"أوميكرون" يفزع العالم: أضرار للسياحة والنفط والأسهم

"أوميكرون" يفزع العالم: أضرار للسياحة والنفط والأسهم

28 نوفمبر 2021
مسافرون في مطار أوليفر ريجنالد تامبو في جوهانسبرغ (فرانس برس)
+ الخط -

أربكت نسخة متحورة جديدة من فيروس كورونا باسم "أوميكرون"، ظهرت في جنوب أفريقيا، أسواق العالم لتشهد اضطراباً حاداً في نهاية تعاملات الأسبوع يوم الجمعة الماضي، وسط خطوات متسارعة في مختلف الدول نحو فرض قيود على السفر تمنع استقبال المسافرين من عدة دول أفريقية، بينما تتسع رقعة تداعيات ظهور المتحور الجديد لتطاول دولاً عربية على رأسها مصر التي تعيش حالة طوارئ.

وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" إن اللجنة العليا لإدارة أزمة فيروس كورونا، في حالة طوارئ على مدار الساعة، واتخذت عدة قرارات بعد إعلان منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة الماضي، عن المتحور الجديد "أوميكرون".

وأشارت المصادر إلى أن الحكومة المصرية تخشى من أن يتسبب انتشار هذا النوع الجديد من الفيروس في اتخاذ قرار بالإغلاق مرة أخرى، أو في أن يؤدي إلى وضع مصر في قائمة الدول الحمراء، بالمزيد من دول العالم، وبالتالي التأثير على الاقتصاد الذي يعاني أصلاً بسبب الجائحة منذ 2020، بسبب ضعف إيرادات القطاع السياحي وغيره من القطاعات.

 العقود الآجلة لخام برنت تسليم يناير/ كانون الثاني المقبل تراجعت، يوم الجمعة الماضي، بنسبة 11.5%

وأكدت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في بيان، أمس السبت، أن قطاع السياحة يحتل أهمية خاصة بالنسبة للاقتصاد المصري لعدة أسباب تتمثل في أنه قطاع ديناميكي يتميز بارتفاع معدلات النمو وكبر مساهمته القطاعية في نمو الناتج المحلي الإجمالي، كما أنه يمثل أحد المصادر الرئيسة للنقد الأجنبي، إلى جانب تميز القطاع باتساع طاقته الاستيعابية للعمالة بما تهيئه منشآته الفندقية والسياحية من فرص عمل عديدة، فضلاً عن اتصاف القطاع السياحي بالانتشار المكاني لامتداد أنشطته لمناطق صحراوية غير آهلة بالسكان مما يسهم في زيادة رقعة المعمور المصري، علاوة على تنامي العلاقات التشابكية للقطاع وارتباطها الوثيق بالعديد من القطاعات الأخرى التي تمد الأنشطة السياحية بالمدخلات.

في الوقت ذاته قررت اللجنة العليا لإدارة أزمة فيروس كورونا، الجمعة، وقف الطيران المباشر من وإلى جنوب أفريقيا، على خلفية ما أعلنته منظمة الصحة العالمية، بشأن المتحور الجديد لكورونا، والذي اعتبرت أنّ من الضروري اتخاذ الإجراءات الاحتياطية تجاهه.

طوارئ في مصر

وأشار المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري نادر سعد، إلى أن هناك عدداً من الدول المستهدفة بقائمة من الإجراءات، وتتضمن تلك الدول: جنوب أفريقيا، وليسوتو، وبوتسوانا، وزيمبابوي، وموزمبيق، وناميبيا، واسواتيني، إذ من المقرر إجراء اختبار فحص الحامض النووي السريع للقادمين من تلك الدول عن طريق الرحلات غير المباشرة (ترانزيت)، وفي حال ظهور أي حالة موجبة سيعود الراكب على نفس الطائرة القادم عليها، أما حال كان الاختبار سالبا فيقوم بعمل حجر ذاتي منزلي لمدة سبعة أيام، ويتم إجراء اختبار "بي سي ار" في نهاية مدة الحجر، كما تستمر متابعته لمدة سبعة أيام أخرى عن طريق فريق الحجر الصحي حتى نهاية المدة القصوى لفترة حضانة الفيروس.

وأضاف سعد، أنه سوف تخطر خطوط ومكاتب الطيران بالإجراءات، خصوصاً ما يتعلق بضرورة توقيع الراكب على قبول إجراءات الحجر الذاتي قبل الركوب.

وتأتي حالة الطوارئ التي تعيشها مصر، بعد أن أعلنت الحكومة البلجيكية، أنّ اختباراً أظهر إيجابية إصابة شخص واحد بالمتحور الجديد لفيروس كورونا، فيما قال مارك فان رانست، عالم الفيروسات الرائد في بلجيكا الذي اكتشف الحالة، في تغريدة، إنّ المريض كان غير محصن وسافر مؤخراً من مصر.

وذكرت شبكة "ايه بي سي نيوز" الأميركية، أنّ الإصابة الأولى في أوروبا بالمتحور الجديد، هي لسيدة سافرت إلى بلجيكا من مصر عبر إسطنبول، وظهرت عليها الأعراض بعد 11 يوماً من عودتها ولم يتم تطعيمها. وقال مسؤولون للشبكة إنّ نتائج اختبار أفراد أسرتها لكورونا جاءت "سالبة"، وإنّ السيدة ليست في حالة تهدد حياتها.

أدنى مستوى للروبل الروسي منذ إبريل

وتتزايد الهواجس العالمية إزاء المتحور الجديد، بينما ضربت هذه الهواجس أسواق النفط والأسهم والعملات. وفي روسيا أنهت العملة الوطنية الروبل تعاملات، الأسبوع الماضي، على تراجع ملحوظ، مسجلة أدنى مستوى لها منذ إبريل/نيسان الماضي، حيث اقترب الدولار من مستوى 76 روبلاً في بورصة موسكو، يوم الجمعة.

وقالت نائبة رئيس مركز "ألباري" للتحليل والمعلومات، ناتاليا ميلتشاكوفا، إن عملات الأسواق الناشئة، مثل الروبل الروسي والليرة التركية، لن تستقر إلا بعد انتهاء جائحة كورونا التي تلقي بظلالها على القطاعات الحيوية مثل السياحة والسفر والطلب على الوقود والنفط.

وأضافت ميلتشاكوفا في حديث لـ"العربي الجديد": "ستتكرر مثل هذه المواقف بين الحين والآخر طالما لم تنته جائحة كورونا. أثر اكتشاف نسخة جديدة على أسعار النفط والأسواق الناشئة، وقد يؤدي إلى حالات جديدة لفرض نظام الإغلاق وقيود على حركة الطيران، ويقلل الناس من حركة السفر. وحدث آخر تهاو للروبل في خريف عام 2020، حين لامس الدولار عتبة الـ80 روبلاً".

وعلى خلفية ظهور النسخة المتحورة الجديدة، قررت روسيا فرض قيود على دخول الأجانب المقيمين في جنوب أفريقيا وبوتسوانا وليسوتو وغيرها من الدول الأفريقية، كما تم توجيه الهيئة الفيدرالية الروسية لحماية المستهلك "روس بوتريب نادزور" ووزارة النقل بإجراء اختبارات كورونا للروس القادمين من هذه الدول.

وفي هذه الظروف غير المستقرة، تنصح الخبيرة المالية الروسية أصحاب المدخرات بتوزيعها بين الدولار وعملات الدول الناشئة للاستفادة من أسعار الفائدة المتجهة إلى الارتفاع، وذلك بالمناصفة في الحالة الروسية، أو بنسبة 75% للدولار و25% لليرة في تركيا التي قررت خفض أسعار الفائدة بدلاً من رفعها.

 الروبل الروسي هبط في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، إلى أدنى مستوى أمام الدولار منذ إبريل/نيسان 2021

ومن أجل حماية مدخرات محدودي الدخل، اقترح المصرف المركزي الروسي في منتصف الأسبوع المنصرم، استحداث حسابات خاصة ذات أسعار فائدة مرتبطة بمستوى التضخم أو سعر الفائدة الأساسية. وكان المصرف المركزي الروسي بدأ منذ مارس/آذار الماضي، برفع سعر الفائدة الأساسية تدريجيا، لتصل إلى 7.5% حاليا مقابل 4.25% في بداية العام، مرجعاً قراراته إلى تنامي مخاطر التضخم بعد تعافي النشاط الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا.

تراجع حاد لأسعار النفط

لكن المتحور الجديد من كورونا قد يعيد الاضطرابات إلى الأسواق العالمية، خاصة السلع الأولية وعلى رأسها النفط الخام. إذ تراجعت أسعاره بشكل حاد، يوم الجمعة الماضي، متأثرة بمخاوف تتعلق بتضرر الطلب العالمي.

وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يناير/ كانون الثاني المقبل بنسبة تبلغ نحو 11.5% إلى نحو 73 دولارا للبرميل، وهو أدنى سعر منذ 16 سبتمبر/ أيلول الماضي. كما هبطت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 12% ليتداول عند حوالي 68.7 دولاراً للبرميل، وهو الأدنى منذ 10 سبتمبر/ أيلول.

ويأتي الانخفاض قبل اجتماع لتحالف "أوبك+" الذي يضم الدول الأعضاء في منظمة أوبك وكبار المنتجين من خارجها على رأسهم روسيا في 2 ديسمبر/ كانون الأول المقبل لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج لشهر يناير/ كانون الثاني 2022.

ويتجه تحالف "أوبك+" الذي يضم 23 دولة بقيادة المملكة العربية السعودية، بشكل متزايد لاتخاذ قرار بالتخلي عن خطط زيادة إنتاج النفط خلال الأسبوع المقبل، وفقاً لمندوبين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، بحسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

قال بوب مكنالي، رئيس مجموعة "رابيدان إنيرجي" الاستشارية، الذي عمل مسؤولاً سابقاً في البيت الأبيض: "ظهور متحور جديد لفيروس كورونا، بمقدوره التسبب في إجراء عمليات إغلاق وقيود سفر متجددة، هو تحديداً نوع التغير في ظروف السوق الذي قد يؤدي إلى انحراف الوزراء عن خطتهم لزيادة إنتاج النفط".

 عملة بيتكوين هوت بنسبة 28% لتصل إلى 53.6 ألف دولار

وفقاً للخطة المقررة، كان منتجو "أوبك" وشركاؤهم سيضيفون 400 ألف برميل أخرى يومياً للسوق خلال يناير/ كانون الثاني المقبل، في ظل سعيهم لاستعادة الإنتاج الذي توقف خلال انتشار الوباء العام الماضي تدريجياً. وكانوا يدرسون بالفعل وقف تلك الزيادة مؤقتاً بعد أن تزعّم الرئيس الأميركي جو بايدن سلسلة إفراجات عن مخزونات النفط الإستراتيجية في دول عدة، من أجل ترويض أسعار البنزين والتضخم المستشري.

وحذّر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، من أن أسواق النفط الخام العالمية بصدد العودة إلى تحقيق فائض في العرض خلال الشهر المقبل، وأن الطلب عُرضة للخطر بسبب حالات العدوى الجديدة. وأشار بحث داخلي لمنظمة "أوبك" إلى فائض كبير يتشكل بحلول أوائل العام المقبل، وسيستمر هذا الفائض في الزيادة إذا استخدمت الولايات المتحدة وشركاؤها احتياطياتهم الاستراتيجية.

خسائر للأسهم وبيتكوين تهبط 28%

وطاولت المخاوف من المتحور الجديد أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، إذ سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في بورصة نيويورك، أسوأ يوم له منذ فبراير/ شباط الماضي، يوم الجمعة الماضي، منخفضاً بنسبة 2.3% وتراجع مؤشر ناسداك المجمع 2.2%، كما هبطت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة تتراوح بين 3% و5%، حيث هزت حالة عدم اليقين سوق الأوراق المالية. وقال محللون وفق صحيفة نيويورك تايمز، أمس، إن التقلبات المتزايدة قد تستمر مع قيام الدول بتقييم مخاطر المتحور الجديد.

ولم تقتصر الخسائر على أسواق النفط والأسهم والعملات الوطنية، وإنما طاولت العملات المشفرة. إذ هوت عملة بيتكوين الأشهر عالميا بنسبة 28% إلى 53.6 ألف دولار، بينما كانت قد لامست مستوى 70 ألف دولار في وقت سابق من الشهر الجاري، كما فقدت "إيثر" 13% من قيمتها السوقية.

وبينما تتزايد المخاوف من عودة إرهاصات الخسائر الناجمة عن جائحة كورونا، فإن المؤشرات تُظهِر أن سكان الكثير من دول العالم لاسيما في الاقتصادات الكبرى لم يعودوا على استعداد لتحمل اضطرابات جديدة تشهدها حياتهم اليومية، كما أنّ مخاوفهم من الفيروس تراجعت إلى حد كبير. فقد عادت العديد من هذه الاقتصادات إلى النمو مع انتشار اللقاحات المضادة للفيروس مطلع العام الجاري وعاد الانتعاش إلى مختلف القطاعات على رأسها السفر ما زاد الطلب بقوة على جميع المنتجات.

المساهمون