}

قصائد من خليج غينيا

1 أغسطس 2018
ترجمات قصائد من خليج غينيا
يانسن

مصيرٌ غريب - منتصف الليل
كيتا فوديبا (غينيا كوناكري)


حين رُفع الستار، ظهَر كوخٌ ماندينغيّ
ونارٌ يتحلّق من حولها شبابٌ وشابّات.
كان عازف القيثار يؤدّي قطعة "منتصف الليل".
وآخر يُعلّق على الهواء.
منتصف الليل! يا للقلب الحسّاس
الّذي يُنصتُ ويفهم،
والكلّ يغنّي منتصف الليل.
منتصف الليل! إنّه أغنيةُ المهدِ الساذجة
والرتيبة الّتي تجلب النوم للطفل.
منتصف الليل! إنّه رثاء العاشق
الّذي يتوسّل العفو من الفتاة الجميلة
في هدوء الليل.
منتصف الليل! إنّه الغناء الحزين
للعصفور على أغصان الشّجر،
الشكوى اليائسة للطبيب الساحر
من قسوة الآلهة على الخلجان،
الرّعد القادم من بعيد.
منتصف الليل!
إنّه كلّ ما يتأوّه، كلّ ما يبكي،
لأنّ منتصف اللّيل
هو أيضاً
مأساةُ بلاد "الماندينغ".

***

يا رجال كلّ القارات
برنار بانلان داديي (ساحل العاج)

إلى بيير سيغيرس

أخرجُ من اللّيالي الملطّخةِ بالدّم

انظُروا إلى أجنحتي
المحروثةِ بالجوع والنّار
لقد كنتُ أرضاً خصبة
انظروا إلى يدي الخشنةِ
السّوداء
من جرّاء عَجْنِ العالم.
إلى عينيَّ المحروقتين
من قسوة الحُبّ.

كنتُ هنا حين طارد الملاكُ جدّي،
كنتُ هنا حين التهمتِ المياهُ الجبالَ
وأيضاً، كنتُ هنا
حين جمعتنا لمصيرٍ واحد
ابتسامتُه فوقَ الوديان.

يا رجال كلِّ القارات
ما يزال الرّصاص يجزُّ أعناق الورود
في صباحاتِ الحلم.

خارجاً من ليل الأدخنةِ الاصطناعية
أردتُ أن أُغنّي لكم
أنتم الّذين تحملون السّماء فوق أذرعكم
أمّا نحن
فنبحثُ في الضّوء الخافت
عن مصابيحِ الشارع.

أنا أعرفُ نفسي
البردُ في العظام، والجوعُ في البطن
واليقْظات المفزوعةُ من طلقاتِ البندقية
لكن ما تزال النّجمةُ تلمعُ في العيون
في مساءات النّار، وساعاتِ البارود الثّملة.

يا رجال كلّ القارّات
يا من تحملون السّماء فوق أذرعكم
وتحبّون أن تسمعوا امرأةً تضحك
تشاهدوا طفلاً يلعب
وتضعوا يداً لتكتملَ السلسلة،

ما يزال الرّصاص يجزّ أعناق الورود
في صباحاتِ الحلم.

***

بأيّ لغة أكتب؟
أوديتي سيميدو (غينيا بيساو)

بأيّ لغةٍ أكتب
اعترافاتِ الحبّ؟
بأيّ لغة أغنّي
الحكايات المرويةِ لي؟
بأيّ لغة أروي
يوميات نساءِ ورجال بلادي؟
كيف يمكن استحضار القدماء
وأُغنيات الماضي؟
هل يجب عليّ أن أتحدّث لغة "الكريول"؟
إذن سأتحدّث "الكريول" !
لكن أيُّ علاماتٍ سأترك
لأطفالِ هذا القرن الصّغار؟
سوف تصدح بـ"الكريول"
رسالتي
الّتي من فمٍ إلى فم
ستشقّ طريقها
سوف أخطُّها على ورقِ البرشمان
بهذه اللّغة البرتغالية
التي بالكاد أفهمُها
بينما على مرِّ القرون
وعلى طريقِ الحياة
سوف يعرفُ الأطفالُ الصّغار
والوَرثة
مَن كُنّا.

***

غنّي لي (مقطع)
فيرونيك تادجو (ساحل العاج)

غني لي
تاريخَ الرجل-العامل
وعرَقَه الحارق
والأرضَ الحمراء جدّاً
حدّثني
عن المرأة ذاتِ الثّديين الثقيلين
والبطنِ - الآنية
داخل الفُرن الملتهب
في ليلةٍ بلا غَد
أخبرني
عن الكُتب المقفلَة
والأيادي الممدودة
والآمالِ العالقة
لمدينةٍ شديدةِ القسوة
[...]
سأضعُ يدي فوق جبينكَ
الّذي من ذَهبٍ وعَاج
وسوف تبتسم بداخلك
ابتساماتِ طفلٍ
لكن يجب عليكَ أن تذهب
إلى حيثُ الحقول ناضجة
يجب عليك أن تغادر
على طريقِ الآلهة
لأنك رجلٌ
قادرٌ على تفجير الينابيع
يجبُ عليك أن تعود
من هذه الرّحلة الطويلة
من هذا المنفى الّذي بلا نهاية
في عُمقِ أعماقك
تعالَ واشرَب بكلّ فَمٍ
صيحاتِ شَعبك
لديك الكثيرُ من الآمال
لتُخصِّبها
والكثيرُ من السلاسل
لتُحطّمها.

***

الخطيئة الأصلية
كورسينو فورتيس (الرأس الأخضر)

أعبُرُ الأيام
وأتركُ حُلكتَها
أكثرَ سواداً
من ليلِ الضّباب.
أنظُرُ إلى الأشياء
حتّى تُتلفها الديدان
وحدها المستنقعات الحقيرة
تشهدُ فوق الأرض
على أنّي تركتُ بصمةَ قدمي
وهنا حيثُ أغتسل
ما يزال النّهر يجري بدَمٍ - أحمر.
وأنت لا تملكُ القدرة على الفرار
أبداً
من هذا المصير
حيثُ عليك أن تُلغِّمَ
صخورَ القلب...

***

درسٌ عالٍ (مقطع)
تينا أبينا أوفوريا (غانا)

لا يمكنُني أن أُفسّر لماذا رحلَ أبي.
أتذكّر الفنجانَ في المطبخ والقهوةَ الّتي شرب منها القليل،
منفضةَ السجائر وعلبةَ المالبورو الّتي دخّن منها النّصف،
والدّخانَ الكثيف الّذي تبخّرَ في الهواء.

بعد بضعةِ أسابيع من رحيله، ما يزالُ
بالإمكان أن نشمّ في كلّ مكان وعبر كلّ مكان
رائحة الكولونيا الحرّيفة، شاهدةً على غيابه.

اعتادت أمّي أن تغزل ثوباً كلّ اثنين،
تدرسُ الإنجيل كلّ ثلاثاء، وفي باقي الأيّام
تظلُّ جالسةً في الظّلام مع ضوء التّلفزة المُرتعش
الّذي يعكس وحدَتها الهائلة أحياناً.

في هذه البلاد، كان يمكنه الرحيل. لونُه الداكن
لم يكن على ذوقِها، وزنُ حُبِّهِ قصَمَ ظهرَهُ. لكن آهٍ،
ماذا لو حصلَ ذلك في "أكرا"؟

***

أعرفُ الطريق
إسماعيل سافادوغو (ساحل العاج)

أعرفُ الطريق
الأكثرَ وضوحاً من النّهار،
أعرف طريقَ الأمس
وطريق اليوم.
لكن ما من ذاكرةٍ
في الأنحاء الظّاهرة.
[...]
أكتُبُ فقط جُمَلاً
خارجةً من ليلٍ أسود
وصَعب،
وأرى كلَّ ما يحجبُه الظلُّ
ما إن يطلع النهار.

***

دجيبوتي ما قبل الأخضر (مقطع)
تيرنو مونينيمبو (غينيا كوناكري)

أن تحلمَ بدجيبوتي
فيهربُ الجسدُ الملتئمُ
من السّياج
في قلبِ الصّدع
على شفَا الهاوية
هناك، سياجٌ آخر
شائكٌ وصاعق
مرشوشٌ بحليبِ الشمس
سجّادُ الخرابِ الرقيق
وحوشُ البازَلت
تجري في الدّم القاني
لأقدمِ العصور
أن تتخيّلَ دجيبوتي
قوافيها
وفُوَهاتِ براكينها
مقاعدَ مدارسها
ومداخنَها الرّيفية اللامعة
المصنوعةِ من الجير
أن تُفاجِئَ دجيبوتي
من طريقِ الرّعاة القديم
أي من طريق "بقرة مارسو"
حيث تزحفُ الأفاعي الشريرة
والفِيلةُ المعتدّةُ بنفسها
وحيثُ ما يزال بالإمكان
أن تقتفي الآثارَ المجنونة
لرجلٍ بنِعالٍ من ريح
[...]
ثمّ أيضاً، تُمسكُ الثّور
من قرنيه
وتهزُّ القبائلَ والعشائر
وتجمعُ محصوليَ الكامل
من الأغصان والنّجوم
أن تحفظَ عن ظهرِ قلبٍ
لياليَ إفريقيا الطويلة
اللّزجةَ
اللّزجة
مثل أجنّةٍ غير مرغوبٍ فيها
مثل أدمغةِ أسلافنا.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.