"مصارف لبنان" تهاجم قرارات تخص حقوق المودعين: فتح جبهة مع القضاء

"مصارف لبنان" تهاجم قرارات تخص حقوق المودعين: فتح جبهة مع القضاء

04 مايو 2021
يعاني اللبنانيون من القيود الصارمة المفروضة على سحوبات الدولار والليرة (حسين بيضون)
+ الخط -

هاجمت "جمعية مصارف لبنان"، اليوم الثلاثاء، قرارات قضائية بخصوص حقوق المودعين، رأت فيها ما سمته "شوائب من شأن تسليط الضوء عليها وتعميمها أن تلحق أفدح الأضرار والمخاطر على ما يمثله هذا القطاع اجتماعياً واقتصادياً، مع ما قد يتسبب به ذلك من مضاعفات سلبية، ليس على هذا القطاع فحسب إنما على الاقتصاد اللبناني ككل، واستطراداً على الشعب والمصلحة الوطنية العليا".

فقد عقد مجلس إدارة الجمعية اجتماعاً أصدر بعده بياناً، أكدت فيه "احترامها الدائم للقضاء والتزامها المطلق بالقانون وأحكامه، خصوصاً أنّ الخروج عن هذه الثابتة يضع المصارف في دائرة الاستهداف القانوني، الدولي كما المحلي، ويعرض وجود المؤسسات المصرفية وسلامة عملها للخطر".

لكن في سياق انتقادها "بعض القرارات القضائية الصادرة أخيراً"، قالت الجمعية: "غني عن البيان أنّ مطالب الناس حقٌ وحقوق المودعين مقدسة. أما أن تتعرض القيادات المصرفية، في معرض المطالبة بالحق المشار إليه، لحملات منظمة من التجني والتشهير، وأن يتم اتهامها جزافاً بممارسات مرفوضة ومدانة، محلياً ودولياً، كمثل تهريب المال وتبييضه، فمن شأن ذلك أن يشوه سمعة لبنان ونظامه المصرفي، وأن يحرمه لفترة غير محددة من أي تواصل مع الأسواق والأوساط المالية الدولية، ويجعل تعافيه واستعادة الثقة به بعيدي المنال".

وسألت: "أي فائدة تجنى من شن حملة شعواء على النظام المصرفي اللبناني برمته، خصوصاً أنّ أي خطة للنهوض بلبنان من محنته الراهنة لا بد من أن تمرّ حكماً عبر هذا النظام؟".

وقالت الجمعية إنها "تعي بأنّ المخرج الوحيد من المأزق الحالي يكمن في تصحيح الخلل الفادح الذي تعانيه الحياة السياسية منذ مدة غير قصيرة، عبر إعادة تفعيل السلطات كافة. فالسلطة التنفيذية شبه مشلولة، والسلطة التشريعية تعمل بأقل من طاقتها، والسلطة القضائية قلقة من شغور داهم قد يعطل عملها وتنشد إنجاز مشروع استقلاليتها باعتباره العلاج الأنجع لشوائب أدائها".

أضافت: "يدرك الكل، في الداخل والخارج، أن تشكيل حكومة جديدة موثوقة وذات كفاءة وصدقية هو الخطوة الأولى والأساسية على طريق النهوض، وهي خطوة لا غنى عنها للشروع في وضع خطة إنقاذ اقتصادي تشترك فيها كل القطاعات، وفي مقدمها القطاع المصرفي، ولمباشرة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومع حاملي السندات السيادية، ولإطلاق جملة من الإصلاحات الحيوية التي طال انتظارها. عندها، وعندها فقط سيكون بالإمكان البدء عمليا، وتدريجيا، بإعادة ما للناس للناس، وهم أهلنا ودعامتنا وعنصر استقرارنا ونجاحنا وصمودنا على امتداد أكثر من 30 سنة".

وأشارت إلى أن "المصارف عملت بجد ثابت وجهد دؤوب حتى تمكنت من انتزاع اعتراف دولي بجودة عملها، فأشادت منظمة  "غافي" (GAFI) بجديتها في الالتزام بكل المعايير والإجراءات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".

وسألت: "فكيف يعقل أن تصبح المصارف اللبنانية بين ليلة وضحاها، وبقرارات داخلية فجائية، مخالفة لقواعد العمل المصرفي السليم ولمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟ وأين الموضوعية في تحميل المصارف، والمصارف وحدها دون سواها، مسؤولية ما استجد على الساحتين الداخلية والإقليمية من تطورات سياسية واقتصادية؟".

كما قالت الجمعية إن "اتهام المصارف بهذه الجرائم ينطوي على تجاهل واضح لما تسببت به الأزمة السياسية المتمادية في البلاد والسياسة الاقتصادية العامة من خسائر جسيمة، وما ألحقته من ضرر بنيوي انعكس سلباً على الودائع، التي ستبقى حقا لأصحابها مهما طال الزمن".

وقالت: "ليعلم أهل السلك القضائي والمواطنون جميعاً أن الاستمرار في توجيه مثل هذه الاتهامات من شأنه أن يقضي على علاقة المصارف اللبنانية مع المصارف المراسلة، وهو أمر حيوي ما زلنا نجهد للحفاظ عليه لأنه، إذا حصل لا سمح الله، فسيكون بمثابة الضربة القاضية على لبنان المقيم والمنتشر، خصوصا أن للمصارف اللبنانية حضوراً في أكثر من 30 دولة، في خدمة الانتشار، الذي هو مصدر السيولة الخارجية المتوافرة راهناً، والمطلوب إعادة تدفقها مستقبلاً، ما يستوجب أخذ ذلك في الاعتبار عند إصدار أي قرار، والتبصر الحكيم في احتساب انعكاساته المحلية والدولية".

وانتهت الجمعية إلى القول إنها "إذ تجدد الإعراب عن احترامها الكامل للسلطة القضائية  وفق الأصول المحددة في القانون مع احترام موجب التحفظ والابتعاد عن التسييس،  تناشد أركان الجسم القضائي الكريم التحوط لكل ما سبق بيانه، كي تأتي النتائج على قدر التوقعات والطموحات".

وختمت بأن "التعرض الدائم للمصارف والمصرفيين ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع التي نكرر التأكيد أنها محفوظة وموثقة، ذمة على الدولة وعلى المصرف المركزي، ولا خلاف على قانونية توظيفها ومشروعيته". 

وصدرت، الأربعاء الماضي، قرارات قضائية تضع اليد على أصول وعقارات عائدة إلى عدد من المصارف اللبنانية، بنتيجة دعاوى مرفوعة من المودعين ضد إدارات البنوك.

وأصدرت أماني سلامة، قاضية التحقيق الأولى في البقاع اللبناني، قراراً يقضي بوضع إشارة منع تصرّف على عقارات بعض المصارف وعقارات رؤساء مجالس إداراتها وحصصهم وأسهمهم في عددٍ من الشركات.

وقالت الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، التي تقدمت بالدعوى، إنّها "نالت شرف الادعاء الأول ضد حاكم مصرف لبنان، وجعلته مجبراً على المثول أمام القضاء الجزائي لاستجوابه ومحاكمته عن الجرائم المنسوبة إليه".

يُشار إلى أن النظام المصرفي، بمصارفه التجارية و"مصرف لبنان" المركزي، يواجه سلسلة من الدعاوى القضائية والتحقيقات الداخلية والخارجية على خلفية اختفاء ودائع اللبنانيين والقيود الصارمة المفروضة على سحوبات الدولار والليرة.

ففي منتصف إبريل/ نيسان المنصرم، أعلن القضاء الاستمرار في استجواب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، إذ رفضت دائرة قضائية كافة الدفوع الشكلية المقدمة من وكيل المدعى عليه، وعينت القاضية لارا عبد الصمد جلسة مخصصة لاستجواب سلامة بتاريخ 13 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في الوقت الذي يواجه فيه سلامة أيضاً تحقيقاً سويسرياً لحسابات مشكوك بأنّ مصدرها صفقات فساد مشبوهة.

المساهمون