}

ستُّ قصائد إفريقية

12 يونيو 2018
ترجمات ستُّ قصائد إفريقية
من الرسومات الكوبية الافريقية

أقرأ "مرايا"

ليوبولد سيدار سنغور (السنيغال)

 

 

أقرأ "مرايا". هل هي روايةٌ، قصيدة أم مأساة؟ لا أدري.

"مرايا" تشبه "النبع" سابقاً، كم مرّ على ذلك من سنوات؟..

لكن في ماذا ستفكّر؟..من سيتعرّف عليها؟..من سيتعرّف فيها على نفسه؟..

الأمر سيّان، كلّ الأشياء متساوية وغير متساوية.

 

أنا أتعقّبكِ بالرّائحة، مثل سلوقي يُطارد ظَبي الرمال

وهو يتشمّم أريجك البرّي وصوتكِ الأجشّ وضحكتكِ

النابعة من القلب الّتي تلتهمني، فيصير الإيقاع

أكثر إلحاحاً ولهاثاً، والأغنية تصعد من عُمق أعماقي

 

في صرخة جمالكِ الصيّاد.  آه! ليس جمالك

بل هذه الأرض المشتركة الّتي تمزّقني،

وهذه المدينة مثل عطرٍ خفيّ: كلّ خَلطات دمكِ

وكلّ أحياء المدينة، تغنّي بأصواتٍ متعدّدة.

 

هذه الرواية قصيدةٌ، والقصيدة مأساة:

جمالكِ يصعقني حين أبحث عنك، عبر جسدكِ المتناغم،

في التشظّي الّذي يفتح شرياني الأبهر،

والهوية الأولى للموت نفسه والانبعاث.

 

***

 

بطاقة بريدية

فريديريك باسيري تيتينغا ( بوركينا فاسو)

 

 

بعثتَ لي بطاقة بريدية،

من المياه العذبة

والأضواء الدافئة !

هنا،

الشّمس

تترك مكانها للقمر،

والقمر يتركه للغيوم

والغيوم تتركه للّيل،

ابعث لي بطاقة بريدية !

ستبعث لي ضوءاً من تلك الليالي،

من أعماق فوهات بركان "فيزوف"؟

ستبعث لي هذا الماس

من الظّلمات،

من برودة أكواخ الثّلج !

هنا،

الشّمس

تترك مكانها للقمر،

والقمر يتركه للغيوم

والغيوم تتركه للّيل،

ابعث لي بطاقة بريدية !

 

***

 

قوّال سلالتي

 نداي كومبا دياخاتي (السينغال)

 

 

أنا قوّال سلالتي:

شاعرٌ، وشاعر جوّال

أغنّي سلالتي

بصوتٍ عال،

أغنّي دمي

الّذي يُعلن من أكون.

أنا..خشبُ الأبنوس

الّذي يستهلك النّار البطيئة

للكذب.

أنا..الحصى الأحمر

لدم أسلافنا الشّرس.

أنا الغابةُ الطّاهرة.

مملكةُ القردة الصارخة.

ولستُ زنجيّ الأحياء الفقيرة

المحشور في حفرة قذرة،

ملتصقاً بالسّخام، هناك

في المدينة الرّمادية،

الّتي تخنق، الّتي تقتُل.

أنا..من لا تعرفه:

شمسٌ بلا خِداع، ولستُ

شمعةُ نيّون مُنافقة.

أنا..ضوءُ البدر الصّافي،

المتواطئ مع مُداعبات اللّيل،

أنا الدّم الّذي يقفز

الّذي يصفنُ بنفاذِ صبر

في متاهات شراييني.

أنا من لا تعرفه.

أبصقُ على الرّوح القذرة.

وها أنا أحطّم السّلاسل

والصّمت الكاذب

الّذي قذفتَ به إليّ.

 

***

 

ما أملك

فيلي دابو سيسوكو ( مالي)

 

 

ما أملكُ، ما هو لي،

ليس الثّياب الّتي أرتديها.

آخرون يملكون ثياباً، وهي متشابهة.

ليس الكوخ الّذي يأوي لياليّ.

آخرون يملكون أكواخاً، وهي متماثلة.

ليس الطّعام الجيّد.

آخرون يطبخون ما هو ألذّ،

من كلّ الأصناف.

ليس المال. فهو يأتي ويذهب

مثل فقّاعة الصّابون.

وليس البؤس.

فهو يسحق آخرين أكثر تعاسةً منّي.

إنّ ما أملك، هو المرض:

لا أحد سيأتي ليتألّم في مكاني.

إنّه يلتهمني من الدّاخل،

يلجم ردود أفعالي ويُمكن أن

يدفعني للقيام بأفعالٍ يائسة.

ما أملك هو إيماني

الّذي يتبعني إلى القبر،

مستسلماً للنّمل الأبيض واليرقات

مُحاصَراً من كلّ الجهات

بهذا التّراب الّذي وَهبني الولادة

وإليه أنا راجع.

 

***

 

نجامينا، إشارة حدودية

كوسلي لامكو ( تشاد)

 

 

هذه المدينة اللّعينة

لا تستطيع أن تُخمد آهات

من يمارسون الحب

مجذومةٌ بأصابع داعرة

مدينةُ- الكذب حيث نتعثّر

بالرّجال- الأرانب

الّذين يعبرون النّهر

وهم يحملون معهم علبة السكّر

وفُرناً لطبخ قشرة فرسِ النهر

حين تهبُّ رياح جنوب الصّحراء القاحلة

الّتي تكتسحُ العينَ والفمَ والأنف

مدينةُ- الغبار- العمياء

بشوارعَ من شطرنج

مرصوفةٍ بأكياس بلاستيك سوداء

هنا أمام مبنى البلدية

 أكوامٌ هائلة من القمامة

تتبادل خواتم الزواج

مدينةٌ-مستقع وبحيرةٌ في الشتاء

تغرق من أوّل قطرة مطر

حيث لا نرى أقدامنا في الماء

تربةٌ مدكوكة ومُحتلّون

ويجب أن تحمل خُفّاً فوق الرأس

لعبور الأزقة والتِرع

وتنتعل سروالك فوق التلال

قبل أن تغطس في صخبِ "دار العجزة".

 

***

 

الساقطون

 أديل بارّي  (النيجر)

 

 

 

أن يُصلّي الإمام

أن يصوم الكاهن

أو ينام المُلحد

ما أهميّة ذلك

كلّ واحدٍ يرى ربَّه في السماء

يتحدّث معه في صمت

يصرخُ له بآلامه

احتفظوا بما تؤمنون في أنفسكم

وأحبّوا غُفرانكم

في المدافن، أنتم غُبار

 

وماذا بعد؟

كادجاتو شيالونج يونج

أتغذّى بأُكلةِ المافي

وأتعشّى بالسوشي

عيونٌ مفرومة

وأنفٌ كبير

رشّةُ ملحٍ فوق هويّتي

يا للحظّ !

 

يبدو أنّ باريس هي الأزمة

وفرنسا مُفلسة

هاه، لنحزم حقائبنا

يبدو أنّ الجنّة هناك

 

الشتاء يستمرّ ستّة أشهر،

ما أهميّة ذلك

هنا تدومُ الخمسون درجة إلى الأبد

يبدو أنّ هناك تأميناً عن المرض

في العالم الآخر

هاه، نحن لا نهتمّ بإيبولا أو بالأيدز

هنا المستشفى هو المَشرحة

والمشرحة هي المستودع

 

رأيتُ أخي يعرض زوجته

ليدفع ثمنَ العبور

رأيت أختي تمنح نفسها لمجهولٍ

رأيت اغتصاباً بالتّراضي

هروباً من الفقر

 

الصوتُ المحرِّرُ

ماتَ

ومنذ ذلك الحين،

أنا ألعنُ لغةَ الصّمت.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.