}

برواية عن فساد السلطة:بولبي يفوز بجائزة ألفاجوارا

أحمد عبد اللطيف 8 فبراير 2018
تغطيات برواية عن فساد السلطة:بولبي يفوز بجائزة ألفاجوارا
خورخي ولبي

على عكس التوقعات، لم يخفت الأدب اللاتيني بعد تيار الواقعية السحرية، ولكنه بحث لنفسه عن طرق أخرى. إنها حالة تشبه الوصول إلى القمة، ثم البحث مجددًا عن قمم أخرى، أو حتى النزول إلى السفح. لذلك ربما لم يستوعب قراء الأدب التغيرات التي يجب أن تطرأ على هذا الأدب، وانتظروا من الأجيال التالية لجيل "البووم" أن يسيروا على منهجهم، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث، إذ سر بقاء الأدب هو التجديد والمخالفة. لكن الحقيقة أيضًا أن فكرة جيل كامل من الكُتّاب لم يعد حال الكتابة اللاتينية إلا في الخمس سنوات الأخيرة ربما، قبل ذلك كان ثمة كُتّاب فرادى في كل بلد يكتب كل منهم على طريقته، من دون أن يكون هناك ثمة تواصل أسلوبي أو مضموني بينهم، فيما عدا أعمال تناولت مآسي الديكتاتورية في الأرجنتين مثلًا، أو روايات تناولت المخدرات في المكسيك. لكن ذلك كان يحدث أيضًا بشكل فردي، إذ باتت الفردانية هي المنهج العالمي العام. مع ذلك، في السنوات الأخيرة ظهر جيل أميركي لاتيني لا يجمعه السؤال الكبير بقدر ما يجمعه الاقتراب العمري والقضايا الواقعية لكن باستفادة كبيرة من الآباء والأجداد المؤسسين، بحيث لم تعد القضية الواقعية إلا مجرد إطار عام للرواية أو خلفية بعيدة للأحداث، من بينهم باتريثيو برون وأندريس نيومان وماريانا إنريكيث. وفي المكسيك تحديدًا برز جيل (من مواليد 1961 حتى 69) أُطلق عليه "الكراك"، ولعل أبرز كُتّابه إجناثيو بادييا وبدرو أنخل بالو، وبالطبع، خورخي بولبي الفائز منذ عدة أيام بجائزة ألفاجوارا المرموقة عن رواية بعنوان "رواية جريمة".

الرواية الفائزة

 يتجنب بولبي (مكسيكو سيتي، 1968) في أدبه الواقع المباشر، أو الهروب منه بطرق فنية. مع ذلك، اختار لروايته الجديدة حالة واقعية، وهي حالة إسرائيل فايارت وفلورنس كاسيه، وكانا زوجين متهمين بالخطف في المكسيك عام 2005، ومن خلالها يسرد "رواية جريمة".  يرتب بولبي الأحداث التي هزت المكسيك وأثارت أزمة دبلوماسية بين حكومة فليبي كالديرون المكسيكية وحكومة نيكولاس ساركوزي الفرنسية، مستبعدًا الخيال تمامًا من العمل، بحسب ما أشار المؤلف لجريدة "الباييس" الإسبانية، ليتناول الضغوط الفرنسية التي قادت لإطلاق سراح فلورنس كاسيه، بعد ثماني سنوات من السجن، لكن مع استمرار حبس فايارتا أحد عشر عامًا من دون محاكمة. بهذه الرواية، ينضم بولبي إلى خابيير ثيركاس وإيمانويل كاريريه وترومان كابوتي، الذين استخدموا من قبله أدوات سرد تقليدية ليرووا أحداثًا معروفة، مستبعدين الخيال إلا لملء فراغات غامضة. الفارق الوحيد، بحسب المؤلف، أن كابوتي وميلر يثقان في أنظمتهم القضائية، فيما أكد الكاتب المكسيكي أن تحديه الأكبر كان ألا يثق فيه أحد، وأن يستخلص القارئ الخلاصات التي يراها مناسبة.

الحدث الحقيقي

أذاع التلفزيون المكسيكي "تيلبيسيبا" و"تي في أثتيكا" مباشرة عملية اقتحام الشرطة وإلقاء القبض على إسرائيل وفلورنس وإنقاذ ثلاثة مخطوفين، وبعد عدة أيام اتضح أنه مونتاج قامت به الشرطة ومحررو القنوات، وأن الزوجين قد ألقي القبض عليهما قبل ذلك بيوم. مع ذلك، لم تمنع هذه المسرحية الإعلامية/الشرطية أن يدان الزوجان. اللافت أن القضية سارت بشكل غريب: الشهود لم يكونوا في مسرح الجريمة، والشهادات كانت زورًا وتمت تحت التهديد والتعذيب.

يذكر بولبي أنه كرس ثلاث سنوات ليطلع على كل ما يخص القضية، قرأ عشرة آلاف صفحة ليجهز روايته التي تنطلق من عام 2005، ومنذ هذا التاريخ انحدرت المكسيك انحدارًا ملحوظًا، إذ كان الشاغل الأكبر للأمن في تلك الفترة هو حوادث الاختطاف، لكن بعد ذلك بعام بدأ كالديرون الحرب على تجارة المخدرات، وخلال 12 عامًا أسفر الوضع عن آلاف القتلى والمختفين، أعداد تساوي حربًا أهلية، بحسب ما أشارت "الباييس".

حيثيات لجنة التحكيم

قرأ الفيلسوف والروائي الإسباني فرناندو ساباتير، رئيس لجنة التحكيم، حيثيات الفوز قائلًا: "لقد استطاع المؤلف أن يقوّض كل المتفق عليه في السرد الروائي، ليضع القارئ والواقع واجهًا لوجه، من دون وسطاء. وفي هذه الحكاية، يقوم الراوي فحسب بدور العين التي تراقب الأحداث وترتبها، ونظرته هي السؤال من دون إجابات، فقط الحيرة أمام الواقع".

تشكلت لجنة التحكيم من الكاتبين ماتياس إنارد وسيرخيو دل مولينو، والسينمائية البيروفية كلاوديا يوسا، والمكتبي المكسيكي إميليو أتشار، ومحررة دار ألفاجوارا بيلار رييس.

جيل "الكراك"

يعتبر خورخي بولبي، وهو دبلوماسي وكاتب وناشط ثقافي، أحد أبرز الأسماء السردية المجددة في البانوراما الأدبية المكسيكية في العقود الأخيرة. وبجانب إغناثيو بادييا وأنخل بالو وإلوي أرّوث كوّن ما يسمى بجيل "الكراك". لقد تصدى هذا الجيل للفراغ الذي حدث في المشهد الأدبي اللاتيني ما بعد البووم، ولا يزال يقدم الجديد دون توقف، وكانوا من دعاة الحرية والعودة إلى استخدام المفاجأة كعنصر سردي لا غنى عنه. كما أنهم اعتنوا بالحبكة السردية والحكاية والتعمق النفسي وبعث شخصيات تاريخية في أعمالهم.

بالنسبة لـ بولبي، فقد حصل على الليسانس في الحقوق ثم الدكتوراه في اللغة الإسبانية، في باريس قام بعمله كملحق ثقافي للمكسيك، وخلال أربع سنوات تولى رئاسة المهرجان العالمي الثيربانتي، وتولى العام الماضي مهمة إدارة النشاط الثقافي بجامعة أونام المكسيكية، أكبر جامعات القارة اللاتينية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.