}

أدب المهاجرين الإيطالي: الأصوات النسائية 2

يوسف وقاص 23 يونيو 2017
تغطيات أدب المهاجرين الإيطالي: الأصوات النسائية 2
لوحة الفنانة المصرية شيماء عزيز

 

3. الكاتبات من الجيل الثاني

كاتبات الجيل الثاني يمتلكن تقريباً نفس خصائص الكاتبات اللواتي ينحدرن من المستعمرات السابقة، في نفس الوقت، يختلفن عن الكتّاب المهاجرين الأوائل، من الذكور ومن الإناث، لأن الإيطالية بالنسبة لهنّ هي لغة أم ثانية، تلك التي تتكلمها العائلة أو التي تعلّموها في بلد المنشأ. وإذا كانت كاتبات ما بعد الكولونيالية قد درسن اللغة الإيطالية في مدارس إيطالية في أفريقيا، فالكاتبات من الجيل الثاني درسنها في إيطاليا، ويمكن القول إنها كانت اللغة المكتوبة الأولى بالنسبة لهنّ.

إلا أن هؤلاء، يتساءلن أكثر من الأخريات حول هويتهنّ المعلقة بين ثقافتين، وحول العلاقة الإشكالية مع بلد المنشأ، كما تفعل مثلاً الهندية غابرييللا كوروفيللا (من مواليد ميلانو 1969، نشرت في البداية أعمالها بالاسم المستعار فيولا شاندرا) وليلي – أمبر ليلى وديع. بالنسبة لغابرييللا، التي ولدت من أم إيطالية وأب هندي، ولكنها ترعرعت في ميلانو، الصعوبة تكمن دائماً في صلب انعدام علاقة مباشرة مع الهند، التي عرفتها فقط عن طريق حكايات أبيها. تقول غابرييللا بهذا الصدد: "وصلت إلى الهند كسائحة واكتشفت أن الصورة التي كونتها في خيالي عن "بلدي"، لا تشابه تلك الموجودة في الواقع!". بالنسبة لها، معضلة المهاجرين من الجيل الثاني تكمن في نسف الرابط الثقافي مع بلد المنشأ.

بينما ليللي – أمبر ليلى وديع، التي ولدت في بومباي ووصلت إلى البندقية لتدرس وهي في العشرين من العمر، تعيش وتعمل في تريستا، ومنذ بعض الوقت تكرّس معظم وقتها للكتابة، راسمة بالكلمات، بطريقة مرحة وساخرة، تجربة سلخ الجذور من أرض المنشأ التي عاشتها شخصياً، كما في روايتها الأولى "صديقات في المصير" (منشورات شرق وغرب/ روما 2007). في هذه الرواية، تعالج الكاتبة، بنظرة واقعية وثاقبة، وضع عائلة مهاجرة منذ فترة قصيرة إلى إيطاليا، عبر عيون امرأة هندية شابة حيث توثّق، بسخرية وببراءة مزيفة، سلسلة لا متناهية من الصور النمطية والأحكام المسبقة.

 وعن طريق وصف مواقف عنصرية واضحة، تستطيع المؤلفة أن ترغم القارئ على الابتسام، محافظة دائماً على ذلك التوازن الهشّ ما بين الشكوى، السخط والفكاهة. مثال آخر هو الشابة لبنى حندو، التي وصلت إلى إيطاليا وعمرها خمس سنوات، حيث تروي في كتاباتها الصراع الشخصي بين عالمين، المغرب وإيطاليا، بأحكامهما وتقاليدهما المختلفة تماماً، وتقول إنها اكتشفت، من خلال الكتابة، بعدها الخاص، أو بالأحرى عالمها "الثالث".

وسمية عبد القادر التي ولدت في بيروجيا عام 1978، فلسطينية – أردنية، مجازة في علم البيولوجيا، وهي في طريقها لنيل إجازة أخرى في اللغات والآداب الأجنبية. تتعاون مع عدة جامعات إيطالية وتلقي محاضرات حول العالم العربي والإسلامي، حول المهاجرين والتعددية الثقافية. سمية تكتب أيضاً في المجلة الأسبوعية "فيتا – حياة" وفي ملحقها الأسبوعي "يالاّ إيطاليا"، وروايتها “أنا مُحجّبة وأعشق كوين(3)"، أثارت ردود فعل مختلفة، ابتداء من العنوان الذي يبدو، بغض النظر عن المفارقة التي يحملها، وكأنه تحدّ للقرّاء، للقارئ الغربي تحديداً. تقول سمية عن هذا الاختيار في إحدى المقابلات الصحافية: " يجب الأخذ بالاعتبار أن أيّ شخص هو حصيلة تجاربه، ويمكن أن يكون في نفس الوقت مسلماً وغربياً، ربّما بطريقة مغايرة للمألوف، في الحدود التي نختارها لكي نعيش بهويتين. القوانين والدستور الإيطالي لا يتناقضان مع ذاك الإسلامي. يمكن أن تكون هنالك اختلافات في بعض الجوانب، في العادات، في أسلوب الحياة الخاصة، التي هي على أي حال نتيجة اختيار (ضمن حدود الحرّية والقانون) وتعبير لتقاليد معينة. المستوى الديني والمستوى المدني هما مستويان مختلفان. لا يمكن سؤال شخص فيما إذا كان إيطالياً أكثر أم مسلماً. في أقصى الحالات، يمكن السؤال فيما إذا كان الشخص عربياً أكثر أم إيطالياً، وإذا كان أكثر قرباً من المسيحية أم من الإسلام. بالتالي يمكن للمرء أن يكون مسلماً – إيطالياً – أوروبياً، أو بالأحرى، مسلمين – إيطاليين – أوروبيين جددا (أقصد بالجدد، الوعي الجديد من الهوية الخاصة، معبّراً عنها طبعاً كجزء من السياق المدني الجديد) دون تناقضات، ولكن كتعبير عن الاختيار. يُذكر أن سمية عبد القادر نجحت في انتخابات عام 2016 عن الحزب الديمقراطي اليساري وهي الآن عضوة في مجلس بلدية ميلانو ونائبة رئيس لجنة شؤون التربية والتعليم والأبحاث الجامعية في المجلس.

وتضيف بنبرة جدالية، عندما ينتقل السؤال حول ضياع الجيل الثاني من أبناء المهاجرين: "لا داعي لأن يأتي أحد ما ويقول بأننا ضائعون. نعم، نحن حتماً ضائعون. في البلد الذي تولدين وتكبرين فيه يخلق لك ألف مشكلة، وبلد المنشأ بنفس القدر وأكثر. بالنتيجة، يقذفون بك من جانب إلى آخر ولا أحد يعترف بك. نحن بحق أولاد لا نعرف مَنْ. من جهة هنالك الإيطاليون (أولئك الذين يُفترض أنهم مواطنوك)، الذين يبادرونك بنفس الأسئلة، مثلاً فيما إذا كنا نملك شعراً تحت الحجاب وكيف نمارس الجنس ونحن نرتدي كل هذه الثياب؟ ومن جهة أخرى، هنالك الأقارب، أو العرب بشكل عام، الذين يهاجمونك لأنك "أصبحت غربية كثيراً". أذكر عندما سألني واحد من أعمامي الأربعة عشر: "هل انتبهت إلى أنك في طريقك لأن تصبحي مثلهم؟" مثلهم من؟ ثم، واتتني الفكرة. آه، نعم، مثلهم ... هم ... يا عمي العزيز، لو تعرف أنهم يتهمونني بأنني مثلكم! [...] صديقاتي، أولئك اللواتي يشبهنني. يقارنون وضعنا بوضع العشاق. تحبين الشريك الرسمي وذاك غير الرسمي: أنت تريدين أن يبقوا معك دائماً، أن يكونوا جزءاً منك، ولكن كل واحد ينتظر أن تكوني مُلْكَهُ فقط وأن تكوني مثلما يرغب. من الصعوبة إرضاء الطرفين. يجب أن تعبُري من هذا إلى ذاك، أن تنشطري إلى قسمين ومن ثم تفقديهما معاً. ولكن أنا أفضل صورة أخرى، صورة الأم والأب. تحبين الاثنين وتكتسبين شخصيتك من كليهما، وليس من الضروري أن تختاري بين الاثنين. كلاهما يحبّانك ويتقبّلانك كما أنت، دون أن تخافي من فقدانهما. في هذا الوضع الغارق في الفوضى من السهل الشعور بالضياع، خداع نفسك والآخرين والظهور عكس ما ترغبين".

"وأنت تحلم فلسطين" لرندة غازي، رواية صدرت عام (2001)، وهي قصة مهداة لمحمد البالغ من العمر خمسة عشر عاماً، مات بلا سبب، ولكن بشجاعة.

 في قصة تجمع ما بين الحرب والصداقة والحب، تروي المؤلفة لقاء مجموعة من الشبان والشابات الذين يجدون أنفسهم مضطرين للعيش معا في أرض مزّقتها الحروب. المؤلفة لا تخفي أبداً أفكارها ومشاعرها حول القضية الأصل، وهو ما يمنح زخماً أكبر لمسار الرواية. الشغف والإصرار والأمل كلها تزهر حتى عندما يبدو وكأن أي جهد أصبح عقيماً. مجموعة الأصدقاء، رغم الوضع السيئ الذي يعيشون فيه، يتمكنون من اقتسام لحظات من الطمأنينة والصداقة. يتضامنون ويشجّعون بعضهم البعض، ورغم مآسي الحرب، يتمكنون من رسم ابتسامة على شفاههم أمام منظر مضحك أو غريب: ربما لكي يتفادوا البكاء أو الوقوع في أحضان اليأس بعد أن فقدوا جميعهم أهلهم وذويهم. أبطالها هم إبراهيم، ريهام، جهاد، نضال، رامي ومحمد، مجاز لأسماء أخرى كثيرة عانت ولا تزال تعاني على امتداد وطننا الكبير من بطش الاستبداد ومن وحشية الاحتلال. "وأنت تحلم فلسطين"، كتاب يمكن قراءته بلهفة، بسيط في عباراته ولكنه قوي بشغفه وتعلّقه بالأرض. تقول الناقدة غراتسيا كازاغراندي: "ما صدمني أكثر من أي شيء أنه في هذه القصة، رغم كل المخاطر، الصداقة تطغى على المشهد وتثير المرح. هذا الكتاب يستحق القراءة بحقّ، لأنه علامة تنذر بالقلق لما يمثله اليوم ذلك العالم الذي يكابد كثيراً، ولكنه مفعم بالكرامة التي هي فلسطين وشعبها".

  

4. كاتبات من أوروبا الشرقية

ثم هنالك كاتبات قادمات من أوروبا، أوروبا الشرقية تحديداً. هؤلاء بدأن ينشرن نصوصهنّ الأدبية باللغة الإيطالية في النصف الثاني من التسعينيات، والقسم الأكبر منهن كنّ قد وصلن خلال تلك الحقبة مع تدفق موجات المهاجرين التي تلت سقوط الديكتاتوريات في رومانيا وألبانيا، وفيما بعد، أثناء الحرب الأهلية في يوغسلافيا. هنا نعثر على أدب شهودي عن انهيارات الأنظمة، حروب البلقان والتغييرات الديمغرافية والسياسية العاصفة التي حلّت بتلك البلدان. فنجد هنالك نصوصاً أوتوبيوغرافية، مثل كتابات هيلينا يانزيك، التي ولدت في ميونخ من أبوين بولونيين، والنمساوية هيلغا شنايدر. من ناحية أخرى، يمكن اعتبار السلوفاكية يارميلا أوجكويوفا (براتيسلافا 1955)، التي تقيم في إيطاليا منذ عام 1974، واحدة من أكثر الكاتبات نضوجاً في الجيل الذي بزغ إلى الوجود في التسعينيات. فخلال سنوات قليلة، نشرت أوجكويوفا ثلاث روايات: "ستأتي الحياة وستمتلك عينيك" (1995)، "ما هو جوهري وغير مرئي للعيون" (1997)، و"لحن جنائزي لثلاثة آباء" (1998)، وكلها لاقت رواجاً وترحيباً كبيراً من قبل النقاد.

أوجكويوفا تملك أسلوباً خاصاً يتّصف بعناصر خرافية ورمزية، والعنصران الأخيران غالباً ما يرتبطان بالأشجار وبالجذور، مجاز لانتماء لا مفر منه للهجرة. ولمعرفة كم هو مهمّ هذا الموضوع للكاتبة، يمكن أن نتبين ذلك في "انتبه من بينوكيو" (2006)، وهي إعادة كتابة لحكاية كارلو كولّودي الشهيرة "بينوكيو: قصة دمية متحركة".

"بعد خمسين عاماً من حياتي التي عشتها في إيطاليا – تقول أوجكويوفا – أحسّ الآن أكثر من أي وقت مضى بأنني أجنبية، والأجنبي يعيش في هذا البلد في خيبة أمل ساحقة من اللا مبالاة". بينما بالنسبة لليونانية هيلين باراسكيفا، مؤلفة المجموعة القصصية الساخرة "مقياس التراجيديا وقصص أخرى (2003)، والرواية البوليسية "البيضة الكونية" (2006)، الفكاهة والسخرية تعتبران مقاربة مزدوجة لفهم الحياة التي يعيشها المهاجرون بعيداً عن أوطانهم، وتخفيف وطأة الغربة التي يرزحون تحتها عبر التهكم بالذات وبالبيئة التي تحيط بهم، حتى لو كان لاذعاً في بعض الأحيان.

أما أورنيلا فوربسي (تيرانا 1968)، فهي تشكل بحقّ حادثاً فضولياً، لأنها بعد أن عاشت ستة أعوام في إيطاليا، انتقلت إلى فرنسا، ولكنها لا تزال تكتب بالإيطالية. في الرواية ذات الطابع الأوتوبيوغرافي، "البلد حيث لا يموت أحد أبدا"، فوربسي تركّز على الوضع النسائي في ألبانيا وتكشف القناع عن عُنْصُرَيْ التعسّف اللذين تعاني منهما النساء: المجتمع الوصائي والحزب. تفعل ذلك وهي تندّد بالتعايش الواقع بين العقلية الذكورية ونظام يَدّعي أنه يضمن المساواة، ولكنه يترك بلا أي تغيير جوانب كثيرة من الوضع النسائي.

بينما الموضوع الأساسي لروايتها الأخيرة، "اليد التي لا تعضّ" (2007)، هو رحلة إلى سراييفو حيث تتشظى إلى رحلات قصيرة في ذاكرة بطلة الرواية، ألبانية تمّ ترحيلها من البلد الذي كانت تقيم فيه، وتشعر بأنها ضائعة حتى في تلك البقعة من البلقان التي تحمل كثيراً من أوجه التشابه مع موطنها الأصلي.

من جانب آخر، وهي نقطة أخرى مهمة، وتشبه إلى حدّ ما نتاج الكاتبات السوريات اللواتي وصلن حديثاً إلى البقاع الأوروبية، نجد أن نصوص الكاتبات اللواتي وصلن من يوغسلافيا السابقة، تميزت منذ البداية بسرد أوتوبيوغرافي، وبالأخص القادمات من كرواتيا، ونذكر منهن: فيرا سلافن مؤلفة رواية "البحث بيأس عن ديدالوس" (1997 إصدار)، وفيسنا ستاني "جزيرة الحجر" (2000)، وسارة زوهرة لوكانيتش، (من مواليد سبليت 1960)، التي كشفت عن موهبة كبيرة في الشعر وفي القصّ. في عام 2007، صدرت روايتها الأولى بعنوان "دروس سلمى". والدروس التي تذكرها الكاتبة في هذه الرواية، تقوم بها امرأة حيث، بعد أن أرغمت على الإقامة الجبرية في منزلها الخاضع لحراسة جنود صرب في سراييفو المحاصرة، ترفض قانون البغض، بل تقابله بالترحاب، محتفظة بالحوار مع أولئك الذين تحولوا فجأة، وبلا إرادتهم، إلى "أعداء".

الرواية هي قصة حبّ عميقة حيث تظهر كيف أن الحرب يمكن أن تقلب حياة الأشخاص رأساً على عقب وتفجّر أحاسيس غير منتظرة، غالباً ما تكون عدوانية وشرسة إلى حدّ اليأس.

تقول سارة في إحدى قصائدها بعنوان "مدينتي روما":

السادة يسيرون على الحصى اللامعة والناعمة، وأنا أدوس على الأرض الترابية لحقلنا.

السادة يحملون المظلات الملوّنة عندما تمطر، وأنا أغسل وجهي بالمطر القذر.

السادة يرمون نفاياتهم في أكياس زرقاء، وأنا وشقيقتي نبتدع منها أشياء مفيدة.

السادة يملكون وجوهاً تعكس أفكاراً شنيعة، وأنا أبتسم للغروب حافية القدمين.

السادة ينظرون إليّ بارتياب في الحافلة التي تغصّ بالناس، وأنا أغني لهم كيف أن الحياة بسيطة.

هنا، لابد أيضاً أن نذكر صوتين نسائيين آخرين من رومانيا: إنغريد بياتريس كومان (مواليد 1971)، التي وصلت إلى إيطاليا وعمرها 23 عاماً، لكي تكرّس معظم حياتها تقريباً للأدب، مؤلفة "مدينة الأقحوان"، وهي رواية تجري أحداثها في أفغانستان، قصة عنف وتمرد نسائي ضد مآسي الحرب. بينما "مذاق الأرض" لفاليريا موكاناشو (مواليد 1959) تنتمي إلى الكتابة الأوتوبيوغرافية، حيث تروي طفولتها في قرية أثناء الحقبة الشيوعية في رومانيا. فاليريا موكاناشو، التي تنحدر من بلدة صغيرة في وادي نهر مولدافا، تعيش في تورينو منذ عام 2000. في هذه الرواية، التي تعتبرها عربون حبّ لأرضها، يوجد وصف رائع لطفولتها القروية، مع إعادة بناء دقيق للمشاهد، للشخصيات، ولإيقاع الحياة في قرية رومانية في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. تقول في إحدى المقابلات: "حتى ولو كان أوتوبيوغرافيا، كتابي يصف حياة أشخاص كثيرين، لأنك لا تستطيع أن تقيّم نفسك دون أن تقارنها بالآخرين".

أخيراً، هنالك رواية "أريد زوجاً إيطالياً" للأوكرانية مارينا سورينا (من مواليد جاركوف 1973)، التي أرادت المؤلفة من خلالها تبديد الصورة النمطية الشائعة بأن نساء أوروبا الشرقية هنّ غالباً ساحرات جشعات جاهزات لإغراء الرجل الإيطالي من أجل الحصول على الإقامة والاستقرار، أو بالأحرى السطو على أمواله. الرواية تحتوي على مقارنات مثيرة بين المجتمع الأوكراني والمجتمع الإيطالي التي تصلها المؤلفة مّحمّلة بالآمال وسرعان ما تصطدم بواقع مرير.

في النهاية، أودّ أن أذكّر أن هذه النصوص، التي لم أتطرق كثيراً إلى جوانبها الفنية، تعتبر على كل حال مساهمة كبيرة من هؤلاء الكاتبات لتقديم أدب جديد هو، في المحصلة، مزيج من ثقافات وتقاليد بلدان مختلفة تشمل جميع القارات تقريباً. "بالطبع نحن بحاجة إليها لنفهم المشاكل والأحكام المسبقة التي يواجهنها النساء المهاجرات في إيطاليا، ولكي نفهم سلوكنا نحن الإيطاليين، حيث يروننا بعين خارجية قلّما تخطئ"، كما يقول الصحافي دانييل باربييري.

في النهاية، رغم الآراء المتباينة في تصنيف نتاج هؤلاء الكاتبات، إلا أنه يبدو وكأن الجميع متفقون على أن النساء يملكن مهارة أكبر من الذكور في سرد قصص من الحياة، وبث مشاعر وعواطف شفافة وعذبة، يستقينها من ذلك المنبع الذي لم ولن ينضب، والذي تشكلت منه حضارتنا عبر مزيج هائل من مختلف التقاليد والثقافات لكافة شعوب الأرض.


*كاتب من سورية يقيم في ميلانو

 

(1) Looking through non Western Eyes. Immigrant Women’s Autobiographical Narratives in Italian – Graziella Parati – Dartmouth – New Hampshire.

(2) Gladys Basagoitia Dazza

(3) كوين هي فرقة روك موسيقية إنجليزية تشكلت عام 1970 في لندن بواسطة عازف القيثارة برايان ماي، والمغني فريدي ميركوري، والطبال روجر تايلور، وعازف الباص جيتار جون ديكون

 

 

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.