن يؤثر على الاستعدادات الإيرانية".
وتوقع خسروجردي حلّ مشكلة عمال المقاولات في الحكومة الإيرانية المقبلة التي ستبدأ عملها بعد الثالث من أغسطس/ آب المقبل، مؤكداً أنّ الاحتجاجات في القطاعات النفطية الإيرانية "لم تبلغ مرحلة تؤثر على الإنتاج" في هذه القطاعات.
وأول من أمس الثلاثاء، قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، رداً على اعتراض أحد النواب حول بند بقانون الموازنة دفع العمال إلى الشوارع، إنّ البرلمان والحكومة ناقشا الموضوع وتقرر عدم تخفيض رواتب ومستحقات عمال المنصات النفطية وأن تُزاد بشكل مناسب.
وفيما تقول تقارير إعلامية إنّ عمال المقاولات والعقود المؤقتة يشكلون غالبية المحتجين، فإنّ المتحدث باسم لجنة الطاقة البرلمانية، قال إنّ معظم المحتجين هم من شريحة العمال الرسميين في وزارة النفط. وعن مطالب عمال المقاولات والعقود المؤقتة، أوضح نخعي أنّها ليست جديدة، بل مطروحة منذ سنوات، قائلاً: "إنّهم يرون أنّ مستحقاتهم ليست عادلة".
وأشار إلى أنّ البرلمان يبحث عدة سيناريوهات لإيجاد حلّ للبند الوارد في الموازنة الذي يحظر رفع الرواتب أكثر من 15 ضعفاً من الحدّ الأدنى للأجور، لحلّ مشكلة هؤلاء العمال الرسميين، لافتاً إلى اجتماع أعضاء لجنة الطاقة، الأحد الماضي، مع وزير النفط الإيراني، بيجن نامدار زنغنة، لبحث هذه المشاكل وإيجاد حلول لها.

ونفى نخعي وجود مشكلة في الموارد المالية لزيادة رواتب العمال الرسميين، ناقلاً عن وزير النفط قوله إنّ ما يمنعه من رفع هذه الرواتب هو القانون حسب الموازنة الجديدة.
وفي السياق، أكد وزير النفط الإيراني بعد لقائه مع البرلمانيين، أنّ الوزارة ستحلّ مشكلة رواتب هؤلاء العمال الرسميين، حتى نهاية الشهر الإيراني الجاري (21 يوليو/ تموز المقبل).

  غير أنّ زنغنة فيما يتصل بمشاكل عمال المقاولات في الصناعة النفطية، قال إنّها "لا ترتبط بقانون موازنة هذا العام، بل بقانون العمل، لذلك وفقاً لهذا القانون نحن ندفع لهم كل مستحقاتهم، لكنّ المطالب العابرة للقانون مسألة أخرى".

وبذلك، اعتبر وزير النفط الإيراني، مطالب عمال المقاولات بأنّها "تتجاوز القانون" وهي تصريحات تأتي في سياق موقف الوزارة، الذي سبق أن عبر عنها المدير العام للعلاقات العامة بها، كسرى نوري، لموقع "تجارت نيوز" قائلاً إنّ إضرابات عمال شركات المقاولات لا تعني الوزارة، مضيفاً أنّ "هذه الشركات تابعة للقطاع الخاص ولا علاقة لوزارة النفط بها".
لكنّ المصدر نقل عن ممثل العمال في المجلس الأعلى للعمل، علي خدايي، قوله إنّ "على وزارة النفط أن تتحمل مسؤولياتها أيضاً تجاه الإضرابات لعمال شركات المقاولات".
وحسب قانون العمل، فإنّ الحدّ الأدنى لرواتب عمال المقاولات والمشاريع هو 2.5 مليون تومان (100 دولار) والحدّ الأقصى 4 ملايين تومان (150 دولاراً)، وهو ما يراه هؤلاء العمال زهيداً جداً لا يغطي حاجاتهم الأساسية في ظروف الغلاء الكبير الذي تشهده إيران منذ ثلاثة أعوام على خلفية العقوبات الأميركية.
ويطالب هؤلاء العمال برفع رواتبهم إلى 12 مليون تومان (500 دولار) ليتناسب مع مستوى خط الفقر في البلاد، إذ أعلن البنك المركزي الإيراني، خلال مارس/ آذار الماضي أنّ حدّ خط الفقر في طهران يبلغ 11 مليون تومان وفي بقية المدن 10 ملايين تومان.

المساهمون