}

نعومي ريبلانسكي في عيدها المئة

5 يونيو 2018

عن عدم الكتابة

بلسانٍ معقود، أقف أمام
ذاتي مثل محقق.

لقد أحببتُ أن أحدّد الوقت
بخفقة، بقصيدة.

لكن الوقت حددني بإبهامه،
وأبطأ رقّاص الساعة.

أبطأه، أو أوقفه:
الكلمات بُترت، الكلمات أُسقِطت ــــــــــــ

لا فائدة من اختراع
الحجج أو أدلّة البراءة.

الآن، بغرابةٍ، ما أزال أتنفس
جيدًا رغم تجاوزي التسعين.

ما بدأ قد شارف على الانتهاء،
لكن ما يزال عليّ أن أستمر بالتفكير

كلما بحثتُ أكثر،
كتبتُ أقلّ،

حتى يجلب الوقت
كزازهُ الحجري.

ربة الشعر العنيدة

الشاعر (راكعًا بتصنّع):
أتوسل إليكِ، موحيتي، تعالي، تعالي وخلّصيني!
لقد كنتِ تحضرين في أي وقت، وتأتين بدون سبب.
الآن، وبالرغم من أن عَرَق الموت يقف على جبهتي،
لا أغنية سوف تتمايل.

ربة الشعر:
أنا لا أنصت للصلوات ولا للعتاب.
بل أبارك هؤلاء الذين يحترقون، لكن يجب ألا يحترقوا فقط لأجلي.
حرّك عاطفتك في اتجاه آخر. ثم، وعندما يكون أقلّ ما تتذكره
هو لمستي، عندها قد ألمسك.

الغريب

وحيدٌ وأعزل
وليس ثمة من مركبٍ لخيلائه.
لعنتهُ قيلت، لكن لا شيء يرتجف.
ومجده مثل المطر يسقط عبر المزاريب.

يمسك به الضحك ويظلُّ صامتًا.
يهزّهُ الحزن، فيخفيه في نظرة.
وحيث يمرّ لا يستطيع أن يغيّر شيئًا
بالرغم من أنه يمشي حافي القدمين عبر الأحداث الشائكة.

غرفة، بحر، شارع، حرب،
تجتمع في داخله وتقوّيه ليقول كلامًا
أكثر غنىً من هذا، ولكن من سيسمعهُ؟
أوه! من سيعرفه عبر عريه؟

لقاءٌ مع عزلتي

التقيتُ بعزلتي. وقف كلانا واضحين.
لم أستطع إلا أن أرتجف، وأنا أقابلها وجهًا لوجه.
وهي تقول لي، وأستمعُ برأسٍ محنّي:
"لقد أرسلتِني للمنفى والخزي،

"أنا التي كنتُ أخلص أصدقائكِ، صرتُ أكثر من تخليتي عنه،
منسيّةً صرتُ في القلب، في الحمّام، في الكتب، وفي السرير.
ولغيري أعطيتِ العطايا التي أهديتُها لكِ،
واحتضنتِ أحدًا آخر بدلًا عنّي.

"بالرغم من أننا نلتقي الآن، لم يكن هذا من اختيارك.
لم تتمكني من خداعي. ولا أسامحك.
أنا أقلُّ لطفًا، لكن هل عاملتني أنتِ بلطف؟
في سلامٍ محصّنٍ، لنعش منذ الآن".

هكذا اتهمتني عزلتي البائسة المجروحة.
لم يبق إلا القليل من الوفاق فيما بيننا.
وأنا أجبتها: "كيف يمكن لنا أن نبقى معًا،
أنت بغيرتكِ مني، وأنا بالدمار الذي صنعتُه بسببك؟

"بسببكِ، أنتِ التي كنتِ معيلتي الطيبة،
مغذيتي السرية، وملكي وحدي.
القوة التي علّمتِها لي يجب أن أستخدمها ضدّكِ،
والآن بكلّ قوتي أتمنى أن ترحلي".

بعد ذلك، عدوتي هذه، لكن ملاكي كذلك،
قالت بصوتها القاسي الذي كان يومًا حلوًا:
"سوف أعود مرة أخرى، وفي كل مرة بشكل أقلّ جمالًا،
ولسوف أبدو كالموت عندما نلتقي للمرة الأخيرة".

ميراث

"خمسة دولارات، أربعة دولارات، ثلاثة دولارات، دولاران،
دولار واحد، ولا شيء، وما الذي سنفعله؟"

هذا هو القلق الذي لم يُقل قط
لكن مرّ كثيرًا في رأس أمي

وظهر جليًّا في تكشيرة والدي
لدرجة أنها لنا، نحن الأطفال، هبطتْ لأسفل.

هبطتْ مثل السخام، مثل الثلج،
في حيّ برونكس المرمي الأحلام، في الماضي البعيد.

لقد تخلصتُ منها بهزّة من الرأس.
نطّطتُ كرتي، أكلت الخبز الساخن،

تزحلقتُ إلى أسفل التلة الكثيرة الانحدار.
لكن كان يجب عليّ أن أستمع، رغمًا عنّي:

عندما تهبّ الريح بشكل خاطئ، يمكن أن أسمعها اليوم.
عندها يتوقف قلق أمي عن الدوران.

ثم، وكما لو أنها في مكانها الصحيح،
تكشيرة أبي تقسم وجهي.

أزمة سكن

لطالما حاولت أن أعيش في مساحة صغيرة.
شغلتُ سريرًا ضيقًا.
طويت مرفقيّ إلى جانبيّ.
حاولتُ أن أخطو خطواتي بحذر
وأن أفكر بهدوء
وآخذ أنفاسًا غير عميقة
في حصتي من الهواء
وألا أزعج أحدًا.

لكن انظر كيف تمددتُ دون أن أستطيع منع ذلك.
أخذتُ لنفسي أكثر وأكثر، دون أن آخذ شيئًا
لا أحتاجه، لكن حاجاتي نمت كالأعشاب الضارّة،
في كل الأنحاء وراحت تتمدّد،
فحشوتُ هذا المكان بكل عدّة العيش.
هذه التي تتعثر بها أنتَ يوميًا.

ومن ثم أخذت رئتاي امتلاءهما.
فلهثتَ أنت في طلب الهواء.

اعذرني لأني أعيش،
لكن، بما أني أعيش،
حين أُعطى إنشاتٍ، سآخذ ياردات،
وحين آخذ ياردات، سأحلم بأميال
ومساحاتٍ بلا حدود
واسعة بلا قيد.
وأنتَ كذلك تحلم بالمثل.

الشعرات الشائبة

الشعرات الشائبة
تزاحم الشعر الأسود.
ولا واحدة منها
تجلب لي الحكمة.

التجاعيد
لا تقدم لي درعًا.
ما أزال أرتجف
لسهامِ أيّ أحد.

أغنية مدوّرة

...عندما تغادر تلك البهجة إلى الأبد
أحرّك ذراعيّ تحت الدم.

عندما يتحرك دمي باضطراب
أخيط ملابس طفل.

عندما لا يكون ذلك الطفل قد ولد
أتكئ بصدري إلى شوكة.

عندما لا تجلبُ الشوكة أيّ تنفيس
أنهضُ وأعيش، أنهضُ وأعيش.

عندما أعيش من يدٍ ليد
أقف عاريةً في السوق.

عندما أقف ولا أباع
أصنع نارًا في مواجهة البرد.

عندما لا يدمرني البرد
أقفزُ من الفخ على بهجتي...

*نعومي ريبلانسكي: شاعرة من نيويورك، رُشحت لجائزة الكتاب الوطنية، من مواليد عام 1918 وصادف عيد ميلادها المئة يوم 23 أيار/ مايو 2018.

* ترجمة سارة حبيب . 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.