}

موسم "الدخول الأدبي" الفرنسي 2019: الأضعفُ منذ عقدين

نجيب مبارك 2 سبتمبر 2019
تغطيات موسم "الدخول الأدبي" الفرنسي 2019: الأضعفُ منذ عقدين
روائيون فرنسيون وانطلاق أكبر موسم أدبي هذا الشهر
مع بداية شهر أيلول/سبتمبر ينطلق رسمياً أكبر موسم أدبي في فرنسا، وهو موعد سنوي يعرف بـ"الدخول الأدبي" ويستمر حتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر، ويعد بلا منازع من أشهر المواسم الأدبية في العالم، حيث تستقبل فيه المكتبات ملايين النسخ من الروايات والكتب الجديدة. لكن موسم هذا العام يعرف تراجعاً طفيفاً في الإنتاج، حيث وصل عدد الروايات التي بدأ تسويقها إلى 542 مقابل 567 في العام الماضي. ويلاحظ أنّ عدد الكتب الفرنسية عرف بدوره تراجعاً كبيراً، ولم يتغيّر تقريباً عدد الروايات المترجمة من لغات أجنبية إلى اللغة الفرنسية، إذ بقي في حدود 188 رواية، بزيادة روايتين عن الموسم الماضي (186). بينما وصل عدد الراويات الأولى بالنسبة لكتاب جدد إلى 82 رواية.
في الواقع هذا العدد من الروايات والكتب يعكس هشاشة عالم النشر الفرنسي (انخفضت مبيعات الناشرين بنحو 4.5 بالمئة عام 2018 مقارنة بالعام السابق)، وعليه يكون هذا الموسم هو الأضعف والأقلّ من حيث عدد الإصدارات منذ عقدين. لكن رغم ذلك يبقى طموح الناشرين الفرنسيين كبيراً في هذا الموسم، لأنّ هذه الفترة بالذات تمثّل دائماً رُبع نسبة المبيعات السنوية من الروايات في طبعتها الأصلية الأولى.



الكتاب اللغز

يعرف هذا العام بروز كتابٍ واحد من بين هذا الكمّ الهائل من الكتب، اتّفقت الصحافة الفرنسية على وصفه بـ"الكتاب اللغز"، وهو وإن لم يكشف بعد عن اسم كاتبه أو عنوانه أو اسم ناشره، إلّا أنه أثار الكثير من اللّغط والقيل والقال على مدى الشهور الأخيرة. كيف لكتاب لم يقرأه أحد، ولا يُعرف عنه شيء، أن يحظى بمثل هذه الشعبية حتى قبل ظهوره؟ ربما يكمن الجواب في معرفة أن هذه واحدة من مفاجآت ومبالغات ساحة النشر الفرنسية، وما تعتمده من أساليب مبتكرة وتقنيات غريبة في الترويج؛ إذ حسب ما يشاع حتى الآن، طُبع من هذا الكتاب حوالي 250000 نسخة، وهو رقم ضخم جداً بالنسبة لوضعية سوق الكتاب الفرنسية الراهنة. فهل سيكون الكتاب فعلاً في الموعد، ويحقق النجاح المتوقع له؟ لا أحد يدري، سننتظر ونرى.



عواصف وزاوبع ضدّ يان مواكس
رواية "أورليانز" للكاتب والصحافي في التلفزة الفرنسية يان مواكس هي واحدة من الروايات التي بدأت فعلاً في إثارة الكثير من العواصف والزوابع في الصحافة الفرنسية هذه الأيام. هذا الكاتب المثير للجدل، بسبب مواقفه وآرائه اليمينية المتطرفة، سبق له أن فاز عام 1996 بجائزة "غونكور الرواية الأولى"، وهو في روايته الجديدة هذه يعود إلى فترة من حياته ليحكي عن طفولته القاسية، ما أثار حفيظة بعض الأفراد من عائلته، حيث تصدّى له أبوه وأخوه بحجّة أنه قام بتلفيق وتزوير الكثير من الوقائع، بل وصل الأمر بأخيه أن اتّهمه بأنه كان جلّاداً حقيقياً في معاملته للمقربين منه، وما زاد الطين بلّة أن هذا الأخ سرّب للصحافة بعض رسومات يان مواكس الأولى، تظهر بوضوح معاداته للسامية وسخريته منها. ومن المتوقع أن يستمرّ مسلسل التصريحات والتصريحات المضادة بين الكاتب وأخيه خلال الأيام المقبلة، لكن الأمر الأكيد هو أن يان مواكس لن يتمّ اختياره ضمن قائمة جائزة رونودو، لأنه ببساطة سبق أن فاز بها عام 2013.



جديد الروايات الفرنسية

من بين الكتّاب الفرنسيين الحاضرين بقوّة هذا العام، كما في الأعوام السابقة، وذلك منذ أزيد من ربع قرن على التوالي، نجد الكاتبة الظاهرة إميلي نوثومب بروايتها الجديدة "عطش"، وهو كتاب قدّمت فيه بضمير المتكلّم رؤيتها وقراءتها الخاصة لشخصية وحياة السيد المسيح. ومن المتوقّع أن تستأثر هذه الرواية باهتمام القراء، وربما قد تثير حفيظة بعض المتدينين أيضاً. كما تحضر الكاتبة كارين طويل بروايتها الجديدة "الأشياء الإنسانية" التي تحكي فيها قصة زوجين باريسيين يؤمنان بتحالف الجنس والسلطة. ويعود الكاتب ليونيل دوروا لمصالحة أفراد عائلته في رواية "ولدنا لنكون سعداء"، بينما تقترح الكاتبة الفرنسية من أصل كاميروني ليونارا ميانو العودة إلى أفريقيا القرن السابع عشر، الأرض التي وجد فيها بعض الأوروبيين ملاذاً آمناً، وذلك في روايتها "إمبراطورة حمراء". ومن الروايات الفرنسية المهمّة والمنتظرة أيضاً، تبرز بقوّة رواية "عبر الطرقات" لسيلفان برودوم، ورواية "كل الرجال لا يسكنون العالم بالطريقة نفسها" لجون بول دوبوا، ورواية "السماء فوق السطح" لناتاشا أباناه، ورواية "فرح متوحش" لسورج شالاندون، ورواية "مديح السّفلة" لأوليفيا روزنثال.
من جهة أخرى، يعود الحائز بجائزة نوبل الآداب باتريك موديانو بروايته "حبر لامرئي"، التي ستصدر في الثالث من أكتوبر القادم. كما تعود الكاتبة الشابة الجزائرية الأصل كوثر عظيمي برواية جديدة بعنوان "صغار ديسمبر"، وباتريك دوفيل برواية "أمازونا". وتصدر كلير بيرسي رواية "لا شيء أسود"، وجون لوك كاتليم رواية "حصة الابن"، وأوليفيي آدم رواية "جولة من تنس الريشة"، بينما يطرح البلجيكي جون فيليب توسان رواية جديدة بعنوان "مفتاح يو إس بي".  أما بالنسبة للروايات الجديدة، فينتظر القرّاء بشغف رواية "حكاية فرنسا" لجوفرين دوناديو، ورواية "الحرارة" لفيكتور جيستان، ورواية "مكمّلات الرفض" لأورور لاشو، ورواية "افتتان المنسيّين" لصوفيا عوين.


أبرز الروايات الأجنبية

بالنسبة للروايات الأجنبية، المترجمة إلى اللغة الفرنسية، هناك العديد من الكتاب الأميركيين ضمن القائمة، مثل الروائية جويس كارول أوتيس مع روايتها الجديدة "كتاب الشهداء الأميركيين"، والروائي ويليام ميلفين كيلي مع روايته "طبل آخر"، والروائي تومي أورانج مع روايته "هنا لم يعد هنا"، وهي رواية وصلت إلى القوائم النهائية للعديد من الجوائز الأدبية الأميركية، مثل "بوليتزر" و"الجائزة الوطنية للكتاب"، واعتبرت أهمّ رواية أميركية خلال العام الماضي. ومن الروايات الناجحة أيضاً تحضر رواية تاياري جونز "زواج أميركي" التي حظيت باستحسان كبير وترويج من طرف الإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري.
من جهة أخرى، من المتوقّع أن تحظى رواية الشاعر الأرجنتيني أليخاندرو رويميرس "عودة الأمير الصغير" بمقروئية واسعة، لأنها تستأنف سرد واحدة من أشهر الحكايات في تاريخ الأدب الفرنسي، ويتعلق الأمر بحكاية "الأمير الصغير"، التي أبدعها الكاتب الطيّار أنطوان سانت إكزوبري، حيث يتخيل فيها الشاعر الأرجنتيني عودة هذا الأمير إلى أرض "باتاغونيا" في أميركا الجنوبية، لكنه هذه المرة لم يعد طفلاً صغيراً وإنما أصبح مراهقاً. بينما تحكي الكاتبة الأيسلندية أودور أفا أولفسدوتير في روايتها السادسة "ملكة جمال أيسلندا"، التي تقع أحداثها في ستينيات القرن الماضي، عن شابة في الحادية والعشرين تقرّر أن تصير كاتبة، فتختار الانتقال للعيش في "ريكيافيك"، حيث سينصحها البعض بالمشاركة في مسابقة ملكة جمال أيسلندا عوض ممارسة الكتابة. 


المنافسة على الجوائز الأدبية
مع انطلاق الموسم الأدبي كلّ عام يبدأ الجمهور في اكتشاف أسماء الروايات المرشّحة لجوائز الخريف الكبرى، بدءاً من جائزة "غونكور" المرموقة. هذه الأخيرة ستعلن قائمتها المطولة، التي ستضم 15 رواية، يوم 3 سبتمبر، تليها جائزة رونودو يوم الرابع منه، بينما لن تعرف قوائم جائزة ميدسيس وجائزة فيمينا إلّا في الفترة ما بين 9 و11 سبتمبر الجاري. وحسب دراسة حديثة قام بها معهد التسويق GFK، فقد بيع من الرواية الفائزة بغونكور العام الماضي 400000 نسخة، بينما بيع من الرواية الفائزة بجائزة رونودو 220000، ومن الرواية الفائزة بجائزة فيمينا 80000 (فازت بها رواية "النتفة" العام الماضي لفيليب لانسون، وهي من أفضل مبيعات سنة 2018، واستطاعت أن تضاعف هذا العدد)، بينما باعت الرواية الفائزة بجائزة ميدسيس 40000 نسخة. ومعروف عن هاتين الجائزتين الأخيرتين أنهما في العادة تضمّان في قائمتيهما الروايات الأجنبية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.